أحمد عبد الحفىظ من غير المعقول ان نطالب الحكومة أو النائب العام بعدم الطعن علي حكم قضائي قابل للطعن، أو بتنفيذ حكم قضائي غير مشمول بالنفاذ.. هذه سوابق سيئة تهين النظام القانوني. وتهدر ضماناته، وتهزأ بالقواعد المستقرة للمحاكمة العادلة في المعايير الدولية، والمواثيق الحقوقية، ومن اصولها حق الطعن علي الحكم، ثم ان حرمان الدولة من الحق في الطعن لن يكون في صالح المعارضة والشعب في النهاية، لانه سيمتد بالضرورة الي سائر القضايا التي تخسرها الدولة.. وهيئاتها في أول درجة، ومنها القضايا المتعلقة بمحاكمة الفاسدين ورموز النظام المخلوع. علي ان القواعد المتقدمة للمحاكمة العادلة- يقابلها في الدول المتحضرة- قواعد اللياقة، والمواءمة، وضرورة توفير الثقة في المناصب العامة واصحابها. وهي قواعد لا يستقيم معها استمرار ممارسة اي موظف عام لمهام منصبه ما دام ان حكما قضائيا ابتدائيا قد اثار شبهات قوية في شرعية وجوده في هذا المنصب، علي الاخص اذا كان هذا الموظف العام هو-بشخصه وموقعه- احد ابرز القيادات القضائية، مما لا يقبل معه أن يمارس مهامه بينما شرعيته علي المحك نتيجة حكم قضائي من الدائرة المختصة برجال القضاء والمحددة مسبقا بواسطة قانون السلطة القضائية، خصوصا مع مظنة ان يكون لاستمراره في ممارسة مهامه تأثير علي المحكمة التي تنظر الطعن. والحل الذي نراه موفقا بين جميع الاعتبارات المتقدمة هو ان يتقدم النائب العام بطلب اجازة من عمله حتي يتم البت في الطعن علي الحكم.. فإذا جاء الحكم الجديد لصالحه، أزال عن صفحته مظان عدم الشرعية التي ظللت وجوده في المنصب منذ تعيينه فيه، واصبح من حقه ان يبقي في منصبه معززا مكرما، أو ان يغادره اختيارا حرا منه يؤكد به للرأي العام انه غير راغب ولا طامع.. وبذلك يربح الجميع، ويضع الرجل أول بصمة حقيقية في تأصيل القواعد الصحيحة لدولة الثورة. التي اساسها الرقابة، والمحاسبة، وحرص كل موظف عام علي طهارة صفحته، وكمال شرعيته كأساس متين لممارسة مهام منصبه، وشرط حتمي لاستمراره فيه. جزء كبير من مشاكلنا ينبع من عدم قدرتنا علي حسم طبيعة الشرعية التي نريدها في هذه المرحلة »دستورية أم ثورية« وهو ما عرضنا لمشاكل لاعهد لنا بها وما لم نبدع الاساليب المناسبة لحلها فسوف نخسر كثيرا.. وسوف يكون القضاء الذي لا يتوقف المتناحرون من داخله وخارجه عن وصفه ب»الشامخ« هو أول الخاسرين.