لا يمكن وصف الكارثة التي شهدتها اندونيسيا خلال الايام القليلة الماضية الا بأنها غضبة عارمة من الطبيعة وانها كانت غضبة ثلاثية شملت الزلازل وموجات المد البحري المعروفة باسم تسونامي بالإضافة الي ثورة البراكين. آخر الارقام تشير الي ان عدد قتلي البركان ميرابي وصل إلي 34 شخصا، في حين لا يزال أكثر من خمسين ألفا آخرين يسكنون ملاجئ مؤقتة بعدما أجلت السلطات السكان القاطنين في دائرة قطرها عشرة كيلومترات في محيط البركان. وقالت السلطات المعنية إن قرابة 13 ألفا يعيشون حاليا في ملاجئ مؤقتة في المناطق التي ضربتها الاثنين الماضي أمواج المد البحري الناجمة عن زلزال قوي بلغت شدته 7.7 درجة علي مقياس ريختر. وأعلنت مصادر رسمية امس الجمعة أن حصيلة قتلي كارثة أمواج المد البحري في جزر منتاواي بلغت 408 أشخاص مع عثور فرق الإنقاذ علي مزيد من الجثث، وسط توقعات بأن ترتفع الحصيلة إلي أكثر من 500 قتيل بالاضافة الي عدد كبير من المفقودين. وقالت فرق الإنقاذ إن العديد من ضحايا موجات المد البحري دفنوا تحت الأنقاض أو جرفتهم المياه إلي البحر وبالتالي من الصعب العثور علي جثثهم، ويتعين انتظار استقرار الأوضاع وإبلاغ الأهالي عن المفقودين. ونقل عن مسئول هيئة إدارة الكوارث في جاكرتا قوله إن الإحصائيات بالنسبة للمفقودين المبلغ عنهم رسميا تشير إلي 303 حالات حتي الآن. ومع حساب الحصيلة المعلنة امس لقتلي بركان ميرابي، تصبح الحصيلة الإجمالية لضحايا كارثتي البركان والمد البحري 450 شخصا. اطلق البركان الاندونيسي ميرابي الذي ادي ثورانه الثلاثاء الماضي الي مقتل 32 شخصا، من جديد امس الجمعة وللمرة الاولي هذا الاسبوع حمما، بحسب اختصاصيي علم البراكين المكلفين بمراقبة حركة هذا البركان. واوضح الخبراء ان الامر ليس ثورانا جديدا، مشيرين الي ان عودة النشاط هذه قد تساعد علي تثبيت حركة البركان وتجنب ثوران مماثل لما حصل الثلاثاء. وقال هيرو سوبارووكو احد هؤلاء الاختصاصيين في علم البراكين ان ميرابي »اطلق سحبا من الرماد البركاني والغاز الي مسافة 3.5 كم علي طول منحدراته، واوضح ان »الوضع خطر للغاية بالنسبة لاي شخص قد يوجد علي هذا المسار«. وقذف بركان ميرابي وارتفاعه 2914 مترا ايضا حمما، للمرة الاولي منذ دورته الجديدة من النشاط القوي وقال بعض الخبراء ان »هذا تقدم ايجابي لان من شأنه منع تراكم للطاقة قد يتسبب بثوران يوازي ذلك الذي حصل الثلاثاء قوة«. والبركان الذي يبعد 26 كلم شمال مدينة يوغياكارتا، هو الاكثر نشاطا بين البراكين النشطة في اندونيسيا. وهو يدخل حالة ثوران بمعدل مرة كل اربع سنوات. وآخر حالة ثوران له كانت يونيو 2006. واعتاد الاندونيسيون العيش بالقرب من البراكين والتأقلم مع هذا الواقع لان اندونيسيا اول منطقة بركانية في العالم ويوجد بها حوالي 130 بركانا نشطا. وفي نفس الوقت عرقلت الظروف الجوية السيئة وصول المساعدات إلي المتضررين من أمواج المد البحري في جزر منتاواي الأندونيسية، وسط أنباء عن ارتفاع عدد قتلي كارثتي البركان وتسونامي إلي أكثر من أربعمائة شخص. تحاول السلطات الإندونيسية جاهدة إيصال المساعدات إلي المناطق النائية المتضررة من أمواج المد البحري في سلسلة جزر منتاواي الواقعة غربي جزيرة سومطرة، حيث ترجح التوقعات أن تتجاوز حصيلة القتلي الخمسمائة شخص. وكانت الحكومة الإندونيسية قد أرسلت جنودا وخمس سفن حربية إلي المنطقة المنكوبة، بيد أن الحاجة لا تزال ملحة لمزيد من الطائرات المروحية القادرة علي إيصال المؤن الغذائية والمساعدات الطبية إلي التجمعات السكانية المعزولة التي تفتقر معظمها إلي الطرق وشبكات الاتصال اللاسلكي.