قال د. شوقي علام مفتي الجمهورية إن الصدقة علي الفقير أولي من تكرار فريضة الحج، مشيرا إلي تغليب المنفعة العامة علي الشخصية، وأوضح مفتي الديار المصرية أن شراء الهدايا إرهاق غير مطلوب للحاج غير القادر، ومستحب للمستطيع ماليًا، مؤكدًا أن الغرض من الفريضة أداء المناسك وليس شراء الهدايا. وأكد في حواره ل » أخبار اليوم» أن دار الإفتاء تبذل جهودًا كبيرة من أجل مساعدة الحجاج وتوصيل الجانب الفقهي الصحيح لهم فيما يخص الفريضة وتتواصل معهم بالتقنيات الحديثة عبر الخط الساخن والبرامج الذكية. وعن توحيد رؤية هلال الشهور القمرية، قال إن هذا الأمر طرح للنقاش أكثر من مرة، مشيرا إلي أن مشروع القمر الإسلامي لرصد أوائل الشهور القمرية قطع شوطًا كبيرًا في مراحل تنفيذه.. رغم ما يواجهه من معوقات مالية، واعتراض بعض المتشرعين علي استخدامه، مفضلين رؤية الهلال بالعين المجردة.. وأوضح أن القمر الصناعي سيسهل الأمر تمامًا. واستبشر »علام» بقانون تنظيم الفتوي، مؤكدًا أنه سيضبط الفتوي ويحميها من اجتراء غير المتخصصين عليها. خط ساخن للرد علي ضيوف الرحمن الحج أداء للمناسك وليس لشراء الهدايا تكرار أداء فريضة الحج أصبح من الظواهر في السنوات الأخيرة -رغم ارتفاع تكاليفه -فهل يعتبر ذلك نقصا في التوعية الدينية السليمة وكيف ننشر ثقافة الحج لمرة واحدة ؟ - العبادات لها أحكام كثيرة، والحج من العبادات التي تهفو إليها الأنفس، ولكن المسلم كيس فطن كما قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم، لذا عليه أن يكون مدركًا لما حوله من أمور.. فإذا تكاثرت الحقوق وتزاحمت واشتدت الحاجة إلي أموال الأغنياء لمواساة الفقراء ونجدة المحتاجين، وكانت نفقات الحج والعمرة بحيث لو أُنفِقَت علي الفقراء لقامت بكفايتهم وغيرت أحوالهم من الفقر إلي الكفاية، فإن أحب النفقة إلي الله تعالي حينئذ هو ما كان أنفع للناس وأجدي في صلاح أحوالهم وإنعاش اقتصادهم. والصدقة علي الفقير وكفايته أولي من نافلة الحج والعمرة، لأنها عبادة متعديةَ النفع، وذلك بخلاف حج التطوع وعمرة التطوع؛ فنفعهما مقصور علي صاحبهما، وقد راعي الشرع الإسلامي ترتيب الأولويات، فأمر عند التعارض بتقديم المصلحة المتعدية علي القاصرة، والعامة علي الخاصة، والناجزة علي المتوقعة، والمتيقنة علي الموهومة. فبدلًا من تكرار الحج من الممكن أن يقدم المسلم السعادة بماله لأسر فقيرة، وهذا قد يكون أفضل من تكرار الحج، حيث إن فائدة الحج المكرر فائدة شخصية، بينما مساعدة الغير بمال الحج المكرر يكون فائدة متعددة. يتكبد كثير من الحجاج ثمن هدايا أثناء عودتهم فما التصرف الأمثل لإنفاق الحاج خلال هذه الرحلة الروحانية وكيف يتم توعية الناس بها ؟ - الحج يكون للمستطيع الذي يجد نفقة سفره ونفقة أهله خلال فترة الحج، والكثير من الناس يكلفون أنفسهم ما لا يطيقون من أعباء مادية وغيرها من أجل جلب الهدايا من الحج، وهو أمر جيد إن لم يترتب عليه مشقة مادية أو بدنية للحاج، لأن الغرض من الحج أداء المناسك وليس شراء الهدايا. هل يجوز الحج بالقرض الحسن ؟ - الحج في الأساس فرض علي من استطاع إليه سبيلًا، أما من لم يستطع فهو غير مكلف بالحج حتي يستطيع ذلك. ومع هذا يجوز الاقتراض من أجل أداء فريضة الحج ولكن الله تعالي لم يكلفنا بذلك حيث قال تعالي: » لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» والحج يكون لمن استطاع اليه سبيلا، فمن لم يستطع فلا يذهب الي الحج. الحج عن الميت ماحكم من حج عن ميت رغم ان الميت لم يوص بالحج عنه.. فهل تجزئ الحجة عنه أم تحتسب لمن أداها ؟ - فريضة الحج من العبادات التي تقبل الإنابة فيها عن الغير؛ فلقد روي عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي رزين العقيلي رضي الله عنه: أَنَّهُ أَتَي النَّبِيَّ صلي الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلا الْعُمْرَةَ وَلا الظَّعْنَ. قَالَ: »حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» رواه الترمذي وأبو داود. يشترط فيمن يحج عن غيره أن يكون قد حج أولًا عن نفسه ثم يحج عن غيره؛ ففي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وآله وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ: »مَنْ شُبْرُمَةُ؟» قَالَ: أَخٌ لي أَوْ قَرِيبٌ لي، قَالَ: »حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: لا، قَالَ: »حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» رواه الترمذي. وبالتالي فإنه يجوز الحج عن الميت الذي لم يحج وهو عملٌ جائزٌ مؤجرٌ عليه إن شاء الله تعالي وأنه لا حرج في ذلك قطعًا؛ ولقوله صلي الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه وآله وسلم قَالَ: »إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَة جَارِيَة، وَعِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ» رواه الترمذي. الصكوك في الميزان بعد تجربة صكوك الأضحية.. ما تقييم فضيلتكم لهذه التجربة؟ وهل لديكم أية ملاحظات لتحسبنها؟ - صكوك الأضحية من الأمور الجديدة التي أصبح كثير من الناس يلجأون إليها حتي يضمنوا أداء هذه السنة علي أكمل وجه، والصك نوعٌ من أنواع الوكالة، وهي جائزةٌ في النيابة عن الذابح في الأضحية، ويجب علي الوكيل -وهو البنك في هذه الصورة- أن يراعي الشروط الشرعية للأضحية: مِن سِنِّها، وسلامتها، ووقتها الذي يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحي إلي مغرب آخر يوم من أيام التشريق -وهو رابع يوم العيد: الثالث عشر من ذي الحجة-، وأن يتم توزيعها علي المستحقين، وألا يأخذ الجزار منها أجره، إلي آخر الشروط الشرعية المرعية في هذا المقام. ويمكن لمن صَعُبَ عليه إقامةُ سُنة الأضحية بنفسه أن يُنيب عنه البنك عن طريق ذلك الصك، وعلي البنك عمل ما يلزم لاختيار الأضاحي وذبحها وتوزيعها طبقًا للأحكام الشرعية. ودار الإفتاء أجازت »صك الأضحية» أو مشروع الأضاحي لمن يصعب عليهم إقامة سُنَّة الأضحية بأنفسهم، كمن لا يجدون حولهم من يوزعون عليهم لحوم الأضاحي من الفقراء والمساكين، أو من يكون سكنه غير ملائم لعملية الذبح، أو من يكون الوقت معه غير كافٍ لاتمامها أو من يتعذر عليه ذبح أكثر من أضحية في مكان إقامته، وغير ذلك من الأسباب التي كثرت في عصرنا. قمر صناعي للرؤية هل من الممكن توحيد الرؤية الشرعية لأهلِّة الشهور العربية بمرصد عالمي حتي يتوحد يوم بدء صوم رمضان وتحديد يوم عرفة في هذه البلاد؟ - مسألة توحيد الرؤية الشرعية لأهلة الشهور العربية من الأمور التي طرحت للنقاش مرات عديدة، والقضية المتعلقة باختلاف المطالع اختلف فيها العلماء في اعتباره من عدمه في خصوص ما يترتب علي رؤية الهلال في أحد البلدان؛ من وجوب الصوم أو الفطر علي غيرها التي لم يُشاهَد فيها الهلال. فذهب بعض الفقهاء إلي أنه لا عبرة باختلاف المطالع؛ بمعني أنه إذا رأي الهلالَ أهلُ بلدٍ ولم يره أهلُ بلدٍ آخر وجب عليهم أن يصوموا برؤية أولئك كيفما كان. وذهب آخرون إلي أن هلال رمضان إذا شوهد في بلد ولم يُرَ في غيره؛ فإِنْ تقارب البَلَدَان فهما كالبلد الواحد، ويَلزمُ أهلَ البلد الآخر الصومُ، وإن تَبَاعَدَا فلا يجب الصوم علي أهل البلد الآخر. أما عن القمر العربي الإسلامي المقترح لرصد هلال أوائل الشهور القمرية فهو مشروع قَطَعَ مرحلة كبيرة من مراحل تنفيذه، أُجرِيَت له دراسات جادة وتم الاتفاق علي كثير من جوانبه، ويتم الآن الاكتتاب له، حتي يضمن التمويل اللازم لإطلاق عدة أجيال من هذه الأقمار، ويتم رصد الهلال بهذا القمر عن طريق تليسكوب محمول علي ظهر القمر الاصطناعي. ويوجه هذا التليسكوب في يوم التاسع والعشرين من الشهر العربي إلي أفق الرؤية، الذي يجب أن ينطبق علي أفق رؤية الراصد علي سطح الأرض بعيدًا عن السحب والموانع الجوية المختلفة، فإذا كان الهلال موجودًا فوق الأفق يتم إرسال صورته إلي شاشات التلفاز العادية، وبذلك يراه كل المشاهدين رَأْيَ العين، ويقطع القمر الصناعي دورته حول الأرض في حوالي ساعة ونصف الساعة، يقضي جزءًا منها علي أفقِ كثيرٍ من الدول العربية والإسلامية بعد الغروب بما يتيح رؤية الهلال الطبيعي علي شاشات تلفازاتها. ويعوق تنفيذ هذا المشروع عاملان أولهما : علمي.. وهو عدم حل مشكلة اختلاف المطالع، والثاني: داخلي، حيث يصر بعض المتشرعين علي عدم استخدام التقنيات الحديثة، ويصرون علي الرؤية البصرية بالعين المجردة، وهو ما يمثل شرخًا في جدار توحيد كلمة المسلمين.. وندعو الله العلي القدير أن يوحد كلمة المسلمين، وأن يجمع شملهم علي الحق. هل صدور قانون تنظيم الفتوي سيضبط الفتوي عبر وسائل الإعلام وهل ترون أن هناك خطوات يجب أن تتم بالتوازي للحفاظ علي الفتوي من اجتراء غير المتخصصين؟ - بالطبع.. هذا القانون من القوانين المهمة، لأنه عندما سيصدر سيتم حل العديد من المشكلات التي تطرأ علي الساحة من ضمنها تنظيم الفتوي ومن يتصدر للفتوي في مصر، لأن خطورة الإفتاء لا تقف عند القول فقط وإنما أصبح لها آثار كبيرة في المجتمع فالقانون سيتصدي للمفتيين المجهولين، وللمتحدثين غير المعتمدين، وسيشرف الأزهر ودار الإفتاء بشكل مباشر علي تنظيم أمور الفتوي بمصر. ما جهود دار الافتاء المصرية في موسم الحج ؟ - أنشأت الدار خطًّا ساخنًا للإجابة والرد الفوري عن أسئلة وفتاوي المواطنين المتعلقة بأحكام المناسك، لمدة ثلاث ساعات يوميًّا من الثانية عشرة والنصف ظهرًا إلي الثالثة والنصف عصرًا دون الحاجة إلي تسجيل السؤال والانتظار للحصول علي الإجابة المطلوبة، بالإضافة إلي تطبيق دار الإفتاء علي الهواتف الذكية، وتوزيع كتيبات تشرح مناسك الحج والعمرة بالصور. كما أطلقنا في دار الإفتاء العام الماضي تطبيقًا علي الهواتف الذكية لاستقبال فتاوي الناس في مختلف الأمور من جميع دول العالم، بما في ذلك الأسئلة المتعلقة بالحج والعمرة استكمالاً لمسيرة دار الإفتاء لتذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفتين علي إجابات لفتاويهم من ذوي الخبرة والتخصص، بالإضافة إلي توفير خدمة الفتوي عن طريق المقابلة الشخصية والبريد العادي والفاكس والهاتف والإنترنت من خلال موقع دار الإفتاء. هذا فضلًا عن إصدار دليل إرشادي يضم الفتاوي الدينية المتعلقة بفقه الحج والعمرة، يحتوي علي الإجابات الشرعية عن أهم الأسئلة التي وردت إلي الدار. ويتم توزيع هذا الدليل مجانا علي ضيوف الرحمن، وفي صالات السفر والموانئ، وعبر شركات السياحة المصرية؛ لتقديمه إلي المسافرين ليطلعوا منه علي الكيفية الصحيحة لأداء الفريضة بثماني لغات عالمية؛ هي: العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والأردو والمالايو والتركية والروسية.