»شريان حياة«.. هي الصفة التي استخدمها البنك الدولي ليصف بها التحويلات المالية التي يقوم بها العمال المهاجرون الي بلدانهم النامية.. هذا الشريان ساعد علي الحفاظ علي سير عجلة الاقتصاد في هذه الدول في عز الازمة المالية العالمية وانقذ اسراً كثيرة من الفقر ليكشف عن الدور الكبير الذي تلعبه تحويلات المهاجرين لدعم بلدانهم ربما بشكل اكبر حتي من المساعدات المالية التي تقدمها الدول الغنية وتفرض معها شروطها التي احياناً ما تكون في غير صالح هذه الدول. التقرير حمل اسم »حقائق عن الهجرة والتحويلات المالية لعام 1102« وكشف ان التحويلات المتجهة الي البلدان النامية تواصل ارتفاعها بعد التعافي من آثار الازمة المالية العالمية.. وانها حققت رقماً قياسياً يصل الي 523 مليار دولار بنهاية العام الحالي.. مقابل 703 مليارات دولار عام 9002.. وفيما يخص سويسرا فقد كشف التقرير ان المهاجرين الأجانب العاملين في سويسرا بعثوا بحوالي 5 مليارات من الدولارات الي عائلاتهم في العام الماضي رغم التراجع المسجل في الاقتصاد العالمي. دراسة البنك الدولي ادرجت سويسرا في المرتبة الثالثة وراء الولاياتالمتحدة والسعودية باعتبارها ثالث اكبر بلد علي مستوي التحويلات في عام 9002.. حيث قام المهاجرون العاملون في سويسرا بما في ذلك الذين يعبرون الحدود يومياً من فرنسا وألمانيا وايطاليا والنمسا بتحويل 6.91 مليار دولار الي بلدانهم.. ومن هذه المبالغ ارسلت 5 مليارات في شكل تحويلات مالية الي العائلات لتلبية الاحتياجات اليومية وبقية المصاريف مقابل 1.4 مليار فرنك سنة 7002.. في الوقت نفسه تتجاوز الميزانية الاجمالية التي خصصتها الحكومة السويسرية للمساعدات التنموية 5.2 مليار فرنك عام 9002.. اي ان المهاجرين ارسلوا ما يقرب من عشرة اضعاف هذه المساعدات الي بلدانهم وهذا ليس غريباً علي بلد يشكل تعداد الأجانب فيه حوالي 22٪ من السكان اي ان واحدا من كل خمسة مقيمين في سويسرا هم من المهاجرين.. ويأتي ثلثا هؤلاء المهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي وبلدان الرابطة الاوروبية للتبادل التجاري الحر.. فيما توجد جاليات مقيمة من دول البلقان وآسيا ودول أمريكا اللاتينية وافريقيا تضم مهاجرين شرعيين وآخرين سريين. ويتوقع خبراء البنك الدولي تواصل الارتفاع في قيمة التحويلات المرسلة من العمال الأجانب الي البلدان الفقيرة علي مدي العامين القادمين.. حيث قد تتجاوز 473 مليار دولار.. اي ثلاثة اضعاف المساعدات التنموية الموجهة من البلدان الغنية الي الخارج.. وهو ما يمثل تطوراً ايجابياً بعد الانخفاض المسجل عام 9002 بحوالي 5٪ حيث لم تتجاوز القيمة الاجمالية للتحويلات 703 مليارات دولار.. بل ان الخبراء يقولون ان الحجم الحقيقي للتحويلات قد يصبح اعلي بخمسين في المائة اذا ما تم احتساب التحويلات غير المسجلة في الاحصاءات التي تنتقل عبر قنوات غير رسمية.. ويعتقد ان 08٪ من التحويلات تمر عبر قنوات غير رسمية بين سويسرا ودول البلقان وعادة ما تم عبر المهاجرين او الاصدقاء او المعارف حيث تسلم يداً بيد الي اصحابها دون ان تدخل في اي سجلات رسمية. ويقول ماتياس ليرش المتخصص في المسائل الديموجرافية في جامعة جنيف ان المرونة التي اتسم بها حجم التحويلات في الأعوام الأخيرة امراً عادياً نظراً الي ان العمال المهاجرين لديهم تضامن طبيعي مع عائلاتهم حتي في الأوقات الصعبة. وفي المقابل تري باربارة فولتر العاملة في برنامج يعني بالهجرة في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون ان الآراء لازالت مع ذلك منقسمة بخصوص التأثيرات التنموية للتحويلات المالية للمهاجرين وتقول: كثيراً ما يعتقد البنك الدولي والبنوك الاقليمية ان المهاجرين يمولون بالتأكيد مشاريع اقتصادية وبالنسبة لهم فهذه تنمية.. لكن اذا ما دققنا النظر في المسألة نجد ان التحويلات كثيراً ما تستخدم للانفاق علي دراسة الأبناء والصحة والسكن وهي امور تندرج ضمن اهداف الألفية التنموية كما انها اساسية للتنمية البشرية. ويلفت تقرير البنك الدولي الي نقطة في غاية الأهمية وهي الاجراءات والتكاليف لتحويل الاموال الي الدول الاصلية ويقول التقرير ان هناك حاجة ملحة لاعادة تقييم اللوائح والقوانين التي تنظم التحويلات البنكية خاصة تلك التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة ويدعو الي تخفيف المخاطر التشغيلية لزيادة هذه التحويلات. ووصف التقرير اللوائح المطبقة حالياً بحجر عثرة امام اعتماد التحويلات المالية التي تستخدم التكنولوجيا الجديدة لتحويل الاموال عبر الحدود.. خاصة تلك التي تعتمد علي الهواتف المحمولة.. وتقول افولتير ان تخفيض تكلفة التحويلات المالية سيساعد المهاجر بالفعل.. لكن الأكثر أهمية هو تقليص تكاليف الهجرة.. فقد اظهرت دراسة اجريت مؤخراً حول المهاجرين البنغاليين الذين لا يمتلكون مهارات عالية والذين عملوا ثلاثة أعوام في الشرق الاوسط أنهم قد احتاجوا لعامين من الاجور لتسديد التكاليف المستحقة لوكالات السفر مثل تذاكر السفر بالطائرة وديون اخري.. يذكر ان التقرير كشف ان اكبر بلد مستقبل للمهاجرين هو الولاياتالمتحدة وعربياً جاءت السعودية في المقدمة أما البلدان التي تحتل المراتب الأولي في ارتفاع نسبة المهاجرين الي سكانها فهي قطر التي يشكل المهاجرون فيها 78٪ من سكانها وموناكو 27٪ والامارات العربية المتحدة 07٪ والكويت 96٪. الجدير بالذكر ان مصر جاءت في تقرير البنك الدولي ضمن قائمة اكثر 01 دول في العالم مصدرة للهجرة وتضم القائمة الهند والصين والمكسيك وروسيا والفلبين وباكستان وتركيا واوكرانيا وكازاخستان. وأكد التقرير ان هناك 4 ملايين مصري مهاجر وان دول المهجر الرئيسية التي يتوجهون اليها هي علي التوالي السعودية، الاردن، ليبيا، الكويت، الامارات، الولاياتالمتحدة، ايطاليا، قطر، ثم اليمن.