* جمال جبريل: قاعدة "الحكم الجنائى يقيد المدنى" تدعم حجية حكم مستأنف الأزبكية * أحمد الخطيب: كل ما يصدر عن طلعت عبد الله سليم وصحيح.. والحكم بإلغاء تعيينه غير مشمول بالنفاذ قضت محكمة جنح مستأنف الأزبكية فى 24 فبراير 2013 بإلغاء الحكم الصادر من محكمة جنح الأزبكية "أول درجة"، بشأن بطلان تعيين النائب العام، وأكد الحكم شرعية قرار تعيين النائب العام وتحصينه دستوريا، وأنه جاء مستوفيا للشروط الشكلية والموضوعية لتولى المنصب التى حددها القانون والدستور، وشرعية الإعلان الدستورى وآثاره وتحصينه، وأنه يحظر على المحاكم نظر أى من أعمال السيادة أو وقف تنفيذه. وكشف خبراء القانون أن حكم مستأنف الأزبكية له حجيته، ويستحق أن يكون ضمن حيثيات الطعن على الحكم الصادر أول درجة الصادر من محكمة استئناف القاهرة بإلغاء القرار الجمهورى بتعيين النائب العام رقم 386 لسنة 2012، مؤكدين خطورة تجاهل حكم الأزبكية، مؤكدين أن القول بوقف عمل النائب أو التشكيك فيما يصدر عنه من قرارات غير صحيح؛ لأن الحكم غير مشمول بالنفاذ، والنائب باقٍ فى موقعه لحين صدور حكم محكمة النقض. د. جمال جبريل، أستاذ القانون الدستورى بجامعة حلوان، كشف عن تجاهل الحكم الأخير المتعلق بإلغاء قرار الرئيس بتعيين النائب العام لقواعد قانونية هامة، أكدها الحكم الصادر من محكمة مستأنف الأزبكية فى حكمها الصادر فى 24 فبراير 2013 الذى أكد شرعية النائب العام الجديد وتحصين وضعه، وتتمثل قوة حجية حكم مستأنف الأزبكية فى قاعدة أن"الجنائى" يقيد المدنى، وأن "القاضى المدنى والإدارى ملزم بما انتهى له القاضى الجنائى". وأضاف جبريل أن حكم مستأنف الأزبكية فحص قرار تعيين النائب العام وانتهى لصحته، ولذا لا يجوز لمحكمة أخرى بحث نفس القرار والحكم ببطلانه، مشيرا إلى أن قاضى أول درجة قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية ضد متهم، بدعوى أن النائب العام تعيينه منعدم، فجاء حكم محكمة مستأنف الأزبكية، وهى محكمة جنائية بإلغاء حكم أول درجة، لافتا إلى أنه من المفترض عدم نظره مرة أخرى كأصول قانونية، منها أن المحكمة المدنية لا تخالف ما انتهت إليه المحكمة الجنائية والقانون الجنائى، مؤكدا أن الحكم له حجيته، والأمر برمته الآن تحت ولاية محكمة النقض. من جانبه، يرى المستشار أحمد الخطيب، رئيس بمحكمة استئناف، أن ما تضمنه الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف الأزبكية من حيثيات وأسباب يمكن أن يستخدم جزءا منها كأسباب للطعن على الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة دائرة طلبات رجال القضاء، خاصة فيما أشار إليه الحكم الأول لجنح مستأنف من أن المادة 236 من الدستور قد نصت صراحة على إلغاء الإعلانات الدستورية وبقاء آثارها نافذة، وكان إقالة النائب العام السابق وتعيين النائب العام الحالى هو أثر من آثار تلك الإعلانات الدستورية، وقد تمت الموافقة على الدستور ونشر بالجريدة الرسمية، فمن ثم تكون للنص حجة إلزامية لكل القوانين والمحاكم، ويتعين عليها الالتزام بذلك النص، وبالتالى فإن إجراء الإقالة والتعيين قد أصبح محصنا دستوريا. وحكم الأزبكية يتفق مع الشرعية الدستورية القائمة. وأوضح الخطيب أن هذه ليست بدعة جديدة من ذلك الدستور، فقد كان دستور 1956 ينص على تحصين قرارات مجلس قيادة الثورة، والدستور يعبر عن إرادة الشعب، الذى يعتبر مصدر السلطات، ويتعين احترام ما ورد به، وأن الطريق الصحيح للاعتراض على الأحكام هو الطعن عليها، وليس توفيق الأوضاع عن طريق الضغوط السياسية، ويتعين إدارة ذلك الخلاف عبر الآليات والأساليب القانونية بعيدا عن تصفية الحسابات السياسية. ونبه الخطيب إلى أن من يردد القول بعدم شرعية قرارات النائب الحالى هم أصحاب مصالح سياسية ومطلوبون للعدالة، فالحكم صادر عن محكمة أول درجة وغير مشمول بالنفاذ المعجل، وبالتالى استمرار النائب الحالى فى منصبه؛ حتى يتم تأييد الحكم عن طريق محكمة ثانى درجة بمحكمة النقض، وفى هذه الحالة تغل يده، ويمتنع عن مباشرة ذلك المنصب، ويعتبر باطلا كل ما يصدر عنه ويتم اختيار نائب عام جديد، أما قبل ذلك هو المختص قانونا وقراراته صحيحة، ولو أراد الحكم غير ذلك لنص صراحة فى منطوقه على نفاذه فورا، أما إذا ما تم إلغاء الحكم استئنافيا فإنه سيظل النائب العام الحالى فى منصبه. ولفت الخطيب إلى أن السيناريو المحتمل هو الطعن على ذلك الحكم واتباع الطريق القانونى لعلاج تلك الأزمة، وفى تقديره هناك حالة داخل الأوساط القضائية من الهدوء وعدم الرغبة فى إثارة المشاكل أو الاصطدام مع جهات أخرى وترك الأمر للقضاء ليقول كلمته بهدوء، بعيدا عن أى محاولات لتسييس الأزمة أو إقحام القضاء فى معارك سياسية جانبية، فالقضاة حريصون على احترام القانون واستقلال القضاء ويرفضون استغلالهم فى معارك سياسية. نص الحكم قضت محكمة جنح مستأنف الأزبكية بتاريخ 24 فبراير 2013 بإلغاء الحكم الصادر من محكمة جنح الأزبكية "أول درجة" التى كانت قد أصدرت حكما بعدم قبول الدعوى الجنائية التى أقيمت بحق أحد المتهمين بتهمة الاحتيال على اثنين من المواطنين وسلب ثرواتهما، بدعوى أن القضية أقيمت من غير ذى صفة فى ضوء أن تعيين المستشار طلعت عبد الله نائبا عاما جاء مخالفا لصحيح حكم القانون والدستور، حيث أكدت محكمة الاستئناف أن تعيين النائب العام الجديد جاء مستوفيا للشروط الشكلية والموضوعية لتولى المنصب التى حددها القانون والدستور. وصدر الحكم برئاسة المستشار إبراهيم محمد، وعضوية المستشارين علاء الدين عبد الغنى ومحمد مأمون، وأكدت محكمة جنح مستأنف الأزبكية فى حيثيات حكمها شرعية الإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر 2012 باعتباره من أعمال السيادة الصادرة من سلطة حكم، التى لا تخضع لرقابة القضاء، وشرعية ما ترتب عليه من آثار بما فيها شرعية تعيين النائب العام، وفقا للقانون والدستور، وأن رئيس الجمهورية هو المختص أصلا بموجب قانون السلطة القضائية بتعيين النائب العام دون قيد أو شرط، وجاء ذلك فى حكمها الصادر فى 24 فبراير، الذى ألغى حكم جنح أول درجة. وحيث إن النيابة العامة لم ترتض بذلك الحكم وبوصفها الأمين على مصالح المجتمع وخشية من إفلات المجرمين من العقاب طعنت على ذلك الحكم أمام محكمة ثانى درجة الاستئنافية، وهى محكمة جنح مستأنف الأزبكية التى أصدرت حكمها بإجماع الآراء بإلغاء ذلك الحكم أول درجة؛ تأسيسا على أنه يحظر على القضاء بموجب المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة 11 من قانون مجلس الدولة من قانون 47 لسنة 1972 من أن تنظر المحاكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أيا من أعمال السيادة أو تحاول أن تئول الأمر الصادر فيها أو توقف تنفيذه. واعتبرت محكمة مستأنف الأزبكية فى حيثياتها أن الإعلان الدستورى الذى تم تعيين النائب العام الحال بموجبه، وهو عمل من أعمال السيادة التى تصدر عن الرئيس بوصفه سلطة حكم وليس سلطة إدارة، وأن الفقه وقضاء محكمة النقض وقضاء المحكمة الدستورية العليا استقروا على أن هذه الأعمال لا تخضع لرقابة القضاء لأنها تتعلق بسياسات الدولة وتدخل فى نطاق تدابير تنظيم شئونها والذود عن مصالحها. وأهم عنصر يميز تلك القرارات السيادية هى الصبغة السياسية البارزة فيها وما يحيطها من اعتبارات سياسية. وأضافت محكمة مستأنف أنه فى حالة سقوط دستور الدولة أو تعطله فإن السلطة القائمة سواء كانت واقعية مثل المجلس العسكرى أو سلطة منتخبة مثل رئيس الجمهورية الذى تم انتخابه بإرادة شعبية حرة، فإن لكل منهما حق إصدار الإعلانات الدستورية اللازمة لتسيير وإدارة شئون البلاد متى كانت هناك ظروف استثنائية وكانت البلاد بدون دستور، إذ يعتبر ذلك استمرارا للمرحلة الانتقالية حتى تمام وضع الدستور، عندئذ ينتهى حق السلطة فى إصدار إعلانات دستورية بمجرد إقرار الدستور، وإذا كان المجلس العسكرى غير المنتخب قد مارس ذلك الحق فإنه من الأولى أن يثبت لرئيس الجمهورية المنتخب بإرادة شعبية، فضلا عن أن رئيس الجمهورية هو المختص أصلا بموجب قانون السلطة القضائية بتعيين النائب العام دون قيد أو شرط. وأكدت الحيثيات أنه من حق الرئيس إصدار إعلانات دستورية، ولا يجوز أن تخضع لرقابة القضاء باعتبارها من أعمال السيادة، ومن ثم فإن حكم أول درجة تجاوز نطاقه؛ لأنه تعرض لشرعية الإعلان الدستورى وحق الرئيس فى إصداره وتعيين نائب عام جديد، ومن ثم فإن ذلك الحكم يكون قد خالف صحيح القانون والواقع، وينطوى على مساجلة فكرية ومبارزة سياسية تشغله عن بحث عناصر الدعوى الواقعية والقانونية دون سند صحيح، ويكون استدلاله فاسدا، ويتجاهل الآثار الوخيمة المترتبة عليه من انهيار نظام الاتهام وإفلات المجرمين من العقاب واستباحة دماء الناس وأعراضهم وأموالهم وعودة إلى شريعة الغاب، إذ لا يجوز تعطيل الدعوى الجنائية بسبب ما ارتكن إليه حكم أول درجة.