رغم كبر وضخامة ما حدث بالفعل،..، إلا أنني أري أنه من الخطأ تصور أن أبرز ما تم خلال الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر، هو ما تحقق من تعاون كبير في المجالات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر والمملكة،...، ومن الخطأ أيضا تصور أن نجاح الزيارة يحسب أو يقاس علي قدر ما تم توقيعه من اتفاقيات لمشروعات وشركات مشتركة بين الجانبين، مهما بلغ حجم هذه المشروعات وتعدد نشاطها وكبر وتضخم رأس مالها. وفي تصوري أن الإنجاز الكبير والأكثر أهمية لهذه الزيارة التاريخية وغير المسبوقة، هو أنها وضعت النقاط فوق الحروف، وأكدت في الوقت المناسب الحقيقة الثابتة والراسخة، بأن ما بين مصر والسعودية هو رباط متين ولحمة قوية وأخوة دائمة بين الشعبين والدولتين الشقيقتين،...، وأن هذا الرباط وتلك اللحمة أقوي من كل المؤامرات والأكاذيب الدنيئة لكل الكارهين لهما والساعين للتفرقة بينهما. أسقطت الزيارة منذ لحظتها الأولي جميع الادعاءات الباطلة التي حاول الكارهون ترويجها،..، وأكدت للجميع أن للمملكة مكانا متميزا ومكانة رفيعة في قلوب ونفوس كل المصريين شعبا وحكومة ورئيسا، كما أن لمصر وشعبها قدراً كبيراً من المودة والإعزاز الأخوي في قلوب ونفوس خادم الحرمين الشريفين وكل السعوديين. بعثت الزيارة التاريخية برسالة واضحة لكل من يهمه الأمر إقليميا ودوليا مؤداها أن مصر والمملكة هما ركيزة الأمن القومي العربي، ودرع الحماية والأمان وحصن الدفاع الصلب عن الأمة العربية ضد كل من يريد بها شرا، أو يسعي للنيل من استقرارها وسلامتها. وأن الدولتين والشعبين يد واحدة وقلب واحد في شراكة استراتيجية لمواجهة التحديات العنيفة والتهديدات الخطرة، التي تواجه الأمة العربية حاليا وتحيط بها من كل جانب، في ظل الظروف القلقة والتطورات الإقليمية والدولية المتسارعة والمضطربة، والرياح العاصفة التي تهب عليها من كل اتجاه.