إلي أين نحن ذاهبون؟ وإلي أي مدي نحن جادون في إعادة بناء مصر الجديدة؟ ولماذا تبدو نوايا البعض غير خالصة لوجه الله والوطن في ظل تلك الاوضاع السياسية الراهنة التي نمر بها؟ وهل صحيح إننا معرضون إلي مؤامرة هدفها الاستمرار في تفكيك مفاصل الأمة حتي تسقط وتنهار مصر بأيدي أبنائها؟ كل هذه الأسئلة راودتني ليل نهار منذ الإعلان رسميا علي نتائج الانتخابات ظهر الاثنين الماضي حيث تأكد بشكل قاطع ورسمي ان سباق الإعادة علي شغل المنصب الرئاسي الرفيع سوف يكون بين المرشحين د.محمد مرسي و د. أحمد شفيق وتلك هي إرادة الناخبين التي جاءت بها صناديق الاقتراع في ظل مناخ ديمقراطي صحي أشاد به كل المتابعين والمراقبين للعملية الانتخابية علي الرغم من حدوث بعض الخروقات من قبل بعض السادة المرشحين ومؤيديهم وهي ظاهرة لا تخلو منها أية انتخابات تحدث في العالم بل وفي أعرق البلدان الديمقراطية يحدث ما هو أكثر من ذلك. وكنت أتصور إننا قد تغيرنا بعد ثورة 25 يناير وأرتقي تفكيرنا وأرتضينا بالديمقراطية لتكون أسلوبا لحياتنا السياسية في مصر الجديدة حيث خرجت علينا تصريحات النخبة وقادة الاحزاب وزعماء التيارات الدينية والحركات الثورية ليؤكدوا جميعا احترامهم لإرادة الناخبين وما سوف تأتي به صناديق الانتخابات وفجأة ظهرت المؤشرات الأولية لتقلب الاحداث رأساً علي عقب بأسماء قفزت إلي الصدارة في المشهد الانتخابي الرئاسي بينما توارت أسماء اخري لامعة إلي الصفوف الخلفية وقامت الدنيا ولم تقعد بعد أن تأكدت هذه النتائج وحدثت معارك كلامية ثم أمتدت إلي مظاهرات صاخبة في ميدان التحرير وصولا إلي إشعال النيران في المقر الانتخابي للمرشح د. أحمد شفيق وكلها أحداث مؤسفة ما كان ينبغي لها أن تتم لو حكمنا صوت العقل والضمير وتمسكنا بما تعهدنا عليه من قبل وهو احترام إرادة الناخبين فالجميع مصريون بصرف النظر عن انتماءاتهم الفكرية أو السياسية أو الحزبية ومن يصل منهم إلي مقعد الحكم لابد أنه سوف يعلي صوت الحق والواجب والعدل والضمير لانه يعلم المصير الذي ينتظره لوخرج عما نادت به الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وديمقراطية فلماذا الخوف أذن وما هي المبررات التي تجعلنا نتبادل الاتهامات بالتخوين والعمالة والاستبداد وكلها مفردات تسيء للمشهد الديمقراطي الجميل الذي أفرزته دماء الثوار وشهداء الوطن الابرار الذين صنعوا لمصر فجر يوم جديد بعد 30 عاما من الظلم والفساد وكبت للحريات وتكميم للأفواه. إنني أدعو إلي السعي الجاد نحو توافق وطني عاجل خلال المرحلة المقبلة فهو المطلب الوحيد الملح والعاجل للإستمرار في بناء مؤسسات الدولة ووصول رئيسها إلي مقعد الحكم وممارسة سلطاته وفقا لاحكام الاعلان الدستوري الذي قمنا جميعا بالاستفتاء عليه وفيه خضعت الاقلية لإرادة الاغلبية ولم يعترض أحد رغم اننا كنا من بين أصحاب الآراء التي نادت بضرورة وضع الدستور أولا قبل إجراء اية انتخابات برلمانية أو رئاسية ولو كان قد تم هذا لتجنبنا الوقوع في كل ما نحن نعاني منه الآن من أخطاء ومع ذلك صارت الأمور نحو إعادة بناء الدولة وتسليم السلطة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي الرئيس المنتخب قبل اليوم الأول من شهر يوليو المقبل حيث تكتمل فرحتنا لنتفرغ جميعا إلي إعادة بناء الوطن. وانطلاقا من الإلتزام الذي قطعناه علي أنفسنا منذ الإستفتاء علي الإعلان الدستوري لابد أن تتحد إرادتنا الآن علي توافق وطني يخرجنا من تلك الأزمة ونتجه جميعا إلي صناديق الاقتراع يومي 16 و 17 يونيو الحالي ليقول كل المصريين كلمتهم في اختيار رئيسهم القادم الجديد أيا كان أسمه أو انتماؤه السياسي بشرط ان يتدفق الملايين نحو المقار الإنتخابية لاداء واجبهم الوطني حتي لا تأتي نسبة المشاركة علي النحو الذي جاءت به نتائج المرحلة الاولي التي لم تتجاوز 46٪ من مجموع اصوات الناخبين التي تتجاوز 50 مليونا في جميع انحاء مصر. يا سادة الوفاق الوطني العاجل هو الحل الآن الذي ينبغي ان نلتف من حوله لنجتاز النفق المظلم الذي نقف علي أبوابه وليعلم الجميع اننا مطالبون بهذا الوفاق ايضا داخل البرلمان للإتفاق بشكل نهائي علي المعايير الرئيسية لتشكيل لجنة وضع الدستور الدائم للبلاد وكفانا خلافات وانقسامات واحتقانات وتشرذما بين افكار من هنا وأخري من هناك فتعالوا جميعا إلي كلمة سواء تضع حلولا عاجلة لما نحن فيه الآن فهذه ليست المرة الاولي ولن تكون الاخيرة التي نواجه فيها تحديات جسيمة تقف امامنا مثل حائط الصد لعرقلة عودة الأستقرار لبلادنا الشامخة فالعناية الإلهية التي صنعت وحمت ثورتنا لن تتخلي عنا للوصول بسفينة الوطن إلي شاطئ الأمن والامان فمصر كانت وسوف تظل أرض المحبة والسلام إلي أن يرث الله الارض ومن عليها. ويارب أحفظ لنا مصر