انتهز مناسبة الذكري السنوية لرحيل الأخوين "أمين" لنتحدث عن الثورة التي قاما بها في عالم الصحافة المصرية.. ولنترحم علي أيام كانت فيه للكلمة قيمة وللصحفي مكانة.. أقول هذا الكلام ونحن نري حالة التردي الشديد الذي تعانيه الصحافة وحالة الهوان العظيم التي يعانيه الصحفيون. وأحمد الله كثيرا لأنني لحقت بالعمل في ظل أساتذة عظماء مثل علي أمين الذي مرت أمس 37 عاما علي رحيله ومصطفي أمين التي ستحل ذكري رحيله ال16 الأسبوع المقبل . تعلمت منهما ورفيق عمرهما جلال الدين الحمامصي كل ما ساعدني علي أن أظل ثابتا رغم كل الرياح والأعاصير ومستقرا رغم كل الأمواج والأنواء.. رحمهم الله جميعا بقدر ما أعطوا وبعدد من علموا وبوزن كل كلمة كتبوها كان لها تأثير في الحياة. علي ومصطفي أمين.. قصة كفاح لا يعلمها الا القليلون.. بدأت مع أول مجلة أصدراها اسمها مجلة "الحقوق" وقد صدرت سنة 1922 وكان عمرها ثماني سنوات وكانت مكتوبة بالقلم الرصاص علي ورق الكراريس. وفي عام 1924 اتجه التوأم مصطفي وعلي أمين نحو الطباعة وذلك عندما أصدرا مجلة باسم" سنة تالتة تالت" وهو اسم فصلهما في مدرسة المنيرة الابتدائية وفي نفس العام أيضا اصدرا مجلة "حارة البابلي" وعلي صفحاتها صورة لسعد زغلول وفي نفس العام أيضا تم تغيير اسم مجلة" سنة تالتة تالت" ليصبح اسمها "الطالب" والمجلة مصورة وتم طباعتها بالبالوظة اوهو نوع من الطباعة.. وفي عام1928 أصدر التوأم علي ومصطفي أمين مجلة "التلميذ" وكان العدد الأول مطبوعا طباعة فاخرة ويضم 16 صفحة وطبعوا منه 5 آلاف نسخة وكانت النتيجة أن ثمن البيع لم يكف نفقات صدور العدد الثاني وبحث الصغيران عن شيء يبيعانه فجمعا اللعب التي كانت اسرتهما تهديها لهما في المناسبات ونجحا في بيعها ب170 قرشا ليشتريا الورق الخاص بالعدد الثاني وطبعا الثاني والثالث ولكن بعدها بدأت متاعبهما المالية.. أخيرا لم يجدا حلا سوي بيع ساعتهما الذهبيتين اللتين أهداهما إليهما أحد الأقارب. أما كيف صدرت "أخبار اليوم".. فهذه قصة طويلة التفكير فيها بدأ عام 1932.. ويحكي علي أمين انه عندما سافر الي لندن لدراسة الهندسة وهناك قرأ الصحف البريطانية واعجب بها فأرسل خطابا الي مصطفي امين وفيه يقترح اصدار جريدة تجمع بين المجلة الاسبوعية والصحيفة اليومية وبعث له بتبويبها ووضع في اول صفحاتها اسمه واسم مصطفي امين بالخط العريض حيث وضع اسم علي كمدير عام بالبنط الصغير واسم مصطفي رئيس تحرير بالبنط العريض. كان مصطفي يعمل في ذلك الوقت محررا بمجلة روز اليوسف وكان لبقا وديبلوماسيا فكشط اسمي واسمه ووضع مكانهما اسم السيدة رزواليوسف والاستاذ التابعي وعرض التبويب علي الاثنين فرفضاه وقالا انه لا يتناسب مع عقلية القارئ المصري ولا يفكر فيه الا شاب فقد اتصاله بالذوق المصري وطويت الفكرة في سلة المهملات الي ان تقرر اصدار جريدة المصري في عام 1936 واجتمع الفرسان الثلاثة أبوالفتح والتابعي وكريم ثابت في فندق مينا هاوس لوضع تبويب العدد الاول من جريدة واخرجت الفكرة من سلة المهملات وعرضتها علي الفرسان الثلاثة فرفضوها بالاجماع وقالوا انهم يريدون جريدة في وقار الاهرام ووضعت الفكرة مرة اخري في سلة المهملات. ويقول علي امين : الي ان كانت احدي ليالي صيف سنة1942 وكنت جالسا في غرفة الاستاذ انطون الجميل رئيس تحرير الاهرام فسحبني تقلا باشا صاحب الاهرام من يدي وقال ما هي امنيتك في الحياة؟ فقلت ان امنيتي هي ان اصدر مع اخي جريدة تجمع بين المجلة الاسبوعية والصحف اليومية وشرحت له ابوابها وطريقة تنسيق صفحاتها لمعت عيناه وقال لي: انني مستعد ان اقرضكم غدا عشرة الاف جنيه فإذا ربحتم استعدتها.. واذا فشلتم فأمري الي الله.. واستدعينا اخي مصطفي امين وعرضنا عليه المشروع فرفض ان يستدين من صاحب الاهرام ..هكذا طويت الفكرة للمرة الثالثة. وعقب اقالة وزارة النحاس عام 1944 اختلف مصطفي مع صاحب مجلة الاثنين علي تفسير كلمة واحدة وهي »الاستقلال«.. وقدم استقالته ثم استقال ايضا معه محررو المجلة وانتقلوا للعمل.. وجاء معنا الحظ.. وكان توزيع العدد الاول110 آلاف نسخة لتصبح اخبار اليوم اكبر جريدة توزع في الشرق. ومازالت أخبار اليوم بإصداراتها المتنوعة علي قمة الصحافة المصرية.. والفضل بعد الله يعود للأساتذة الذين وضعوا البذرة ولكل من رعاها علي مدي تاريخها الناصع.