توم برادلي رفض تحذير د.زاهي حواس من لعنة أبوالهول وأصر علي تسلق السقالات المحاطة بالتمثال .. وبمجرد عودته إلي لوس أنجلوس فقد وظيفته كعمدة لمدينة لوس أنجلوس. قابلت توم برادلي عمدة لوس أنجلوس في حفل أقامه الراحل الهادي سالم عمدة المصريين في المدينة وكنت أقوم في ذلك الوقت بتدريس الآثار المصرية بجامعة لوس أنجلوس. قابلت توم برادلي وكان محبوبًا جدًا من أهالي لوس أنجلوس وقد عبروا عن هذا الحب بأن أطلقوا علي مطار لوس أنجلوس اسم توم برادلي. وقد قال لي السيد توم أنه يود أن يزور مصر؛ ويحلم بدخول الأهرامات منذ طفولته؛ وسألني هل بالفعل أن السود أو ما يطلقون علي أنفسهم "الأمريكان الأفارقة" هم أصل الفراعنة؟ وأجبته بأن هذا الموضوع أطلقه الشيخ أنتاديوب السنغالي وهو الذي قال بالأصل الزنجي للحضارة الفرعونية ودلل علي ذلك بأن تماثيل رمسيس الثاني وتوت عنخ آمون ملونة باللون الأسود وقلت له إن هذا الرأي ليس له أساس من الصحة لأننا لو نظرنا إلي ملامح هؤلاء الملوك فلن نري شفاهًا غليظة أو الأنف المفرطحة بمعني أن الملامح الزنجية لا توجد ضمن ملامح الفراعنة. كذلك فإن المناظر الممثلة علي المعبد تظهر الملك وهو يخضع أعداءه ومن ضمنهم الزنوج. وهناك رأي آخر يشير إلي أن أصل المصريين سامي حامي؛ والجنس السامي جاء من أسيا والتقي بالجنس الحامي القادم من أفريقيا؛ ودلل أصحاب هذا الرأي علي أن شكل المصريين الذين يعيشون حاليا في الدلتا يشبهون الجنس السامي بينما يميل أهل الصعيد للجنس الحامي. وهناك أيضًا اللغة المصرية القديمة والتي بلا شك تنتمي إلي اللغة السامية ونري في اللغتين العبرية والعربية كثيرًا مما وجد باللغة المصرية القديمة. أعتقد أن أصل المصريين مصري وهناك موقع في مصر الوسطي كشف عنه الإنجليزي سير فلندرز بتري وأشار بعد دراسات أن هؤلاء الناس هم الذين أقاموا الحضارة المصرية العظيمة. وإذا كان أصل المصريين كما يقولون فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم تقم حضارات مثيلة للحضارة المصرية علي امتداد نهر النيل الذي ينبع من قلب أفريقيا؟ ولماذا لم نجد حضارات أخري بالقارة مثل الحضارة المصرية؟ لا يعيب المصريون أن تكون أصولهم سامية أو حامية ولا يعيبهم أن يكون أصلهم من الجنس الزنجي فكل هؤلاء يطلق عليهم في النهاية كلمة بشر جاء من أب واحد وأم واحدة. ولكن نؤكد أنه لا علاقة للسود بأمريكا بالحضارة الفرعونية وأن الفراعنة لم يكونوا من الجنس الزنجي وذلك لأن الدليل الأثري الواضح يرفض قبول هذا. حضر توم برادلي إلي مصر لأول مرة تصحبه مظاهرة رائعة لأن الرجل كان محبوبًا من الجميع ودخلنا الهرم وكان أمرًا شاقًا عليه، مسألة الدخول إلي الهرم لطول قامته؛ ولذلك فبمجرد خروجنا من الهرم قال لي إنه يشعر بحاجته للراحة أسبوعًا كاملا بعد هذا المجهود. كنا نتحدث عن عبقرية المصري القديم في بناء الهرم ومسألة التنظيم الإداري الرائع التي مكنت الفراعنة من عمل مشروعات عملاقة وبناء حضارة إنسانية أنارت للبشرية طريقها نحو التقدم. وعندما وصلنا إلي تمثال أبو الهول الذي كان يخضع للترميم في ذلك الوقت ومن حوله السقالات؛ طلب مني توم أن يتسلق السقالات فضحكت وقلت له إنني أخشي عليك من لعنة أبو الهول وأن تفقد منصبك بسبب ذلك! وكان رده بأن ذلك لا يهمه وأن رغبته في الصعود علي السقالات أقوي من أي شيء؟ وبالفعل صعد توم برادلي علي السقالات؛ وبمجرد عودته إلي لوس أنجلوس فقد وظيفته كعمدة المدينة في نفس الأسبوع! وتقابلنا في صيف ذلك العام في أمريكا وذهبنا إلي الغداء وضحكنا علي ما حدث وقلت له إنني سأنشر مقالًا تحت عنوان "أهم عمدة في تاريخ أمريكا يترك وظيفته.. احترس من لعنة أبو الهول".