في دراسة قدمها باحث بأمن الدولة.. مطلوب: مد جسور الثقة مع المواطن.. وقواعد تمنع التجاوز وتضمن المساءلة غياب الامن مازال مستمرا.. حتي بعد انتخاب رئيس الجمهورية.! السؤال الحائر لم ينته.. هل وصول الانفلات إلي درجة الانهيار الامني؟! الاجابة جاءت في احدث دراسة أمنية قدمها الناشط السياسي وعميد أمن الدولة السابق حسين حمودة مصطفي.. وفيها وضع تشخيصا للحالة و أسبابها وروشتة العلاج.. وكيفية إعادة الثقة.. وممارسة الجهاز الامني لنشاطه.. في ضوء هيكلة تضمن التغيير و الاصلاح ومراعاة المبادئ الانسانية وفقا للقانون الدولي وحقوق الانسان. تزايد الانفلات الامني في مصر جاء نتيجة لسياسات الوزارة التي كثفت جهودها لحماية الحاكم وأسرته والمقربين، علي حساب الامن العام والكلام للناشط السياسي العميد حسين حموده ولعل لتسمية اكاديمية الشرطة ب »أكاديمية مبارك« دلالة واضحة علي توجه سياسات وزارة الداخلية التي غلبت الأمن السياسي علي الأمن الجنائي، كما أن الانفلات الامني كان موجودا قبل الثورة وتحول من انفلات إلي انهيار أمني كامل والذي برزت ملامحه في ايام الثورة وبصورة متعددة كان منها انهيار شرطي تام.. انتشار قوات الشرطة عشوائيا، نفاد الذخيرة، احتراق السيارات.. نهب الاقسام.. فتح السجون، سرقة الاسلحة، وصدور قرار بحظر التجول واستدعاء القوات المسلحة للنزول إلي الشارع. كما ان تقاعس المحافظين عن القيام بمسئوليات حفظ الأمن، وفق مقتضيات قانون الادارة المحلية، وذلك لسطوة وزير الداخلية وديكتاتوريته وتخوف المحافظين من بطشه. انقلاب السحر علي الساحر فاستعانة رجال الشرطة بالبلطجية لبسط سيطرتهم علي مناطق بعينها خلق مناطق تحت سيطرة هؤلاء الخارجين عن القانون بمعزل عن سلطة الدولة وسميت هذه العلاقة ب »البلطجية والشرطة إيد واحدة« ثم انقلب السحر علي الساحر، فاستغل البلطجية حالة إعياء وإنهاك قوات الامن خلال أحداث الثورة، وهجموا علي أقسام الشرطة وسرقوا سلاحها، فصدقت مقولة: »لا تلم الثعبان إذا أدخلت رأسك في جحره«!! الاستبداد السياسي والاداري كما أوضحت الدراسة انه لم تكن هناك مناقشة لأوامر أو توجيهات قيادات الوزارة، حتي ولو كان الاعتراض مبنيا علي أسباب منطقية، حتي أن التشهير والاعتداء والتعذيب والقتل كانت له مبررات، تندرج تحت دعاوي الحفاظ علي الأمن العام والذي كانت كلمة »خط أحمر« دائما ما تردف ذكره!! إقصاء الكفاءات ويضيف العميد حسين حمودة ان استغناء وزارة الداخلية عن أغلب الكوادر الامنية التي تتحلي بالموضوعية في تقييم الامور، خشية ان تمثل عائقا أمام »مسلسل« التوريث ولد مشاعر الاحباط واللامبالاة في اوساط الضباط الشرفاء، كما يعتبر الغرور والتعالي علي المواطنين »عاملا نفسيا« ناتجا عن ثقافة الاستعلاء لدي ضباط وأفراد الشرطة، فالأمن بالنسبة لهم يتحقق بالضرب والقمع والتعذيب، وهؤلاء يعتبرون انفسهم فوق القانون، وبالتالي فهم يتقاعسون عن حماية المواطنين ليجبروهم علي الاختيار بين أمرين: إما التسليم بقمع الشرطة أو ترويع البلطجية. ويذكر حمودة هنا مقولة الرئيس الامريكي الاسبق بنجامين فرانكلين: »أولئك الذين يستبدلون الأمن بالحرية، لا يستحقون أيا منهما«. ويؤكد ذلك تقرير بعثة تقصي الحقائق لأحداث العنف الطائفي التي شهدتها إمبابة 7 مايو 1102م، وأسفرت عن حالات من الوفيات والاصابات، وارجع التقرير ماحدث لأسباب ما سماه »التخاذل الأمني«. التحلل الأخلاقي وتؤكد الدراسة ان توجيه بعض قيادات الشرطة أقذع الشتائم لبعض الضباط والأفراد الاقل رتبة لتأثرهم بسلوك أخلاقيات ذوي النشاط الاجرامي ومن ثم فإن تجاوز ضباط وأفراد الشرطة مع المواطنين لا يكون غريبا اذا ما وضعنا في الاعتبار ما يسمي في علم النفس ب »الإزاحة Displacement أو بنظرية »سلوك صف الضابط«. كما ان هناك ضباطا وأفراد شرطة كانوا يربحون أموالا طائلة بطريقة غير مشروعة، وقضت الثورة علي مكاسبهم لذا لابد من إحكام الرقابة المالية علي الإدارة العامة للحسابات بوزارة الداخلية وسرعة محاسبة القائمين عليها. كراهية الشرطة أيضاً طغيان وفساد جهاز الشرطة الذي بلغ ذروته، بلغت معه كراهية وسخط المواطنين عليه مبلغاً مماثلاً، وذلك لازدياد حدة تعمية وتعتيم وزارة الداخلية علي مختلف الجرائم التي ارتكبها موظفوها ضد الأبرياء، ومن أبرز تلك الجرائم: تعذيب عماد الكبير قتل كل من خالد سعيد والسيد بلال. بناء أجهزة الداخلية وإصلاحها أوضح العميد حسين حموده في اعادة الأمن وإصلاح أجهزته لابد من الحفاظ علي القانون وانفاذه، وحفظ النظام العام، وتقديم المساعدة والعون أثناء الطواريء.. واستبدال شعار الشرطة الحالي »الشرطة في خدمة الشعب« بشعار »الشرطة درع القانون وسيفه«، وسرعة تنفيذ العدالة الانتقالية وذلك عبر آلياتها الخمس المعروفة، وهي: المحاكمات والتحقيق، ولجان الحقيقة، والتعويضات لجبر الأضرار، والاصلاح المؤسسي. كذلك وضع ضوابط لمساءلة الأجهزة الأمنية وفق المسئوليات والصلاحيات الممنوحة لموظفي انفاذ القانون، وتقييم أدائها وسرعة تنفيذ برامج لمد جسور الثقة بين المواطنين وجهاز الشرطة في اطار مفهوم الشرطة المجتمعية Community Policing هي منظور جديد للعمل الشرطي يعتمد علي المعلومات التي من شأنها معالجة جميع المشكلات السلبية بالمجتمع، والولايات المتحدةالأمريكية من النماذج الرائدة في ذلك. ضرورة تأسيس إدارة لتقييم الأداء الأمني، تحت مسمي »الإدارة العامة لمتابعة الأداء الأمني، علي أن تكون إدارة شرطية بمكون مدني قوامه خبراء تنمية وإدارة الموارد البشرية لتطوير الأداء الأمني.. وإنشاء منظومة رشيدة للإعلام الأمني تضع خطة عاجلة لتغيير الصور الذهنية للشرطة في نفوس المواطنين.