هشام رامز - جمال محرم رسالة مصرية حذرة لأمريكا.. »لا تتركونا وحدنا«! ليست زيارة صعبة فقط، بل تأتي في توقيت حرج للغاية! أتحدث عن بعثة طرق الابواب الامريكية التي تنظمها الغرفة التجارية الامريكية بمصر برئاسة جمال محرم للعاصمة الامريكيةواشنطن، والتي بدأت أمس ب»غداء عمل« تحدث خلاله هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري لقرابة 40 من اعضاء البعثة من كبار رجال الاعمال المصريين والامريكيين الذين يرتبطون باستثمارات كبري في مصر.. اللقاء نظمته الغرفة بالتعاون مع مجلس الاعمال المصري الامريكي »إستثمارا« لوجود هشام رامز في واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي المسماة باجتماعات الربيع، والتي يشارك فيها ايضا كل من د. اشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي ود. المرسي حجازي وزير المالية ود. عبدالله شحاتة المستشارالاقتصادي لوزير المالية ومحمد مكاوي مستشار الوزير للعلاقات الخارجية وبعض الخبراء المعنيين بعلاقات مصر مع كل من الصندوق والبنك الدوليين.. ولعل كل المتابعين هنا في واشنطن يؤكدون ان »اجتماعات الربيع« التي يعقدها الصندوق والبنك سوف يحسم خلالها مصير القرار بشأن القرض الذي طلبته مصر من الصندوق وحجمه 4.8 مليار دولار.. ولعلها تكون فرصة كبيرة للوفد المصري لعقد المزيد من اللقاءات مع كبار المسئولين في هاتين المؤسستين بهدف وضع النقاط فوق الحروف عقب مباحثات اجرتها بعثة فنية من صندوق النقد بالقاهرة طوال الاسبوعين الماضيين تناولت برنامج الاصلاح الاقتصادي »المعدل« ورؤية الصندوق بشأن هذا البرنامج ومدي فاعليته.. والأهم من هذا وذاك التوافق المجتمعي المصري حوله! قبيل مغادرة القاهرة إلي واشنطن.. كان هناك سؤال ملح: ما هي الرسالة التي تحملها بعثة طرق الابواب الامريكية في هذا التوقيت الحرج سياسيا واقتصاديا سواء بالنسبة لمصر أو للولايات المتحدةالامريكية؟ بداية جاءت اقوال جمال محرم رئيس الغرفة متفقة علي ان بعثة هذا العام - رقم »33« من أصعب البعثات في ضوء الاحداث الملتهبة التي تمر بها مصر والمنطقة بشكل عام.. وقال ان مصر وسط بؤرة ملتهبة والامر يحتم البحث عن كيفية التهدئة من كل الاطراف. واضاف قائلا ان طلب المساعدة من امريكا يأتي من منطلق توفير الاستقرارحتي لا يتمكن الارهاب الدولي من مصر بشكل يسبب مشاكل للجميع. واستطرد جمال محرم: سوف نقول للامريكان: لا تتركوا مصر وحدها.. لا تتركوا القضية، فلو حدث ذلك سوف نغرق ولو غرقنا سوف تصابون بضرر بالغ! وما هي المساعدة المطلوبة؟ قال جمال محرم: مصر لا تبحث عن أموال رغم حاجتها إليها، فهي تعلم جيدا ان امريكا ليس لديها ما يمكن تقديمه في هذا الشأن في ضوء اوضاعها الاقتصادية الراهنة. مصر تطلب المساندة في أمور أخري اكثر أهمية في مقدمتها التدريب والخبرات التكنولوجية وبالقطع تحتاج لاستثمارات امريكية تحقق مصالح الجانبين الامريكي والمصري.. ومع كل ذلك سوف يكون هناك نوع من الضغط للحصول علي الدعم المالي بقدر الامكان، رغم ان المسألة ليست في الاموال! وكيف تري الوضع بشأن القرض الذي تطلبه مصر من صندوق النقد؟ قال جمال محرم: بداية لابد ان نعلم ان صندوق النقد حاليا ليس هو صندوق النقد »بتاع زمان« الذي تربينا علي كراهيته! اليوم المعايير إختلفت.. وبشكل عام فان مصر هي التي تحدد برنامج الاصلاح الخاص بها ولا يشترط الصندوق شيئا سوي التوافق المجتمعي بشأن القرض المطلوب، ومن هنا جاءت لقاءات بعثة الصندوق بممثلي مختلف الأحزاب في مصر، وهو الامر نفسه الذي حدث بين الصندوق وكل من اليونان وقبرص. واضاف مشيرا إلي أن هناك امورا لابد من حسمها بشأن برنامج الاصلاح في مقدمتها الايرادات الحكومية فلابد من تقليص حجم الدعم بشكل تدريجي حتي لا تحدث ازمات اجتماعية.. المهم لدي صندوق النقد هو زيادة ايرادات الدولة.. وهذا لا يتحقق الا بالاستقرار السياسي والتوافق المجتمعي وعندها تعود الاستثمارات الاجنبية وتتدفق السياحة كما كانت لتدر اكبر قدر من النقد الاجنبي.. والمهم قبل هذا وذاك - كما قال جمال محرم - التصالح مع النفس، ومع رجال الاعمال! وماذا عن الملفات القديمة مع الامريكان مثل اتفاقية منطقة التجارة الحرة.. هل سيتم إخراج هذا الملف من جديد؟ قال جمال محرم ان كل الملفات قابلة للحوار مثل منطقة التجارة الحرة وكذا إتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة »الكويز« حيث تطلب مصر زيادة عدد المناطق التي تتمتع بمزايا هذه الاتفاقية والتي تسمح بدخول منتجات مصرية للاسواق الامريكية بدون جمارك، واضاف قائلا ان اتفاقية الكويز حققت لمصر 2.1 مليار دولار صادرات لاسواق امريكا بجانب توفير قرابة 300 ألف فرصة عمل. وهل تم الاستعداد لتساؤلات الامريكان بشأن الاوضاع في مصر؟ أشار جمال محرم: المصريون سوف يقولون الحقيقة بشأن أية تساؤلات.. وعموما سوف نؤكد للمسئولين في الادارة الامريكية والكونجرس ومراكز الابحاث والدراسات واصحاب القرار ان دعم امريكا لن يكون دعما للاخوان المسلمين بل دعم لمصر. وقال رئيس الغرفة التجارية الامريكية بمصر انه شخصيا يوافق علي ما جاء به صندوق الانتخابات وهو الفيصل! واضاف ان كل المؤشرات تؤكد ضرورة إجراء قرارات اقتصادية تعيد الثقة للمستثمرين واضاف مؤكدا علي ضرورة تنفيذ قانون الضريبة العقاريةالذي تأخر كثيرا حيث كان الامر يحتم تطبيقه »من زمان« ! وكذا الامر يتطلب اتخاذ ما يلزم لادخال الاقتصاد غير الرسمي في الرسمي. وبشكل عام كما قال جمال محرم إن البعثة لا تهاجم الحكومة ولا تقف في صفه! وبشكل عام مرة اخري فان بعثة طرق الابواب الامريكية لا تتحدث باسم الحكومة أو مؤسسة الرئاسة بل تتحدث باعتبار اعضائها يمثلون القطاع الخاص المصري الذي يريد ايصال صوته للقطاع الخاص الامريكي وكل المؤسسات الامريكية وصناع القرار بواشنطن بما يكفل أكبر استفادة لمصر. وهنا لابد من الاشارة إلي ان البعثة تضم في عضويتها - إلي جانب رئيس الغرفة جمال محرم ومديرها التنفيذي هشام فهمي - مسئولين وخبراء ورجال اعمال كبار مثل انيس اكليمندوس و د. أشرف الربيعي وأحمد أبو علي وشريف الكيلاني وداليا وهبة وجرجس عبدالشهيد وعمر قابيل وهالة البرقوقي ود. حسن حسان وحاتم خير وعمر طنطاوي وهشام النجار ومحمد عبدالله ود.محمد رضا ومحمد تيمور وطارق مهنا وغيرهم.. ومن البعثة والابواب التي تطرقها بواشنطن إلي قضية قرض صندوق النقد الذي يشغل بال المصريين وربما الامريكان ايضا.. هذا القرض وصفته مؤخرا صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية بالقول إن صندوق النقد يستعد لعقد اتفاق »سريع وقذر« مع مصر بهدف منع انهيار اقتصادها وطالبت مصر بجدول زمني سياسي واقعي، وفي ذات السياق اقترحت الصحيفة علي الحكومة زيادة الضرائب وخفض دعم الوقود مع استبدال الدعم باعانات نقدية لمحدودي الدخل! وبعيدا عن وصف الصحيفة للقرض بانه »قذر« فتلك رؤيتها فان هذا القرض يلقي شدا وجذبا بعدما كان مجلس ادارة صندوق النقد قد وافق عليه منذ اكثر من عام لكن مصر في ظل المجلس العسكري تراجعت عنه في آخر لحظة! المهم ان الكرة عادت من جديد وبدأ التفاوض مرة اخري وسط حالة من الكر والفر وتحفظات من هنا ومن هناك وبعثات تأتي إلي القاهرة ثم تعود إلي واشنطن تحمل اوراقها وملفاتها للعرض علي كبار المسئولين بصندوق النقد انتطارا لموافقة مجلس ادارة الصندوق برئاسة الست »كريستين لاجارد«! لكن كل المؤشرات تؤكد ان هناك حوارا بين الحكومة وبين مسئولي بعثة الصندوق حول القرض دون زيادة عن 4.8 مليار دولار وهناك مؤشرات تلمح إلي امكانية خفض قيمة القرض، لكن المؤكد ان الغاء القرض اصبح امرا شبه مستحيل في ظل حرص مصر علي ابرامه وكذا وجود مؤشرات قوية لدي ادارة صندوق النقد تقترب من حد الموافقة المبدئية تمهيدا للعرض علي مجلس ادارة الصندوق بواشنطن مدعومة ببرنامج اصلاح اقتصادي مصري ودعم دولي من دول صديقة لمصر ومؤسسات تري في الاتفاق امرا مفيدا لاقتصادها الذي تعرض لهزة عنيفة.. كل هذا سوف تحسمه الايام أو الساعات القليلة القادمة! ولعل الدعم القطري والليبي لمصر بالسندات والودائع الدولارية يؤكد حسم القرض لصالح مصر. وهنا لا يمكن اغفال تأكيد محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز علي العديد من الامور المصرفية ولعل في مقدمتها نفيه القاطع لما تردد مؤخرا عن فرض ضريبة علي ودائع البنوك وقال إنها مجرد شائعات ولسان حاله يقول إنها »نكتة بايخة« ودمها ثقيل! وفي نفس الوقت أكد قدرة مصر علي تجاوز أزمتها الاقتصادية التي تمر بها مشيرا إلي اهمية التوافق المجتمعي والاستقرار السياسي لتحقيق ذلك الهدف. كما اشار المحافظ إلي ان مختلف المؤسسات المالية الدولية لديها ثقة في قدرة الاقتصاد المصري علي استعادة معدلات النمو الاقتصادي مع عودة الاستقرار السياسي والامني. وقال ان ذلك الاستقرار من شأنه استعادة معدلات التدفق للاستثمارات الاجنبية المباشرة لمصر كما كانت وكذا الاستثمارات المحلية لتشارك في خلق المزيد من فرص العمل.واضاف ان استعادة السياحة لاوضاعها يرتبط بشكل اساسي بالاستقرار الامني والسياسي مشيرا إلي دور السياحة في توفير النقد الاجنبي بجانب مساهمتها الحيوية في عشرات الصناعات الاخري وتوفير مئات الالاف من فرص العمل وقال انه رغم الاحداث التي مرت بها مصر طوال العامين الماضيين فان الثقة لم تهتز في الجهاز المصرفي حيث وصل حجم الايداعات إلي نحو تريليون جنيه كما حققت البنوك ارباحا في 2012 اكبر مما كانت عليه 2011. واكد هشام رامز علي ان سياسات البنك المركزي تركز في الأساس علي استقرار الاوضاع في سوق الصرف الاجنبي بجانب الحد من التضخم حتي لا ترتفع اسعار السلع والخدمات. وقال محافظ البنك المركزي انه ليست هناك أية مشاكل في تدبير النقد الاجنبي اللازم لاستيراد السلع الاساسية في الفترة المقبلة. واضاف مؤكدا علي ان الاحتياطي النقدي لن يتم استخدامه في دعم الجنيه المصري امام الدولار لافتا إلي ان الهدف الاساسي يتجه إلي توفير الاحتياجات من السلع الحيوية. كما اكد رامز علي ان البنك المركزي اتخذ العديد من الاجراءات التي تستهدف استعادة النشاط السياحي والتيسير علي اصحاب المنشآت الذين تضرروا من الاحداث خلال الفترة الماضية وذلك بتأجيل الاقساط للقروض المستحقة عليهم . كلمات هشام رامز محافظ البنك المركزي ومن قبله جمال محرم رئيس الغرفة التجارية الامريكية بمصر لاقت قبولا من الجميع.. مسئولين ومستثمرين وبقي ان تؤتي ثمارها بان تضع كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي »بصمتها«.. أقصد توقيعها علي اتفاق القرض مع مصر وهو ما يسمح بتدفق مليارات اخري من الدولارات من مؤسسات عالمية ودول اوروبية تنتظر هذا الاتفاق!