مازلت أشعر حتي الآن أنا وكثير من أبناء مصر أننا مازلنا في حلم منذ أن قامت ثورة 25 يناير وأسقطت نظاما لم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن يسقط بهذه السرعة بعد أن ظن أعضاؤه أن أعمارهم تختلف عن أعمارنا.. بل ظن كثير منهم أنهم سيخلدون!! وقد زاد الشعور بأننا مازلنا في حلم بعد أن شاهدنا حاليا ولأول مرة في التاريخ نظاما بأكمله أصبح في السجن كما قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية وسيسقط بقية ذيوله خلال ساعات. وأقول هذا أيضا بعد سقوط طاغية العهد البائد حسني مبارك فجر الأربعاء الماضي والأمر بحبسه 15 يوما علي ذمة التحقيق في عدة تهم أولها التحريض علي إطلاق الرصاص الحي علي علي المتظاهرين أثناء "ثورة 25 يناير" والذي أدي إلي مقتل قرابة ثمانمائة شخص وإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين، لكنني شاهدت حالة من الشعور بالسعادة والفرح بين كل أفراد الشعب بنجاح ثورة 25 يناير في محاكمة رموز هذا النظام الفاسد وفي مقدمتهم رئيس الدولة السابق المتهم أيضا بالاستيلاء علي المال العام واستغلال النفوذ والحصول علي عمولات ومنافع من صفقات مختلفة خاصة أنه كان يعيش هو وأسرته حتي لحظة القبض عليه في قصر "عظيم" بشرم الشيخ مبني علي الشعب المرجانية حصل عليه كهدية من صديقه حسين سالم الهارب حاليا ولم يثبت أن مبارك دفع فيه قرشا واحدا من أمواله الخاصة وإنما كان مقابل إطلاق يد سالم في تصدير الغاز والبترول والعمولات والسمسرة التي جمع من ورائها أموالا طائلة. لذا أقول لكل هؤلاء الفاسدين "منكم لله" بعد أن صدمتمونا جميعا بحجم فسادكم وقمتم بمص دماء شعبنا الغلبان الذي يعيش 80٪ منه تحت حد الفقر مقارنة بمستوي أبناء الدول الأخري وسرقتم قوته. أقول هذا بعد أن تابعت التحقيقات التي تجري حاليا مع صفوت الشريف مهندس تزوير كل شيئ في مصر مع تلميذه أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني. وقد كانا بالفعل مهندسي التوريث أيضا وتخصصا في إعداد العدة لكي "يرث" جمال مبارك مصر بعد أبيه. قرأت عن حجم قصور وممتلكات الشريف والسيارات والهدايا التي كان يتلقاها حتي في مناسبة عيد الأم من قيادات الصحف القومية التي كان يتحكم في تعيينهم لكونه رئيس المجلس المشبوه الذي يسمي "بالأعلي للصحافة" مقابل أن يتركهم في مناصبهم بعد وصولهم السن القانونية بالمخالفة للقانون.. قرأت عن نجله أشرف الذي كان موظفا بمرتب 1200جنيه شهريا عام 2002 وفي 8 سنوات فقط أصبح يملك 19 شركة ومئات الملايين من الجنيهات. أقول لكل هذه القيادات الفاسدة "منكم لله" لأنكم لم تشعروا بهذا الشعب الذي كنتم تحكمونه ولاتعرفون شعوره الآن عندما يقرأ عنكم كل هذا الفساد. وماذا سيقول عنكم المواطن البسيط الذي كان ومازال كل همه أن يوفر لأولاده بالكاد قوت يومهم؟ وماذا سيقول الشباب المتعطل عن العمل الذي ظل سنوات طويلة تصل إلي 16 سنة قضاها في التعليم وفي سهر الليالي لكن كان مصيره بعد ذلك هو الوقوف في طابور المتعطلين؟ وماذا سيقول أكثر من 10 ملايين مريض بالكبد حاليا لايجدون ثمن علاجهم ولم يفكر أحد من هؤلاء المسئولين السابقين في البحث عن أسباب هذا المرض ووقايتهم منه بعد أن أصبحت مصر صاحبة أعلي نسبة إصابة به في العالم كله أقول لكم جميعا أيها الفاسدون "منكم لله" لأنكم لم تكونوا أمناء علي هذا الشعب وسيكون مصيركم بلا شك في "مذبلة التاريخ"، ومن كل قلبي أحيي قواتنا المسلحة وقيادتها التي أوفت بوعدها في محاربة الفساد والفاسدين والوقوف مع الشعب وليست ضده منذ اللحظة الأولي للثورة، وتحية إلي شخصية لا يكفيها شكر مصر كلها الآن وهو سيادة النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود.