في احتفالية رائعة افتتح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة مساء الثلاثاء الماضي فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدار الأوبرا حيث أمضينا أوقاتاً ممتعة في عُرس فني جميل وأنيق تسوده كل مشاعر الحب والدفء وسط حضور كبير لنجومنا أصحاب القامات العالية. وقد أسعدني تكريم المهرجان للنجمة العالمية الفرنسية چوليت بينوش الحاصلة علي جائزة الأوسكار والنجم العملاق ريتشارد جير ونجمة كوريا الجنوبية يون جونجهي والنجمتين الكبيرتين صفية العمري وليلي علوي ومدير التصوير الرائع رمسيس مرزوق ومبدعينا أصحاب التاريخ الفني المتميز في الخارج ميلاد بساده وفؤاد سعيد وخالد عبدالله. وحسناً فعلت إدارة المهرجان بإهداء هذه الدورة للفنانين الكبيرين الراحلين أمينة رزق ومحمود المليجي أصحاب القامة العالية في تاريخ السينما المصرية وهما من وجهة نظري نجمين عالميين ويمثل كل منهما مدرسة خاصة في الأداء المبهر أمام الكاميرا. وقد أعجبني أسلوب المخرج وليد عوني في حفل الافتتاح ومعه كتيبة رائعة من الأطقم الفنية في تصميم الديكورات والإضاءة والملابس والذين قاموا بإعداد حفل الاستقبال علي مستوي فني عال يخطف العين بداية من عدسة السينما والمصنوعة من الكريستال ومرورا بعين حورس الفرعونية التي ينساب من خلالها صور مجموعة الفنانين المكرمين علي شاشة سينمائية ضخمة بجانب الصور النسائية التي تنتشر في جنبات المسرح ويمثلن قارات العالم الست ومن بينهن صورة الملكة نفرتيتي التي ترمز إلي مصر بحاضرتها العريقة والتي تأتي تعبيراً صادقاً عن شعار المهرجان الذي يؤكد قيمة بلدنا في عيون العالم حيث كانت القاهرة دائماً تحمل مشاعل التنوير للعالم بأسره منذ آلاف السنين. ويشارك في مسابقة المهرجان مجموعة كبيرة من الأفلام تمثل أكثر من 07 دولة جاءت لتقديم أحلي إنتاج قدمته في مجال الأفلام الروائية الطويلة والأفلام العربية وأفلام الديجيتال. ويرأس تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة المخرج المكسيكي أرتور بيشتاين وتضم في عضويتها عدة أسماء لامعة من بينهم المخرج علي بدرخان والسيناريست محمد حفظي أما لجنة مسابقة الأفلام العربية فيتولي رئاستها المنتج الكبير د. محمد العدل ومعه من الأعضاء نجمنا الكبير فتحي عبدالوهاب ثم تأتي لجنة تحكيم أفلام الديجيتال واختير لرئاستها المخرج الكاميروني باسيك باكوبهيو وتضم من بين أعضائها نجمتنا الجميلة نيللي كريم ونشارك نحن فيها بفيلم »الباب« إخراج محمد عبدالحافظ. وأؤكد أن إدارة المهرجان كانت موفقة إلي أبعد حد في اختيارها لفيلم الافتتاح »عام آخر« إخراج مايك لي وقد سبق عرضه في مهرجان »كان« في شهر أبريل الماضي ونال نجاحاً كبيراً بين النقاد لكون مخرجه صاحب أسلوب متميز في تكنيكه السينمائي وله العديد من الأفلام المتميزة التي استحق عنها جوائز رفيعة مثل السعفة الذهبية في فيلم »أسرار وأكاذيب« الذي عرض في مهرجان »كان« عام 5991 وبعده بعدة سنوات حصل علي جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 4002 عن فيلمه »فيرادريك«. وكعادة كل عام يتميز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بفعاليات كثيرة لعل من أهمها في هذه الدورة مجموعة الندوات العامة التي تناقش أهم القضايا السينمائية العالمية والعربية والافريقية والتركية وأتصور أن هذه الندوات سوف تخرج بنتائج جديرة بالبحث والنقاش الجاد خاصة وقد علمت أن بعض الموضوعات التي سوف تكون علي مائدة الحوار في تلك اللقاءات بين السينمائيين تتعلق بحفظ التراث السينمائي المصري والتعاون مع الأرشيفات السينمائية العالمية بجانب ملفات أخري علي قدر كبير من الأهمية في مجال السيناريوهات المقدمة للمشاركة في ملتقي القاهرة السينمائي بالتعاون مع المركز القومي للسينما وأفلام مصر العالمية ليوسف شاهين مخرجنا القدير الراحل. وبالرغم من سعادتي بوجود أفلام »الباب« لمحمد عبدالحافظ و»ميكروفون« لأحمد عبدالله و»الشوق« لخالد الحجر و» الطريق الدائري « لتامر عزت داخل مسابقات المهرجان الرسمية إلا أنني كنت أتمني تواجداً أكثر لأفلامنا المصرية لنختار من بينها عملاً مميزاً يعرض في حفل الافتتاح لتكتمل كل جوانب الصورة المبهرة التي جاء عليها شكل الاحتفالية الرائعة مساء الثلاثاء الماضي وهو الأمر الذي أثق في تحقيقه مع الدورة رقم 53 في العام المقبل بمشيئة الله حيث يزداد عدد ما ننتجه من أفلام علي مستوي فني عال تكون رهن إشارة القائمين علي إدارة المهرجان. ولا أريد أن أنهي تلك السطور عن مهرجان القاهرة السينمائي دون الإشادة برئيسه الفنان الكبير عزت أبو عوف ونائبته القديرة سهير عبدالقادر اللذين يعملان بكل كفاءة وثقة واقتدار وسط ظروف صعبة ومعهما مجموعة من النقاد المحترمين والمتخصصين في شئون السينما حيث يبذلون أقصي درجات الجهد البدني والنفسي والعقلي ليل نهار ليخرج هذا المهرجان بشكل يليق باسم وعراقة القاهرة التي نجح وزير ثقافتها الفنان القدير فاروق حسني في إعادة طلائها بمفردات حضارة الأجداد والآباء فأعاد إليها البريق والتوهج واللمعان في شتي روافدها التي تتحدث عن هذه الأمة العريقة ولعل مهرجان القاهرة السينمائي واحداً من أهم هذه الروافد الثقافية التي أصبحت بعد 43 عاماً عنواناً محترماً لهذا الوطن الجميل.