بعد ثورة 52 يناير المجيدة اصبح من الضروري بل والحتمي ظهور خطاب اعلامي جديد يعبر عن احوال مصر الجديدة بالصوت والصورة ويرصد هموم الناس ويناقش قضاياهم ويفتش عن احلامهم وطموحاتهم من خلال مناخ صحي لا يعرف الخوف او الكراهية وتصفية الحسابات. .. وانطلاقا من هذا المفهوم يقدم ملحق »الفنون« روشتة علمية وضعها الخبراء المتخصصون في مجال العمل الاعلامي يحددون من خلالها افضل الطرق والاساليب لاطلاق شاشة جديدة للتليفزيون خلال المرحلة المقبلة في البداية يقول الاعلامي الكبير امين بسيوني ان الاعلام لم يعد محليا ولكنه الآن يعيش عصر الفضاء ويتحدث للدنيا كلها وشبكة الانترنت تغطي العالم كله وتجعل منه قرية صغيرة اذن اصبح من الضروري ان نواجه المنافسة العالمية بمصداقية الكلمة والصورة حتي تطابق الرسالة الاعلامية من حيث الشكل والمضمون. ويضيف امين بسيوني: ينبغي ان تكون برامج التليفزيون تتضمن ما يغذي العقل والقلب ويحفظ المباديء والاخلاق دون استخدام لغة الاثارة فيما يصدر عن خطابها الاعلامي الذي يمثل اجهزة الدولة أو حتي فيما تقدمه الشاشات الخاصة لاننا في النهاية كلنا مصريون ووطنيون. والاعلام الآن اشبه بالبوفيه المفتوح امام الناس به كل ما يرضي المشاهدين وهم عن طريق الريموت كونترول ينتقون الاطباق والوجبات الغذائية التي تشبع الفكر والوجدان بشرط ان تكون صادقة فيما تنقله من حيث الشكل والمضمون فالنجاح الاعلامي يعتمد الآن علي مصداقية الكلمة والصورة وليس علي افكاره والفهلوة في تزييف حقائق الاشياء. الإعلام الحر النزيه وتري د. مني الحديدي الاستاذ بكلية الاعلام بجامعة القاهرة ان الاذاعة والتليفزيون وسيليتين زائعتي الانتشار ولابد ان يقوم الاعلام المرئي والمسموع علي اسس مهنية واخلاقية ولابد ان يعتمدان علي الاعلام الحر النزيه بصرف النظر عن الجهة المالكة للراديو او التليفزيون حتي لا يتحولان الي ابواق للدعاية أو مساندة الحاكم او اي حزب من الاحزاب فلابد ان تكون الممارسة مهنية بحتة. وينبغي للتليفزيون ان يهتم بالاجندة الحقيقية للمجتمع وتطويره بدلا من تضليل الناس بأعمال درامية سطحية أو بالاغاني المتدنية او البرامج الضعيفة. وتؤكد د. مني الحديدي ان يعبر الاعلام المرئي والمسموع عن حجم الثورة وتطلعاتها واهدافها لانها حققت حلم الشعب بفضل سواعد شباب الامة ومن هنا لابد ان يساير التليفزيون وكل وسائل الاعلام العصر بما يسمي الاعلام التفاعلي بحيث يكون للمواطن ايا كان موقعه صوت مسموع وان يراقب كل ما يحدث علي ارض الواقع ايجابيا أو سلبيا. وتتطلع د. مني الحديدي الي قيام التليفزيون بدور محوري وحيوي علي الساحتين الداخلية والخارجية حيث لم يكن لنا خطاب اعلامي موجه لدول العالم. تشكيل العقل المصري ويحدد د. عدلي رضا استاذ الاعلام ورئيس قسم الاذاعة والتليفزيون بكلية الاعلام جامعة القاهرة عدة مباديء ينبغي توافرها في شاشة التليفزيون المصري خلال المرحلة المقبلة وهي ان تأتي برامجه معبرة عن قضايا كل شرائح المجتمع بكل فئاته لان تتسع قاعدة المشاركة الجماهيرية في البرامج بحيث يصبح التليفزيون منبرا شعبيا. ويجب ان تساهم البرامج في تشكيل العقل المصري والارتفاع بالذوق العام لدي الافراد وان تبتعد البرامج عن كل ما هو تافه وهابط وسطحي. ويضيف د. عدلي رضا لابد ان تكون برامج التليفزيون تعبيرا عن قضايا الشعب المصري بعد ثورة شبابه في 52 يناير وان تناقش هذه القضايا بصراحة ليس فيها نفاق وهذا لن يتحقق الا من خلال تطوير لغة الخطاب الاعلامي حتي يكتسب المصداقية عند الناس وان يلتزم بالتوازن في تناول الجوانب الايجابية والسلبية في المجتمع. التوك شو الاستفزازي ويطالب الرائد الاذاعي القدير فهمي عمر بأن تكون برامج التليفزيون المصري في المستقبل بعيدة عن ما يسمي ببرامج التوك شو الاستفزازية التي تثير مشاعر المشاهدين باسلوب لا علاقة به بمفردات العمل الاعلامي. ولابد ان يتسم الحوار في برامج التليفزيون الجديد بأدب الحوار وعدم فرض اراء مسبقة علي الضيوف والا يتعالي مقدمو البرامج علي ضيوفهم بنجومية زائفة علاوة علي اهمية ان تكون الشاشة الصغيرة تعبيرا صادقا عن كل ما تجري علي ارض مصر وهذا لن يتحقق الا باتباع آليات مهمة تتلخص في نزول الكاميرا لتعيش بين الناس في الشارع ولا تنفصل عنهم وان تظل متواجدة معهم علي الحلوة والمرة في الشارع. ويضيف فهمي عمر لابد ان تشهد برامج التليفزيون في المرحلة المقبلة ارتفاعا في سقف الحرية مع الالتزام بميثاق الشرف الاعلامي ولا يكون رقيبا علي عمل اصحاب البرامج سوي ضميرهم المهني. ويؤكد فهمي عمر علي اهمية المساواة في الاجور بين اصحاب البرامج الاذاعية والتليفزيون فالجميع في النهاية يعملون داخل مظلة اتحاد الاذاعة والتليفزيون وعدالة الاجور يترتب عليها ارتفاع مستوي البرامج المرئية والمسموعة. أحوال البسطاء وتتحدث الاعلامية الكبيرة فاطمة فؤاد نائب رئيس التليفزيون السابق عن اهمية ان تهتم برامج التليفزيون في المستقبل باحوال المصريين البسطاء ومنحهم الفرصة للتعبير بحرية وصراحة عن مشاكلهم وافكارهم دون مصادرة الرأي الآخر كما كان يحدث قبل ثورة 52 يناير فهذا اصبح ممنوعا الآن ولا يليق مع المتغيرات التي يعيش وقائعها مع الجيل الجديد. ويضيف فاطمة فؤاد انها تتمني اختفاء برامج المنوعات السطحية وان تحل بدلا منها برامج تقدم للمشاهد المتعة والفن والفكر وان يشعر المشاهد بالصدق فيما يشاهده علي شاشة تليفزيون بلده وان يشارك في تقديم كل هذه البرامج المذيعون الجدد والقدامي فمن غير المعقول ان يحال الاعلامي المبدع علي المعاش فلابد من المزج بين الاجيال فالماضي والحاضر اساس الانطلاق الي المستقبل. وتناشد فاطمة فؤاد القيادات الاعلامية ان تعيد هيكلة الانتاج الدرامي خلال المرحلة المقبلة فمن غير المعقول ان يستهلك الانتاج الخاص بالمسلسلات كل ميزانية اتحاذ الاذاعة والتليفزيون كما حدث في العام الماضي فاصيب المشاهدون بالتخمة بلا مبرر! ننتظر شاشة صادقة ويقول د. حسن عماد مكاوي وكيل كلية الاعلام بجامعة القاهرة لابد ان تعبر شاشة التليفزيون التي ننتظرها في الفترة المقبلة عن ضمير الأمة بجانب ضرورة ان يكون لهذا الجهاز الاعلامي الخطير مراسلين في جميع انحاء العالم كما يحدث في القنوات العربية والأجنبية. ويضيف د. حسن عماد انه يتمني ان يكون مذيعين ينتمون لمبني التليفزيون لتقديم البرامج الحوارية دون الإستعانة بخبرات من خارج مبني ماسبيرو وان يراعي إستخدام مفردات البيئة المصرية في ديكورات البرامج المختلفة. تدفق المعلومات ويستعرض المخرج الكبير محمد رجائي نائب رئيس التليفزيون الاسبق افكاره التي يتمني ان تساهم في شكل شاشة التليفزيون خلال المرحلة المقبلة ويري ان يهتم القائمون علي مسئولية البرامج بنوعية ما يعرض من برامج ثقافية تخاطب عقول المشاهدين بالمتغيرات الجديدة علي الساحة السياسية بعد ثورة 52 يناير التي احدثت زلزالا في المنطقة العربية كلها وليس في داخل مصر فقط ويضيف محمد رجائي ان التليفزيون مطالب في المرحلة المقبلة بتدفق المعلومات وعدم حجبها عن الناس حتي لا يبحثون عنها في اماكن اخري ولابد ان ترتقي برامج الشاشة الصغيرة والسهرات بالذوق العام وان يتم اعداد تخطيط جيد لكل احتياجات الشاشة من برامج وافلام ومسلسلات وسهرات مع عدم اهمال لغة الخطاب الموجه لاطفالنا وكفي اهمالا لهم وياليتنا نبتعد عن الاعمال الكرتونية المستوردة التي لا تعبر عن الاطفال ولا علاقة لها بالبيئية التي نشأوا فيها حيث اكتسبوا عادات وتقاليد شرقية تعبر عن حضارة اجدادهم. ويختتم محمد رجائي حديثه بقوله يجب ان ننظر الي التليفزيون علي انه صاحب دور ورسالة ثقافية وليس جهازا للترفيه فقط فالترفيه مطلوب ولكن الثقافة مطلوبة ايضا لبناء الانسان. إنتهي عصر النفاق وبلغة حاسمة جادة يطالب د. محمود يوسف رئيس قسم العلاقات العامة والاعلام بكلية الاعلام بجامعة القاهرة ان تخلو شاشة التليفزيون في المستقبل من كهنة النظام السابق الذين كانوا يظهرون ليل نهار في مختلف البرامج لان المشاهد لن يحترم هؤلا"ء اذا ما ظهروا مرة اخري يتحدثون عن ثوار 52 يناير لان ايمانهم بالثورة سوف يكون مصطنعا وياليت التليفزيون يركز في خريطة برامجه المقبلة علي القيم والمباديء التي يحتاج اليها الناس والتي تتفق مع خطابنا الاعلامي الجديد حيث انتهي عصر النفاق والظلم وجاء فجر يوم جديد يتطلب التنوع في تقديم افكار متميزة تحمل معاني سامية وتعكس المطالب الحقيقية الي فجرها ثوار شباب 52 يناير فهم مستقبل هذه الامة. الاهتمام بالقيم المهنية وتطرح د. حنان يوسف استاذ الاعلام بجامعة عين شمس رأيها في شكل شاشة التليفزيون خلال المرحلة المقبلة فتقول انها تتمني ان تري البرامج التي تعكس طبيعة المجتمع المصري بكل تياراته الفكرية بموضوعية وحيادية وان يهتم اصحاب هذه البرامج بالقيم المهنية في تغطية الاحداث ليصبح الاعلام المصري قاطرة نحو التنوير ونشر الوعي للمواطن ويحميه من الانزلاق الي الفوضي الفكرية فالحرية لا تعني الفوضي ولكنها تعني المسئولية. وتطالب د. حنان يوسف بضرورة افساح المساحة اللازمة في برامج التليفزيون للحديث عن دور مصر المحوري عربيا واقليميا وعالميا خاصة بعد ان تغيرت صورة مصر السياسية عقب ثورة 52 يناير. الاستفادة بمناخ الحرية ويلخص د. صفوت العالم الاستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة وجهة نظره في شكل شاشة التليفزيون خلال المرحلة المقبلة فيقول لابد من احترام الرأي العام في لغة الخطاب الاعلامي الذي تطرحه برامج التليفزيون والاستفادة بمناخ الحرية في تقديم الرأي والرأي الاخر حيث لم يعد التليفزيون ملكا لفئة معينة دون غيرها من الفئات الاخري التي لم يسمح لها بالظهور علي شاشة تليفزيون بلدها. ويقول د. صفوت العالم لابد من الاستفادة من التطور التكنولوجي في صناعة برامج ناجحة اعدادا وتقديما واخراجا وياليت العمل خلال المرحلة المقبلة بنظام فريق العمل الواحد الذي يتصدي لتقديم الملفات الجماهيرية في مختلف البرامج التي تناقش قضايا الناس وتحديدا ما هو خاص بالشباب. ويطالب د. صفوت العالم بضرورة اعادة تأهيل وتدريب كل الاطقم الفنية والادارية في التليفزيون حتي يتمكنوا من تقديم نوعية متميزة ومتطورة من البرامج المحترمة التي تخاطب العقول المستنيرة.