يشهد العالم نشاطات دولية متعددة الاوجه لمحاربة الفساد والتلاعب وهذه الظاهرة أخذت رواجاً في العقد الأخير، خصوصاً مع اطلاق مؤشر الانطباعات عن الفسادCPI) ) قبل عشرة اعوام الذي يعلن كل عام عن تصنيف أكثر من 150 دولة لنسب »تفشي الفساد« فيها، أو علي العكس »شفافيتها« حيث بلغ حجم الأموال التي يتم غسلها حول العالم أكثر من (2) تريليون دولار وذلك حسب تقرير صادر عن الاممالمتحدة في عام 2009 وهو ما يمثل ما بين (2 ٪ الي 5 ٪) من اجمالي الناتج القومي في العالم مما يشكل معه خطورة بالغة علي المستويات الاقتصادية والامنية والاجتماعية حيث تستحوذ الاموال القذرة علي (25 ٪) من اجمالي التعاملات المالية في الاسواق العالمية. وذكرت أنباء (شينخوا) نقلا عن تقرير لمنظمة الشفافية الدولية غير الحكومية ان 75 بالمئة من دول العالم "شديدة الفساد" خاصة الدول التي تواجه حروبا مثل العراق وأفغانستان. ووجهت المنظمة في دليلها للعام 2010 عن الفساد، تحذيرا إلي الحكومات، معتبرة أن الفساد يهدد جهودها لدعم الأسواق المالية ومكافحة الاحتباس الحراري والفقر. و بحسب التصنيف الذي أعدته المنظمة، حلت الدنمارك ونيوزيلندا وسنغافورة في طليعة البلدان التي تعتبر الأقل فسادا، بينما حلت أفغانستان وبورما في المرتبة قبل الأخيرة من اللائحة تليها الصومال. وأشارت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من برلين مقرا لها وتصدر لائحتها السنوية منذ عام 1995 إلي أن بعض البلدان مثل بوتان وتشيلي والإكوادور ومقدونيا وغامبيا وهايتي وجاميكا والكويت وقطر، قد حسنت نتيجتها منذ عام 2009. و في المقابل، ارتفع مؤشر الفساد في بلدان مثل جمهورية التشيك واليونان والمجر وايطاليا ومدغشقر والنيجر والولايات المتحدة، كما أفاد التقرير. وأكدت المنظمة أن 20 من البلدان الصناعية الست وثلاثين التي وقعت اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمكافحة الفساد والتي تحظر خصوصا دفع الرشاوي إلي موظفين أجانب، تبدي "عدم أو قلة حماس" لفرض احترام هذه الاتفاقية. ويشير تقرير أصدره البنك الدولي عن أوضاع الحوكمة في العالم في 2009 إلي أن كثيرا من الدول حققت تطورا في مكافحة الفساد خلال العقد الماضي. ويعتمد التقرير علي قياس ستة مؤشرات رئيسية، لتحديد وضع الدول محل الدراسة من حيث قدرتها علي محاربة الفساد، وتتمثل هذه المؤشرات في مدي مشاركة المواطنين في صنع القرار السياسي، الاستقرار السياسي وغياب العنف، كفاءة الجهاز الحكومي، جودة التشريعات المحلية، سيادة القانون، ومدي السيطرة علي الفساد. ويلقي التقرير الضوء علي التحدي الذي يواجه الدول الغنية والفقيرة علي حد سواء، نتيجة لغياب الحوكمة وعدم بذل الجهد الكافي لمكافحة الفساد في العالم.. حيث يربط بين تقليص الفساد وتحقيق نتائج أفضل من عملية التنمية. ويشير التقرير الي انه بالرغم من انتشار مظاهر تعارض المصالح والوساطة والمحسوبية في الوطن العربي، إلا أنه لا يتم حتي الآن التعامل معها قانونيا وإداريا علي أنها من مؤشرات الفساد، وأنها تتعارض مع المساواة في حقوق المواطنة مثل المساواة في الحصول علي الخدمات، والحق في التنافس الحر علي الوظائف. كما لا تتوفر دراسات معمقة حول مدي انتشار الظاهرة وخطورتها، وتحديدا تأثيرها علي ثقة الجمهور في نزاهة الجهاز الحكومي وفي مدي تمثيله لمصالح الجميع بدون تمييز.