وتتخذ مؤسّسة الفكر العربيّ منهجيّة جديدة في مؤتمرها، من خلال الإعداد له بتقريرٍ عربيّ شامل يتضمّن الأوراق البحثيّة التي قُدّمت ونوقشت في سلسلة ورش العمل التحضيريّة تمر هذه الأيام 70 عاما علي انشاء جامعة الدول العربية كأول منظمة عربية في التاريخ العربي المعاصر، تم الإعلان عن قيامها في 22 مارس 1945، ويرجع الفضل في ذلك إلي الجهود الكبيرة التي قام بها مصطفي النحاس رئيس وزراء مصر.. فمع وجود رغبة دائمة لدي الدول العربية لعمل كيان موحد لهما، استغل مصطفي النحاس ذلك وألقي خطابا في مجلس الشيوخ المصري عام 1942، أعلن فيه رغبة مصر في عقد مؤتمر للقادة العرب.. وفي سبتمبر 1943 بدأت المشاورات الثنائية بين مصر وكل من الأردن والعراق وسوريا، وأقرت اللجنة التحضيرية في قصر الزعفران بالقاهرة في 17 مارس 1945 الصيغة النهائية لميثاق جامعة الدول العربية وبدأت الجامعة اعمالها منذ ذلك التاريخ ومع الأحداث الكثيرة المتلاحقة والاضطرابات التي تشهدها منطقة الدول العربية، كان يجب العمل علي تطوير الجامعة وتفعيل ميثاقها وتدعيم أجهزتها ومؤسساتها، لتصبح أكثر قدرة علي اتخاذ قرارات حاسمة في الملفات المختلفة.. فلو بحثنا عما قدمته جامعة الدول العربية خلال هذه الفترة.. لن نجد لها اي قرارات مؤثرة.. حتي أن هناك أصوات تنادي بإلغائها ماتحتاجه جامعة الدول العربية هو أن يكون لها قرار مؤثرعلي منطقة الشرق الأوسط وأن يكون لها مواقف ضاغطة علي دول العالم.. جامعة الدول العربية انشئت في مارس سنة 1945 أي قبل انشاء منظمة الاممالمتحدة بثلاثة أشهر..ورغم ذلك فالجامعة علي العكس من منظمة الأممالمتحدة تمر بأضعف حالاتها.. أصبحت مجرد كيان ليس له دور حقيقي علي أرض الواقع وأقصي قراراتها الشجب والإدانة.. ولا تستطيع اتخاذ قرار واحد قوي في أهم القضايا العربية.. وهي تري الدول تتناحر وتتشاجر بل وتتحارب ايضا رغم أنهم جميعا تحت رايتها.. هل تستطيع جامعة الدول العربية أن توقف هذا التناحر وأن تواجه التحديات والمؤامرات والربيع العربي الذي يهدف إلي تقسيم وتفتيت الدول العربية..هل تستطيع تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتي تم الاتفاق عليها منذ عام 1950 وطالبت مصر بتفعيلها في القمة العربية الأخيرة بشرم الشيخ بعد مباحثات ومحادثات مع معظم الدول التي وافقت بالفعل عليها وأقرتها.. نحن نمر باصعب موقف علي المستوي العربي ونحتاج تفعيل هذه القوة العربية المشتركة كما نحتاج إلي تدخل حكماء الأمة العربية لوضع حلول للمشاكل بين الدول والتي تكاد تعصف بالأمة.. نحتاج إلي حلول سياسية لمشاكل مثل التي تحدث بين السعودية واليمن وما يحدث من قطر ولماذا لم يكن هناك موقف واضح منها.. لماذا لانجتمع علي كلمة واحدة وبهذه المناسبة قررت مؤسسة الفكر العربي برئاسة الامير خالد الفيصل أن تعقد مؤتمرا حول التكامل العربي بمقر الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية بالقاهرة تحت رعاية الرئيس عبدالفتّاح السيسي، وهوالملتقي العربيّ الأوّل للمنظّمات والهيئات والمجالس والاتّحادات والصناديق العربيّة التكامليّة، المنبثقة عن جامعة الدول العربيّة أو العاملة في إطارها، أو المرتبطة معها باتّفاقيات تعاونكما ويغطّي مختلف محاور «التكامل العربيّ» وقضاياه، وذلك انطلاقاً من الأوضاع الراهنة التي يعيشها الوطن العربيّ يتم خلاله تقديم بحوث واراء ودراسات حول كيفية التكامل بين الدول العربية وتتخذ مؤسّسة الفكر العربيّ منهجيّة جديدة في مؤتمرها، من خلال الإعداد له بتقريرٍ عربيّ شامل يتضمّن الأوراق البحثيّة التي قُدّمت ونوقشت في سلسلة ورش العمل التحضيريّة، وأبرز ما نتج عن هذه الورش من أسئلة واقتراحات وتوصيات. كما يعتمد المؤتمر آليّة جديدة في جلسات المؤتمر، حيث سيتمّ توزيع الحوارات والمشاركين علي مجموعات ينتقل فيها المشاركون من مجموعة إلي أخري؛ ويتمّ تجسيد مخرجات المناقاشات عبر رسم بيانيّ مبتكر. والمؤتمرينعقد بحضور أكثر من 300 شخصيّة عربيّة وعالميّة من المنظّمات والهيئات والمجالس والاتّحادات التكامليّة و75 باحثاً ومتخصّصاً وخبيراً من أصحاب الفكر والقرار فضلاً عن مراكز الأبحاث والمنظّمات المختصّة و30 شخصيّة إعلاميّة ورؤساء تحريرو30 شاباً من مختلف الدول العربية و50 من أعضاء مجلس أمناء مؤسّسة الفكر العربي والرعاة ومن رجال الأعمال وأصحاب المؤسّسات الاقتصاديّة في الوطن العربي. فهل تستطيع جامعة الدول العربية مع احتفالاتها بالعيد السبعين أن تبدأ عهداً جديداً وأن يكون لهامكانها المتقدم وسط المنظمات العالمية وتتخذ مواقف قوية ومؤثرة لتضم الشمل العربي وتمنع التقسيم والتفيتيت والتناحر.. إلي متي يظل التكامل العربي حلما مستحيلا.