كشفت احتفالات الأممالمتحدة باليوم العالمي لمكافحة الفساد عن أن الفساد له جذور عميقة في العديد من دول العالم, ورغم الجهود المكثفة التي يبذلها المجتمع الدولي للحد من ظاهرة انتشار الفساد فإن تلك الجهود مازالت في حاجة إلي دعم مستمر, خاصة أن حجم الأموال التي يتم غسلها حول العالم بلغ أكثر من2 تريليون دولار, وذلك حسب تقرير صادر عن الأممالمتحدة في عام2009 م, وهو ما يمثل ما بين2% إلي5% من إجمالي الناتج القومي في العالم, مما يشكل معه خطورة بالغة علي المستويات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية, حيث تستحوذ الأموال القذرة علي25% من إجمالي التعاملات المالية في الأسواق العالمية. ويشهد الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد نشاطات دولية متعددة الأوجه لتسليط الضوء علي جهود الحكومات في محاربة الفساد والتلاعب وظاهرة مكافحة الفساد وسعيها إلي كسب الرأي العام في مكافحته, وهذه النشاطات غالبا ما تستند إلي تقرير منظمة الشفافية العالمية الذي انطلق قبل عشرة أعوام ويصنف الفساد في أكثر من مائة وخمسين دولة كل عام. وذكر تقرير دولي أن أكثر من200 مسئول عن محاربة الفساد من أكثر من40 بلدا التقوا لأول مرة في مقر البنك الدولي بواشنطن ولمدة يومين, لبحث كيفية تسهيل إجراءات التحقيق مع الأطراف الفاسدة وملاحقتها أمام القضاء, بما في ذلك الأطراف التي مارست الغش والتدليس في مشروعات البنك الدولي. وقال تقرير للبنك الدولي إن من شأن اجتماع التحالف العالمي لملاحقة الفساد, الذي أسسه البنك الدولي قبل عامين, أن يمكن المسئولين من البلدان النامية من التفاعل مع نظرائهم من بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي, وتبادل المعلومات, والعمل نحو إنشاء نظام عالمي لإنقاذ إجراءات محاربة الفساد. وقال نائب رئيس البنك الدولي لشئون النزاهة ليونارد ماكرثي يحدونا الأمل في أن يؤدي التحالف العالمي لملاحقة الفساد إلي تسهيل التحقيقات التي نقوم بها, وإلي تعظيم أثرها في القضاء علي مخاطر الغش والفساد التي تؤثر علي موارد التنمية. وأشار إلي أن إجراءات مكافحة الفساد في إطار نظام عالمي هو أحد البنود المهمة, وتشكيل الإجراءات مثالين عن الحالات التي يمكن تعزيزها بمساندة من أعضاء التحالف في ضوء تأثير هذه الشبكة علي الصعيد الدولي, مضيفا كذلك أن إدارة مخاطر الاحتيال والفساد تشكل الآن إحدي السمات البارزة في أجندة مجموعة البنك الدولي المعنية بالحوكمة ومحاربة الفساد. وأضاف ماكرثي: لقد أرسي قرار مجلس العقوبات بعض القواعد شديدة الوضوح عقب تحقيق واسع النطاق أجراه مكتب نائب الرئيس لشئون النزاهة شمل عدة بلدان, لذا, يجب علي الشركات والأشخاص الذين يسيئون استخدام موارد التنمية إدراك أننا بالتعاون مع شركائنا سنصعد حربنا ضد الغش والفساد, وأنهم واقعون لامحالة تحت طائلة القانون. وأشارت دراسة صدرت أخيرا عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية حذرت من المحاولات الحثيثة للمنظمات والعصابات الإرهابية والإجرامية لتحويل منطقة الخليج إلي مركز لعملياتها المشبوهة بالاستفادة من حركة الانفتاح والاندماج الكبيرة التي تشهدها مع الاقتصاد العالمي, وما تتميز به من وجود مؤسسات مالية متقدمة ومتنوعة تمثل مصدر إغراء لغاسلي الأموال, فضلا عن وجود نحو20 مليون عامل أجنبي فيها معظمهم من دول منتجة للمخدرات في آسيا, مما يجعلهم مصدرا لعمليات تبييض الأموال. وأشادت الدراسة بالجهود المبذولة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي في التصدي لتلك الظاهرة من خلال مراقبة كل التدفقات المالية من خلال صندوق النقد والبنك الدوليين, ومن خلال التعاون القانوني عن طريق شبكة من الاتفاقات الدولية, سواء ثنائية أو جماعية. وأوضحت أن هذه الجهود تهدف لوضع الإجراءات الكفيلة بمكافحة غسل الأموال بدءا من مرحلة الإيداع إلي أن يتم فصل الأموال من مصدرها عن طريق استخدام عمليات التحويل السريع إلي بنوك خارجية, مما يصعب متابعتها ومكافحتها. وفيما كشف مؤشر إفريقي لمكافحة الكسب غير المشروع أن بوروندي هي الدولة الأكثر فسادا في شرق إفريقيا, بينما حلت كينيا التي تتصدر القائمة السنوية للمنظمة الدولية للشفافية للدول التي ينتشر فيها الكسب غير المشروع في المركز الثالث, وتضمنت الدراسة التي أجراها مؤشر الرشوة في شرق إفريقيا لعام2010 أن نسبة الرشوة بلغت في بوروندي36,7%, وفي أوغندا33%, بينما سجلت كينيا تحسنا, حيث وصلت نسبة الرشوة فيها إلي31,9% بعد أن كانت النسبة45% عام2009, وحلت تنزانيا في المركز الرابع بنسبة28,6%. ويتوقع أغلب سكان شرق إفريقيا أن تطلب منهم رشوة للحصول علي معظم الخدمات, وهم لذلك نادرا ما يبلغون عن مثل هذه الوقائع.. ويدرس المؤثر خمسة مقاييس وهي احتمالات مواجهة الرشوة ومدي تفشيها, وأثر الرشوة ومتوسط حجم الرشوة المدفوعة والقيمة الإجمالية للرشوة التي تدفع من إجمالي المبالغ التي دفعت لكل المؤسسات. ومن جهته, قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إن إدارته لم تحقق تقدما يذكر في محاربة الفساد منذ توليه السلطة قبل عامين, ووصف الفساد مرارا بأنه من أكبر المشكلات التي تواجه روسيا واستصدر تشريعا لمكافحة الكسب غير المشروع عقب توليه السلطة عام2008. ووضعت منظمة الشفافية الدولية, وهي منظمة غير حكومية مقرها برلينروسيا في المرتبة146 من بين180 دولة علي قائمة مؤشر الفساد التي أصدرتها في نوفمبر, وقالت إن قيمة الرشوة المدفوعة هناك تصل إلي نحو300 مليار دولار سنويا. وقال ميدفيديف أمام اجتماع ضم نوابا ومسئولين: تحركنا المناهض للفساد لا يسعد أحدا.. لا أعلم بأي نجاح يذكر في هذا الاتجاه.