لم يعترض عمرو موسي علي القول بأن السوق العربية المشتركة كانت ومازالت حلماً، لكنه اعترض علي القول بأن هذا الحلم غير قابل للتحقيق.ولم يكتف أمين عام الجامعة العربية بالتأكيد علي قابلية هذا الحلم ليكون حقيقة واقعة بل انه كرر هذا التأكيد بالقول ان هذا الحلم اقترب كثيراً من ان يكون »علم« اي واقع ملموس وان كان ذلك سوف يستغرق سنوات أشار اليها بالقول انها عشر سنوات. »حلم« ولا »علم«؟! ذلك هو السؤال الذي أثاره مجلس الأعمال المصري الكندي برئاسة المهندس معتز رسلان والذي اصطحب معه ثلاثة من كبار رجال الاعمال والقانون والمال هم د.طاهر حلمي رئيس منتدي قادة الأعمال المصري الأمريكي ومعتز الألفي رئيس مؤسسة الألفي وحسين شبكشي رئيس مكتب حسين شبكشي للاستشارات والدراسات.. محمود سالم اصطحبهم معتز رسلان ليطرحوا رؤيتهم قبيل حديث عمرو موسي عن الرؤية المستقبلية للعالم العربي في ضوء التكتلات الاقتصادية التي تنشأ بين العديد من دول العالم مثل السوق الأوروبية المشتركة ومجلس التعاون الخليجي واتفاق النافتا بين دول امريكا الشمالية. »حلم« ولا »علم«؟! سؤال يرتبط بالسوق العربية المشتركة وهل حان وقت قيامها.. وهل عوامل اللغة والتاريخ والجوار هي عوامل مساعدة ام ان السياسة والحساسيات التاريخية تقف عائقا امام هذا الحلم؟!. تساؤلات طرحها معتز رسلان امام الجميع بداية من امين الجامعة مروراً برجال المال والأعمال وانتهاء بحشد كبير من السياسيين والاقتصاديين وسفراء العديد من دول العالم بالقاهرة الذين جاءوا للاستماع الي رجل يحمل ملفاً يكتظ بالقضايا الصعبة. والحقيقة ان عمرو موسي امتص غضب ووجهات نظر رجال الاعمال وكانت اشدها من حسين شبكشي الذي بدا غير متفائل عندما قال ان السوق العربية المشتركة هي مسألة غير قابلة للتحقيق مشيراً الي ان ما يبني علي السياسة لا يمكن تحقيقه! واضاف ان فكرة التغني بالسياسة والشعارات لا يمكن ان يؤدي الي شيء! وضرب امثلة لأمور غير طبيعية مشيراً الي ان تكلفة شحن طن الورق من السويس الي جدة يتكلف اكثر من تكلفة شحنة مماثلة من ميناء مونتريال الي ميناء جدة! وقال ان حجم تجارة مدينة حلب السورية مع تركيا اكبر بكثير من حجم تجارة سوريا كلها مع سائر الدول العربية! يريد شبكشي القول ان امر السوق العربية هو مجرد افراز سياسي بعيد عن مقومات السوق!. نفس الشئ تقريباً اشار اليه معتز رسلان الذي عاد بالزمان الي الوراء عشرات السنوات عندما قال ان الاوضاع الاقتصادية التي كانت سائدة بين الدول العربية في الستينيات كانت افضل مما هي عليه الآن وقال انه عمل بالكويت بعد 7691 وكانت عمليات التجارة مع العراق او لبنان او سوريا تتم دون عوائق.. ولكننا صحونا من النوم لنجد كماً هائلاً من العقبات!. تحديات صعبة أما د.طاهر حلمي فقد تطرق للقضية من زاوية وجود تحديات عديدة وتساءل: لماذا لم نحقق ما نصبو إليه؟ ورد مشيراً إلي دراسة أعدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية أكدت أهمية وجود إرادة سياسية لتحقيق ذلك مع وجود حوافز سياسية واقتصادية وقال اننا نواجه تحديات ضخمة ما بين بطالة 41٪ علي المستوي العربي مقارنة بنحو 6٪ عالمياً، بجانب ندرة مياه حيث نصيب الفرد العربي حوالي 0081 متر مكعب مقابل 8 آلاف متر عالمياً كل سنه.. بالاضافة الي فجوة تتمثل في استيراد الدول العربية لأكثر من نصف احتياجاتها الغذائية.. هذا مع ارتفاع مستوي الفقر وحجم تجارة بينية 8٪ فقط من حجم تجارة العرب مع الخارج وقال د.طاهر حلمي ان هذه التحديات رغم صعوبتها فإن مواجهتها ممكنة ولكن بشرط اعداد إنسان عربي حر ومتعلم ومنفتح علي العالم ويستطيع التعامل مع نظام العولمة الجديد .. وبشرط قدر أكبر من الشفافية سواء من جانب الحكومات او القطاع الخاص!. وقال: لابد من تعاون عربي اكثر عمقاً وليس سطحياً.. فالعالم لا يحترم سوي القوة والنجاح. ليست »عاطفية« امتص عمرو موسي كل هذه الأقوال مع عدم اعتراضه علي ان السوق العربية مازال حلماً يداعب الجميع وبشر هؤلاء وهؤلاء بأن الحلم اقترب من ان يصبح واقعاً، مشيراً الي تحقيق الربط الكهربائي العربي وبدء مشروع ربط شبكات الغاز وكذا التخطيط لانشاء طرق حرة وسكة حديد مع تنفيذ منطقة التجارة العربية الكبري وقرب تحقيق الاتحاد الجمركي العربي عام 5102 ينتهي بسوق عربية مشتركة عام 0202. واضاف مشيراً الي انه ليس خطأ المطالبة بسوق عربية فالقومية والشعور الوطني ليس سبة واشار عمرو موسي الي ما تحقق بشأن زيادة حجم التجارة البينية وكذا الاستثمارات المشتركة وحركة الأسهم المتداولة بالبورصات العربية وطرح امين عام الجامعة سؤالاً: لماذا لم تتم السوق؟ ورد قائلاً: لأننا لم نكن جادين فالدول العربية كانت منقسمة ما بين دولة اشتراكية وأخري رأسمالية.. وقال: عندما نتحدث عن السوق العربية المشتركة فاننا نتكلم عن شيء حقيقي بدأ يظهر في الواقع وصولاً الي صرح اقتصادي عربي. باختصار اراد عمرو موسي القول بأن هناك »شغل« اقتصادي.. وليس مجرد شعارات فقط.. هذا »الشغل« هدفه تحقيق الحلم الذي داعب العرب اكثر من نصف قرن!.