لا شك أن ضرب العلاقات المصرية- الروسية هو أحد الأهداف الأساسية للحملة الرهيبة التي تستغل حادث الطائرة الروسية، والإجراءات المتسرعة التي تم اتخاذها من حكومات الغرب بقيادة أمريكا وبريطانيا. العلاقات المصرية- الروسية- تزعج الكثيرين ، خاصة بعد التدخل الروسي في سوريا الذي قلب الموازين الاستراتيجية في المنطقة، وكشف حقيقة المزاعم الامريكية عن حربها ضد «داعش» التي لم تكن لها من نتيجة إلا زيادة قوة العصابة الإرهابية وباقي الدواعش الذين تم دعمهم تنفيذا لمخطط تقسيم المنطقة من جديد وتسليم حكمها للعملاء الذين يرفعون راية الاسلام زورا وبهتانا، وهم يبيعون الأوطان ويعيدون أزهي عصور التخلف، ويخططون لتحويل الوطن العربي الي نسخ من الصومال أو أفغانستان تحت رعاية أمريكا وحلفائها وأذنابها في المنطقة. ورغم أن مصر أكدت من البداية أنها لا تريد أن تكون علاقاتها القوية مع روسيا علي حساب أحد - بل لخدمة البلدين ومن أجل استقرار المنطقة.. لكن هذا هو بالضبط ما يخشاه الجانب الامريكي وحلفاؤه الذين تعودوا علي مدي أربعين سنة أن تكون 99٪ من أوراق اللعبة في المنطقة بأيديهم، كما وعد السادات!! والذين يدركون أن نجاح مصر في إقامة علاقات متوازنة مع كل القوي الكبري في العالم يعني تعزيز قدرتها علي تنويع مصادر قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ويعني قبل ذلك - استعادة قرارها بيدها وإنهاء سنوات التبعية، والتعامل مع الجميع من منطلق التكافؤ والمصالح المشتركة وحدها. لن تنسي القوي المعادية أن روسيا كانت أولي القوي الكبري التي وقفت بجانب ثورة يونيو وساندتها بكل ما تستطيع حتي وهي تتعرض لحصار اقتصادي غربي شديد الوطأة.. ولن تبتلع القوي المعادية أن تسقط مصر فاشية الإخوان، وأن تنجح في التصدي للإرهاب، وأن تمضي في بناء اقتصادها وتنويع سلاحها.. وفي هذا الاطار ينبغي أن نفهم هذه الحملة الملعونة لضرب السياحة في مصر، وكأن أمريكا وبريطانيا وحلفاءها يريدون عقاب مصر علي جريمة ارتكبها الإرهاب الداعشي أو غيره.. لو صحة فرضية سقوط الطائرة بعمل إرهابي! ومع تقديرنا للظروف الضاغطة التي تعرض لها الرئيس بوتين، وجعلته يصدر قراره بوقف الرحلات السياحية الي مصر، فإننا علي ثقة من أن هذا الوضع لن يستمر طويلا، وأن جهود البلدين الصديقين ستتجاوز الظروف التي أدت لصدور هذا القرار.. ويشجعنا علي ذلك أن معظم السياح الروس رفضوا العروض المغرية التي قدمتها الشركات التركية التي أرادت استغلال الموقف، وطلبوا إما أن يبقوا في مصر لاستكمال رحلاتهم، أو العودة لبلادهم! عودة السياحة الروسية لمصر أمر هام لعلاقات البلدين ولاقتصاديات مصر حيث تمثل السياحة الروسية حوالي ثلث عدد السياح جميعا، لكن ذلك ورغم أهميته القصوي- ليس الا خطوة واحدة.. ما هو مطلوب للرد علي محاولات حصار البلدين وضرب العلاقات بينهما؟. والمطلوب هو خطوات أكبر في تعزيز العلاقات في مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والتصنيع المشترك ومضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين أو بالمشاركة مع دول عربية وصديقة أخري. سنتجاوز الأزمة بإذن الله، أما الذين يرعون الإرهاب ويحاولون حصارنا اقتصاديا فسوف يجنون الثمار المرة لأعمالهم، ألم يفعلوا ذلك مع «القاعدة» من قبل فوجدوها تضرب داخل بيوتهم؟!