الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم يستحق التحية والتقدير علي الزيارة المفاجئة التي قام بها الأسبوع الماضي لمدرسة الخلفاء الراشدين الإعدادية بمحافظة حلوان والتي كشفت حجم الاهمال والتسيب الكبير الذي تعاني منه المدرسة مثلها مثل باقي آلاف المدارس المنتشرة في انحاء الجمهورية.. الزيارة المفاجئة كانت أسلوبا جديدا لم يتعود عليه الكثيرون في المواقع التنفيذية والحكومية ثارت العديد من ردود الأفعال بعضها مؤيد تماما لمثل هذه الخطوة ومطالب بالمزيد منها لاصلاح حال التعليم والنهوض به من كبوته التي استمرت طويلا وأثرت علي مستوي هذا المرفق الحيوي والمهم والمسئول عن تكوين عقول وشباب الأمة وجاء البعض الآخر المعارض لمثل هذه الخطوة وهؤلاء من دعاة الفوضي والتسيب وأدعياء الديمقراطية والليبرالية وغيرها من الشعارات التي صدعوا رءوسنا بها ليل نهار وطالما رددوا هذه الشعارات وتباكوا علي انهيار كل شيء في مصر وفي مقدمة هذا الأشياء بطبيعة الحال التعليم والصحة ومياه الشرب والإسكان والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الأساسية التي تسعي الحكومة جاهدة لاصلاحها والنهوض بها بعد حالات التسيب والاهمال الطويلة التي تعرضت لها.. صحيح أن الدولة رصدت في ميزانياتها خلال السنوات الماضية مليارات الجنيهات لتوفير هذه الخدمات الأساسية للمواطنين ومع ذلك للأسف استمر التدهور في مدارسنا وتفاقمت الأزمات في الخدمات الأساسية واشتكي المواطنون من عدم توافرها رغم هذه المليارات التي تنفقها الدولة.. إذن المشكلة ليست في نقص الموارد المالية ولكن في كيفية إدارة هذه الموارد والاستفادة من الامكانات المتاحة بأقصي ما يمكن وإعادة تأهيل ما هو متوافر لدينا واستكمال أوجه القصور والعجز الباقية.. من هذا المنطلق كانت الجولة المفاجئة لوزير التربية والتعليم لواحدة من المدارس المنتشرة في البلاد ليقف بنفسه علي مواطن الخلل ويضع الحلول العاجلة لها ويتخذ القرارات التي تضع حدا لهذا الاهمال والتسيب وتكون نموذجا يحتذي لباقي المدارس التي بدأت تصحح أوضاعها في اعقاب هذه الزيارة خشية تعرضها لنفس الموقف. بدأت حملة الهجوم من المشككين علي الوزير مساء نفس يوم الجولة ولم ينتظروا حتي تتضح معالم الصورة ونتائج الجولة فبدأ الهجوم باستنكار قيام الوزير بالجولة وبرفقته وسائل الإعلام المختلفة وتساءلوا إما عن جهل وإما عن قصد.. كيف تكون الزيارات مفاجئة بحضور هذا العدد الهائل من الصحفيين والمصورين وممثلي الفضائيات ونسي المشككون او تناسوا أن المفاجأة تكون للمسئولين بالمدرسة وان حضور وسائل الإعلام ضرورة لكشف نتائج الجولة ومشاهدة الوزير علي الطبيعة حتي تكون الصورة واضحة ومعبرة عن الواقع وهذا دور أساسي ورئيسي لوسائل الإعلام.. فالوزير وزير ومسئول ومن الممكن ان يقضي معظم وقته في أجهزة التكييف من اجتماع لآخر ومن سفرة لاخري ويستمتع بمنصبه طوال فترة بقائه فيه طالت ام قصرت ويبقي الحال علي ما هو عليه.. وهذا ما لم يقبله الدكتور احمد زكي بدر وكانت زيارته المفاجئة الاولي لمدرسة الخلفاء الراشدين بحلوان واعتقد انها لن تكون الاخيرة وان كانت الزيارة قد اتت ثمارها خلال الأيام القليلة التي اعقبتها وظهرت حالات الاستنفار في العديد من المدارس وهذه هي البداية الحقيقية لاصلاح التعليم في مصر.. صحيح اتخذ الوزير قرارات مفاجئة ايضا خلال الجولة بنقل ناظر المدرسة والعديد من المسئولين الي محافظات نائية عقابا لهم علي هذا التسيب ومحاولة جادة لاصلاح المدرسة واعادة تأهيلها والحفاظ علي نظافتها حتي تكون مكانا مناسبا لتلقي العلم وجذب التلاميذ بدلا من هروبهم منها..والوزير يدرك جيدا ان الاصلاح الحقيقي يبدأ من المدرسة التي يتشكل فيها وجدان التلميذ منذ الصغر ويشاهد فيها القدوة الصالحة التي تؤهله لان يكون مواطنا صالحا في المستقبل يحمل بين جنباته وفي وجدانه حبا حقيقيا لهذا الوطن بعيدا عن المزايدات والشعارات والمصالح ويضع مصلحة بلده أولا وقبل كل شيء وفوق كل اعتبار.