سمىر عبدالقادر منصب الوزير حلم يداعب خيال الرجل السياسي انه يتصور نفسه وقد أصبح وزيرا مرموقا يخرج علي الناس كل يوم بمشروع خطير يقفز بوزارته خطوات واسعة للامام ويظل غارقا في احلامه الي ان يتحقق ما يريد ويجلس علي مقعد الوزارة الشائك حتي يري نفسه وقد تضاءل واصبح ترسا صغيرا في آلة ضخمة تدور وتدور في بطء واذا به يجد نفسه يدور معها ولا يسرع بها ولا يغير اتجاهها بل ولا يصنع شيئا علي الاطلاق مكتبة الذي كان يتخيله عامرا بالبحوث والمشروعات قد امتلأ فجأة بسيل لا ينقطع من الاوراق والتعليمات واللوائح كلها تافهة لا فائدة منها، وهو مع ذلك مضطر الي قراءة كل ورقة ثم التوقيع عليها ثم يتعلم التوقيع بغير قراءة ويشعر بعد ذلك الحين انه لا يزاول عملا اهم بكثير من عمل اي موظف في ارشيف وزارته وهذه المقاعد الوثيرة التي تمتلئ بها غرفته والتي كان يتخيلها وقد جلس عليها كبار المختصين والخبراء الفنيين ورجال الاعمال والمستثمرين قد احتلها جيش من النواب والاصدقاء والمعارف وغيرهم من طلاب الحاجات واذا بالمناقشات لا ترتفع في جو الغرفة المكيف الا بالرجاء في نقل فلان وترقية علان واذا بالعجلة تدور كما كانت تدور منذ قرن من الزمان لا شئ جديد! لاشك ان كل هذه الاحلام داعبت خيال اعضاء الحكومة الحالية من الوزراء ولكن من المسئول عن هذه الحالة؟ حزب الأغلبية في أي بلد ديمقراطي له برامجه ومشروعاته وكل وزير ينتمي لهذا الحزب يجدالطريق امامه واضحا فهو مزود بالمشروعات والبرامج اللازمة لوزارته واذا خرج وزير جاء آخر من نفس الحزب استمر في تنفيذ هذه البرامج فاين نحن من كل هذا؟ ان كل وزير يتولي الوزارة ليست لديه اي فكرة عنها لا مشروعات ولا اصلاحات ولا أي شئ علي الاطلاق وفي اول تعديل يذهب الي وزارة اخري اي وزارة لا يهم ويجيء خلف له مثله تماما يسير علي نفس السياسة.. السياسة الشخصية وليس سياسة البرامج الثابتة.. وكثيرا ما نري وزيرين يتعاقبان علي وزارة واحدة كل وزير له سياسة تناقض الاخر تماما! ولا يكفي ان يدخل الوزير الي الوزارة مجهزا ببرامج محددة واضحة انما يجب ان يكون الطريق امامه معبدا لابد ان نزيح من طريقه هذه الاختصاصات الادارية التي تشغله وتضيع وقته وتشتت تفكيره مثل التنقلات والترقيات والعقوبات والمناقصات والمزايدات كل هذا يجب ان يوكل الي موظفين ولجان رسمية وهؤلاء يصدرون احكامهم استنادا الي قوانين ادارية لا تحتمل التجاوز أو الاستثناء وتبقي للوزير بعد ذلك مهمة الرقابة ومحاسبة كل من يتخطي حدوده. بعض وزرائنا يظن ان مهمته الاصلاحية تنتهي حين يقف أمام مجلس الشعب ومصوري الصحف، ويعلن عن مشروع معين، ويعتمده المجلس بين التصفيق والحماس، وينتهي الأمر، ولو كان الأمر هكذا لهان الاصلاح، ولكن مهمة الوزير تبدأ بعد إقرار النواب للمشروع، فيكون العين اليقظة التي تراقب التنفيذ حتي يتم علي أكمل صورة. بقي أن ندقق في اختيار الوزراء أنفسهم ولأول مرة في تاريخ مصر يتولي رئاسة مجلس الوزراء شاب في الثالثة والأربعين، كما ضمت الوزارة عددا من الوزراء الشبان، وهذا تقليد جديد نرحب به، وقد أحسن صنعا د. هشام قنديل لإدخاله عنصر الشباب إلي الوزارة الجديدة، وهذا التقليدالجديد قوبل من الشعب بالترحيب، ولكن المهم هو حسن أداء الوزارة وايجاد الحلول للأزمات التي تحاصرها، قبل ان يصبح حلها مستحيلا!