الحقيقة .. ما حدث يجب أن يكون مبدأ عاماً والأمر يحتم التزام الجميع به خاصة في ضوء وجود »مشروع« قانون خاص بتعارض المصالح تم إعداده عندما كان د. سمير الصياد وزيراً للصناعة والتجارة في حكومة د. عصام شرف لكنه لم يتحول بعد إلي قرار وزاري! مشروع القانون هذا يبحث عن وزير يخرجه من الأدراج.. ولعل هشام رجب مستشار وزير الصناعة والتجارة الخارجية هو الوحيد القادر علي ذلك عندما يعرضه علي المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الحالي بأقصي سرعة حتي لا يتأخر أكثر من ذلك ويأتي وزير جديد.. وهكذا!! المهم أن د. علي فهمي طلبة كان د. هشام قنديل رئيس الوزراء قد استقبله وعرض عليه منصب وزير الاتصالات، وبالقطع كان رئيس الحكومة يعرف أن د. طلبة يرأس مجموعة شركات في عدة مجالات أهمها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة، ولذلك عرض عليه ترك إدارة هذه الشركات جانباً والتفرغ للوزارة للاستفادة من خبراته في مجال الاتصالات.. تماماً مثلما فعل من قبل المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق وآخرون، ولكن د. علي طلبة رفض.. مرت الأيام وتم تشيكل الوزارة لكن سؤالا مهما طرح نفسه: لماذا رفض د. طلبة ترك شركاته لآخرين يديرونها وقبل منصب الوزير مثلما فعل من قبل المهندس رشيد محمد رشيد؟ الأجابة تبدو منطقية عندما تقول آن رشيد وآخرين قبلوا المنصب لكن مصيرهم آل الي السجن!.. لقد قالها د. طلبة »لا« ورفض ماعرض عليه صراحة. وبالقطع كانت في ذهنه صورة المهندس رشيد ومعها صور احمد المغربي وزهير جرانه الذين حصلا علي احكاما بالسجن بجانب محمد منصور الذي نال احكاما قضائية!. وهنا يثور تساؤل آخر : الحكم علي رشيد وآخرين لم يكن بسبب قبول المنصب الوزاري رغم إرتباط ذلك فيما بعد ؟! والأجابة تشير إلي أن د.طلبة يرأس مجموعة شركات كبري 12 شركة وبالعقل كان لا يمكن قبول المنصب الوزاري وترك هذه الشركات، ومنها توكيلات تجارية عالمية تتعامل منذ أكثر من 03 سنة، ويتم التعامل معها في إطار اتفاقات وخطابات ضمان وتعهدات من الجانبين، ولو حدث وقال لهم »لقد أصبحت وزيراً« سوف يتم مصادرة خطابات الضمان حيث ان هذه التوكيلات حصلت علي تعهدات صريحة بحجم بيع محدد لمنتجاتها.. والأهم من هذا وذاك أنه لو قبل المنصب سوف تصبح قراراته كوزير محل شبهة مهما كانت بعيدة عن الشبهات!! وسوف يقال كذا وكذا ولن يقتنع أحد بأي قرار! وأنا هنا لاأذيع سراً عندما أقول إن د. طلبه بمجرد خروجه من مكتب د. هشام قنديل رئيس الوزراء وقت محاولات تشكيل الحكومة تلقي اتصالات عديدة.. بعضها من مسئولي الشركات العالمية يوافقون علي ترشيحه للوزارة تحت حجة محاولة إصلاح الأوضاع وإزالة العراقيل التي يعاني منها المستثمرون ورجال الأعمال! وكانت هناك اتصالات من الجانب الآخر من الشركات المنافسة لمجموعة شركاته حيث أعرب مسئولوها عن تخوفهم من قبولي المنصب الوزاري وقالوا له صراحة: لو قبلت المنصب وجاملت شركاتك سوف »نقطعك«! وبطبيعة الحال فإنه لم يكن في حاجة إلي قدر من الذكاء لكي يذكره أحد بما قيل له. وبالقطع فإن د. علي فهمي طلبة لا يستحق سوي رفع القبعة .. ولعل موقفه يدعونا لسرعة الانتهاء من القرار الوزاري الخاص بالإفصاح ومنع تضارب المصالح. وهنا اتجهت بسؤال إلي المستشار هشام رجب المستشار القانوني لوزير الصناعة والتجارة الخارجية: ما مصير مشروع القانون إياه؟! قال: سوف يتم مناقشته مع المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية قريباً.. وأضاف: لقد تم إعداد مشروع القانون وقت أن كان د. سمير الصياد وزيراً للصناعة والتجارة لكنه لم يتحول إلي قرار وزاري! وأشار المستشار هشام رجب إلي أن مشروع القرار جاء في إطار الحرص علي أن تكون جميع القرارات تصب في الصالح العام والابتعاد عن شبهة استغلال النفوذ وتعارض المصالح. وأضاف أن وزارة الصناعة والتجارة الخارجية أعدت أول مشروع قرار يتعلق بالافصاح ومنع تضارب المصالح، مشيراً إلي أن الافصاح عن حالات تضارب المصالح هو أهم التزام يقع علي العاملين بالوزارة وهيئاتها، وقد حدد مشروع القرار المقصود بتضارب المصالح بوجود صلة مباشرة أو غير مباشرة بين المخاطبين بأحكام القرار في شأن الموضوعات المعروضة عليهم وبين أعمالهم الخاصة أو أعمال أحد من أسرهم حتي الدرجة الرابعة أو تتعلق بشركات يساهمون فيها أو يعملون بها أو يشتركون في إدارتها أو الشركات المرتبطة بها. هذا وقد نص مشروع القرار بوضوح علي أنه لا يجوز لكل من يجب عليه الافصاح الاشتراك في إبداء الرأي أو التصويت أو حضور الاجتماعات المعروض فيها الحالة التي تتوافر بشأنها حالة من حالات تضارب المصالح وذلك متي كان من شأن القرار أن يترتب عليه نفع مباشر علي الملتزم بواجب الافصح أو بالأطراف المرتبطة به. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخري كانت هناك مبادرة مصرية للوقاية من الفساد تم الاعلان عنها منذ قرابة عام أو أكثر بعدة شهور.. وهذه المبادرة يرأس اللجنة المشرفة علي إدارتها د. حسام عيسي أستاذ القانون ويتولي منصب مدير المبادرة د. زياد بهاء الدين الخبير القانوني والرئيس السابق لكل من هيئة الاستثمار وهيئة الرقابة المالية.. ويشارك في إدارتها أيضاً د. ليلي الخواجة أستاذة الاقتصاد وآخرون يمثلون مختلف الاتجاهات الوطنية. هذه المبادرة لا تتناول أي من اجوانب التحقيق والملاحقة الجنائية لقضايا الفساد التي تباشرها جهات التحقيق والرقابة والقضاء المختلفة كل في اختصاصه، وإنما الهدف هو الوقاية من الفساد ومنع ظهوره مستقبلاً بحيث تكتمل معاً سياسات ووسائل الوقاية مع عمل جهات التحقيق والرقابة والقضاء لملاحقة ما يمكن أن يتعرض له المجتمع من أوضاع فاسدة. وجدير بالذكر هنا أن المبادرة هي التي اقترحت مشروع قانون منع تعارض مصالح الوزراء وكبار المسئولين الحكوميين في القطاعات المختلفة بالدولة التي يمكن أن تتعارض فيها المصالح الخاصة مع المنصب العام ورؤساء المؤسسات المالية المملوكة للدولة والعاملين فيها وكذلك العاملين في جميع القطاعات والمناصب والوظائف العامة التي يمكن استغلال المنصب فيها علي أي نحو. كما تتضمن المبادرة وضع نظام للافصاح عما يتقاضاه المسئولون بالدولة من مستحقات مالية ومكافآت وبدلات وجميع المزايا النقدية والعينية مع إتاحة العلم بذلك للجمهور، بجانب مراجعة نظام تعيين العاملين بالجهات العامة بعقود استشارية أو بنظم خاصة. وتتضمن كذلك نظام قانون لمنع الفساد في تمويل الأحزاب السياسية ومنع تعارض المصالح بين العمل الحزبي والعمل الخاص، وكذا ضوابط للفصل بين المصالح الخاصة لأعضاء المجالس النيابية والمجالس المحلية ومقتضيات عملهم النيابي، كما تتضمن المبادرة اقتراح مشروع قانون لمنع تعارض مصالح العاملين في قطاع الاعلام سواء المملوك للدولة أو الخاص، علي أن يشمل ذلك القانون ضوابط تنظم العلاقة بين المادة »الاعلانية« والمادة »التحريرية« في وسائل الاعلام المختلفة. وبجانب هذا كله تتضمن المبادرة مراجعة إقتراح تعديلات في بعض القوانين واللوائح القائمة والتي ترتبط بقضية الوقاية من الفساد ارتباطاً مباشراً بما فيها القنوانين المنظمة للمناقصات والمزايدات والمشتريات الحكومية والقوانين المنظمة لتخصيص وبيع أراضي الدولة والانتفاع بها والقوانين المنظمة للمنافسة ومنع الاحتكار وقوانين حماية المال العام والقوانين المنظمة لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وكذا القوانين التي تنظم التراخيص الصناعية والتجارية. وبعد.. لعله قد يكون آن الأوان لكي يخرج مشروع القرار الوزاري الخاص بالافصاح ومنع تضارب المصالح من الأدراج ويتحول من مجرد مشروع قرار إلي قرار وزاري.. والأهم تنفيذ هذا القرار علي الجميع.. الكبير قبل الصغير!