رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    تراجع سعر طن حديد عز والاستثماري وارتفاع سعر الأسمنت بسوق مواد البناء الخميس 4 يوليو 2024    فلسطين.. اندلاع مواجهات عنيفة عقب اقتحام قوات الاحتلال المنطقة الجنوبية لمدينة الخليل    كراكاس: فنزويلا والولايات المتحدة تتوافقان على "تحسين العلاقات"    نجم الزمالك السابق: هناك عناد من الأهلي وبيراميدز ضد المنتخب الأولمبي    بعد رفض الأهلي.. نجم الفريق يطلب اللعب في الأولمبياد (خاص)    هيثم عرابي: هدفنا التواجد بالمربع الذهبي.. وهذه حقيقية تعاقد الزمالك مع جوناثان    أصعب 24 ساعة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الخميس: ذروة الموجة الحارة (التفاصيل)    إجراء تحليل مخدرات لسائق ميكروباص تسبب في سقوط 14 راكبا بترعة بالصف    انتهى الخلاف بطلقة.. تحقيقات موسعة في مصرع شاب إثر مشاجرة بالواحات    تكليف لميس حمدي مديرًا لمستشفى طلخا المركزي بالدقهلية    الجمعية العربية للطيران المدني تزكي الكويت عضوا بمجلسها التنفيذي للمرة الثالثة على التوالي    سعر الأرز الشعير اليوم الخميس 4 يوليو 2024 في جميع الأسواق المحلية    خاص| مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية يكشف هدف دمج الوزارات بالحكومة الجديدة    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    الكويت: ضبط مواطنين منضمين لتنظيم محظور يهدف لهدم نظم البلاد    حماس: إسماعيل هنية أجرى اتصالات مع الوسطاء في مصر وقطر بشأن أفكار تهدف لوقف إطلاق النار    لبنان.. قصف إسرائيلي يستهدف خراج بلدة السريرة بمنطقة جزين جنوبي البلاد    بايدن: أنا زعيم الحزب الديمقراطي.. لا أحد يدفعني للرحيل    وزيرا خارجية أمريكا وأوكرانيا يبحثان تعزيز الدفاع الجوي لأوكرانيا    وزير الخارجية الأرميني: مستعدون لتطبيع العلاقات بالكامل مع تركيا وفتح الحدود    عمرو خليل: اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة على أساس الكفاءات والقدرة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. اللواء علاء عبدالمعطي يؤدي اليمين الدستورية كمحافظًا لكفر الشيخ    أول تصريح لمحافظ الأقصر الجديد: نعزم على حل المشكلات التى تواجه المواطنين    بسبب المنتخب الأولمبي.. هل يتم تأجيل الدوري المصري؟    النصيري على رادار أحد الأندية السعودية    جمال الغندور: كرة زيزو في مباراة المصري لم تتجاوز خط المرمى    موعد مباراة الأرجنتين والإكوادور اليوم في ربع نهائي كوبا أمريكا والقنوات الناقلة    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    في أول يوم عمل له.. محافظ الشرقية يتفقد شوارع بلبيس والزقازيق عقب أدائه اليمين الدستورية    وزير الزراعة الجديد: سنستمكل ما حققته الدولة وسأعمل على عودة الإرشاد الزراعي    «مستقبل وطن»: تشكيل الحكومة الجديدة متناغم وقادر على إجادة التعامل مع التحديات    الجانى مجهول.. إصابة شخص ونجله بطلق ناري حي ببنى سويف    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    فحص نشاطها الإجرامي.. ليلة سقوط «وردة الوراق» ب كليو «آيس»    مصرع طفل غرقا داخل نهر النيل بقنا    المشدد 10 سنوات لطبيب بتهمة الاتجار في المخدرات بالدقي    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    خبراء ل قصواء الخلالى: منصب الوزير الآن لم يعد ببريقه قبل سنوات    طارق الشناوي يكشف آخر تطورات الحالة الصحية للفنان توفيق عبد الحميد    رئيس جامعة دمياط يشهد مناقشة رسالة دكتوراة بكلية الحقوق    أحمد حلمي: أنا بحب كوميديا الموقف أكتر من الإفيهات    3 طرق بسيطة لإسعاد زوجك وجعله يشعر بالسعادة    حظك اليوم| برج الدلو 4 يوليو.. «يوم الأفكار المبتكرة والاتصالات الاجتماعية»    حظك اليوم| برج القوس الخميس 4 يوليو.. «التفاؤل والحماس مفتاح التقدم»    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    تونس وفرنسا تبحثان الآفاق الاستثمارية لقطاع صناعة مكونات السيارات    أمين الفتوى: لا تبرروا كل ما يحدث لكم بشماعة السحر والحسد (فيديو)    إحالة طبيب وتمريض وحدتي رعاية أولية بشمال سيناء للتحقيق بسبب الغياب عن العمل    أهم تكليفات الرئيس لوزير الصحة خالد عبد الغفار.. الاستثمار في بناء الإنسان المصري    أستاذ حديث: إفشاء أسرار البيوت على الانترنت جريمة أخلاقية    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رابطة الجوار العربى.. المحاذير ومبررات التأجيل
نشر في أكتوبر يوم 17 - 10 - 2010

بحكمة سياسية وحنكة دبلوماسية.. تعكسان عمق الرؤية المصرية الاستراتيجية والواقعية للأوضاع العربية والمتغيرات الإقليمية والدولية، أزال الرئيس حسنى مبارك فى مداخلته المهمة خلال اجتماع قمة «سرت» العربية -الأسبوع الماضى- الالتباس والتناقض وضبط إيقاع الحماس المتسّرع الذى تبدّى فى مناقشة القضيتين الأساسيتين المدرجتين على جدول أعمال القمة بشأن تطوير منظومة العمل العربى المشترك، واقتراح إقامة رابطة دول الجوار الجغرافى العربى فى كل من آسيا وأفريقيا وأوروبا.
الرؤية المصرية التى عبّرت عنها مداخلة الرئيس مبارك انعكست بوضوح على قرارات القمة وحسبما قرّر القادة العرب تكليف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بإعادة صياغة مشروع البروتوكول الخاص بتطوير الجامعة، بينما قرروا تشكيل لجنة وزارية لدراسة مشروع رابطة الجوار ومطالبة الدول الأعضاء باستمرار تزويد الأمانة العامة بأفكارها فى هذا الشأن.
إن إقامة رابطة الجوار العربى والتى اقترحها السيد عمرو موسى أمين عام الجامعة، وإن كانت فكرتها محاكاة لتجارب إقليمية أخرى وحسبما قال أمام القمة: إنها لم تنبع من فراغ ولا هى خاصة بتلك المنطقة، ولكنها وليدة متابعة ومشاهدة نقاش وتجارب خاضتها مناطق أخرى فى العالم، وهو أمر لا خلاف عليه.
إلا أن فكرة هذه الرابطة والتى وصفها عمرو موسى بأنها «وليدة احتياج ومصلحة واضحة مباشرة» تبقى مثار خلاف وتباين فى وجهات النظر، لكن المؤكد أن توقيت طرح الفكرة وإقامة الرابطة ليس مناسبا على الإطلاق، وعلى العكس تماما من رأى الأمين العام بأنه «آن الأوان لكى نتحرك فى إطارها».
وإذا كان السيد عمرو موسى قد استدرك وأقرّ بوجود خلافات فى الرأى بشأن «التوقيت» وهو ما يتناقض مع قوله «آن الأوان»، ثم بإقراره بوجود خلافات فى وجهات النظر العربية بشأن موضوع الرابطة فى حد ذاته أو بشأن الدول المقترح مشاركتها أو بسبب ما وصفها بمخاوف أخرى.
فإنه يكون قد قدّم بنفسه مسّوغات إرجاء النظر فى اقتراحه بشأن الرابطة إلى وقت لاحق.. قريب أو بعيد، لكنه يبقى رهنا بتوافر ظروف سياسية صحية إقليمية ثم عربية فى المقام الأول تكون مواتية لطرح فكرة الرابطة وتنفيذها بنجاح.
والحقيقة أنه رغم تفّهم مبررات ودواعى اقتراح رابطة الجوار من الناحية النظرية، والتى تستهدف فى الأساس إحداث توازن قوى استراتيجى فى منطقة الشرق الأوسط خاصة مع تزايد نمو وتصاعد دور كل من إيران وتركيا فى التأثير على المجريات السياسية فى الإقليم، كما لا يخفى أيضا هدف محاولة تحقيق توازن استراتيجى إقليمى فى مواجهة إسرائيل.
إلا أنه تبقى ثمة مخاوف ومحاذير- خاصة فى الوقت الراهن- تحول دون إقامة هذه الرابطة وتجعل مهمة نجاحها بالغة الصعوبة والتعقيد، لعل أولها وأهمها تعارض وتناقض المصالح بين الدول العربية ذاتها، ومن ثم تباين تحالفات وخلافات كل منها مع دول الجوار وتحديدا إيران.
ومع ملاحظة أن مشروع الرابطة التى تضم إيران يستبعد إسرائيل من عضويتها رغم موقعها الجغرافى، وهو ما يتعارض مع «سياسة الجوار» ذاتها. فإن إقامة الرابطة فى هذا التوقيت وفى ضوء الأوضاع الإقليمية شديدة التعقيد سوف يزيد الصراع فى الشرق الأوسط اشتعالا.
أما أهم محاذير إقامة هذه الرابطة فى الوقت الحالى، فهى أن الدول العربية ذاتها تفتقد فيما بينها علاقات جوار طيبة، وتفتقد قبل ذلك وبعده موقفا موحدا مشتركا، بعد أن غلبت عليها النزاعات القُطرية (بضم القاف)، بينما غابت تماما النزعة القومية، وغابت معها وبالضرورة أية استراتيجية موحدة إزاء قضايا الأمة العربية ومشكلاتها وأزماتها القومية والقُطرية على حد سواء بداية من القضية الفلسطينية التى كانت ومازال مفترضا أنها لب الصراع العربى الإسرائيلى إلى ما جرى ويجرى فى العراق والسودان والصومال ولبنان!
ولذا فإن الأولوية العربية الأكثر إلحاحا والأكثر ضرورة هى تطوير منظومة العمل العربى، أو ما أسماها العقيد القذافى «هيكلية جديدة» والذى يقترح إقامة «الاتحاد العربى» بدلا من جامعة الدول العربية، وهو الاقتراح الذى يؤيده الرئيس اليمنى على عبد الله صالح.
إنه لا خلاف من حيث المبدأ.. بل إنه الإجماع على ضرورة تطوير الجامعة العربية بعد كل ما أصابها من ترهّل.. أضعف أداءها، ولكن التطوير المنشود للمنظومة وللمنظمة (الجامعة) لا يتحقق بتغيير وصفها أو اسمها.. بل يتحقق فى الأساس بتطوير وتفعيل آلياتها وبصياغة رؤية استراتيجية مشتركة موحدة باتفاق الإرادة السياسية لكافة الدول الأعضاء، ترتكز على ما يملكه العرب من عناصر قوة ذاتية.. يتعيّن ترشيد وحسن استخدامها لتحقيق المصالح العليا وصون واستعادة القوة المهدرة، وعلى النحو الذى يمثل ويعكس القوة الحقيقية للأمة العربية.. إقليميا ودوليا.
أما إطلاق اسم «الاتحاد العربى» على جامعة الدول العربية، بينما لا يمتلك العرب موقفا.. مجرد موقف موحد إزاء القضايا المشتركة والمصيرية، فإنه سيّعد بكل أسف وبكل صراحة اسما على غير مسمى، وتوصيفا خادعا غير حقيقى للحالة العربية الراهنة.
وفى هذا السياق تأتى أهمية ومصداقية..بل واقعية مداخلة الرئيس مبارك فى قمة «سرت» العربية والتى بدأها باستعراض للظروف الإقليمية والدولية والتى تحتم المزيد من التكاتف وتوحيد الصف العربى فى مواجهة التحديات المتشابكة.. السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية.
وإذ أشار الرئيس مبارك فى مداخلته إلى ما وصفه بالإرث المهم والتجربة الغنية من العمل المشترك اللذين يستحقان الاعتزاز بهما وإمعان النظر فيما تحقق من نجاح وإخفاق، والبناء على هذا الإرث وتلك التجربة لتجاوزهما إلى مستويات أعمق وأشمل وأكثر رسوخا.
فإنه حين استعرض رؤية مصر بشأن تطوير الجامعة العربية وسياسة الجوار، فقد حددها بإيجاز ووضوح فى ثلاث ركائز أساسية.. أولها: تأكيد مصر على ضرورة الإبقاء على اسم «جامعة الدول العربية» باعتبارها عنوان الإرث التاريخى، وفى نفس الوقت صياغة رؤية جديدة لتطوير أداء الجامعة تطويرا جوهريا من حيث المضمون وآليات العمل.
وثانيا: التأكيد على مبدأ التطوير المتدرج الذى يجمع بين الطموح والواقعية وبخطوات عملية قابلة للتطبيق تلمسها الشعوب وتنعكس على حاضرها ومستقبلها.
أما الركيزة الثالثة والتى تتعّلق باقتراح رابطة الجوار العربى، حيث تبدىّ جليا عمق رؤية مصر الاستراتيجية. إذ أوضح الرئيس مبارك أن الخطوة الأولى هى بلورة رؤية موحدة تجاه دول الجوار العربى، ثم تصّور لآليات عملية واقعية للتعامل معها فى إطار توافق عربى.
وبوضوح أكثر.. يعكس حساسية وتشابك المواقف العربية والإقليمية الراهنة، بقدر ما يدعو إلى ضرورة التريث والتمهل فى إقامة هذه الرابطة، أكد الرئيس على ضرورة الجمع بين اعتماد معايير واضحة ومحددة ومتفق عليها للتعامل مع دول الجوار وتحديد أولويات تحرّكنا تجاهها، وضرورة مراعاة أوضاع العلاقات بين دول العالم العربى وكل دولة من دول هذا الجوار.
هذه الرؤية المصرية الواقعية هى التى حسمت الجدل حول تطوير الجامعة العربية وتغيير اسمها، وهى التى أرجأت اقتراح رابطة الجوار، وعلى النحو الذى تبدىّ فى قرارت قمة «سرت» العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.