ليس بحكم الزمالة أو الصداقة، وإنما بحكم المسئولية الوطنية قبل كل شيء.. ينبغي أن نقف جميعا مع الزميل حلمي النمنم وزير الثقافة الجديد، لنصنع شيئا يعيد لمصر تألقها الثقافي، ويعيد لنا وجهها الجميل الصانع للإبداع والمؤمن بالاستنارة والمدافع عن الدولة المدنية التي نكافح من عهود طويلة لإقامتها، بينما قوي التخلف لا تتوقف عن إعاقة جهودنا. تعودنا طويلا ألا يتفق المثقفون علي شيء، وألا يجمعوا علي رأي أو يتوافقوا علي شخص. لكننا مطالبون جميعا بأن نتفق علي طبيعة الخطر الذي يتهددنا، وعلي حقيقة المعركة التي نواجهها والعدو الذي يهدد كل شيء جميل في مصر. وليس في مصر ما هو أجمل من إبداعها الثقافي والفني عبر العصور، ولا أثمن من تمسكها بأن تكون دولة لكل مواطنيها يبنونها بالعلم والعمل، ويحصنونها بالعدل والحرية، ويضاعفون ثروتها يوما بعد يوم بما تضيفه الثقافة ويبدعه الفن في كل المجالات. نعرف، ويعرف حلمي النمنم، أن المعركة ليست سهلة بعد سنوات من التدهور الثقافي والتدهور الفني، وبعد أن تربت أجيال في أحضان مناخ ثقافي مشوه يضع الثقافة في مقابل الدين (!!) ويضع الإبداع الفني في دائرة التحريم (!!) ويضع الدولة خارج المعادلة (!!) ويترك الفن لتجار الخردة (!!) والثقافة في يد من يؤمنون بأن العقل توقف قبل قرون عند ابن تيمية، وأن كل جهودنا في سبيل ثقافة حرة مستنيرة منذ رفاعة وحتي طه حسين وصولا إلي اليوم هو كفر يستحق العقاب الذي ناله نجيب محفوظ حين تمت محاولة اغتياله، وناله غيره بالاغتيال عن طريق التكفير ممن لا يعرفون عن صحيح الدين شيئا. أمام وزير الثقافة الجديد حلمي النمنم معركة ليست سهلة، أمامه قصور ثقافة مغلقة، وسينما فقدت توهجها، ومسرح نرجو له التعافي، وكتاب يناضل لكي يكون سلاحا في يد التنوير وليس وسيلة للتكفير ودعوة للتخلف! أرجو ألا يتكرر ما وقع مع الدكتور جابر عصفور حين تركنا الصراعات الصغيرة تترك الرجل وحده في مواجهة تيارات التخلف(!!). الموقف الآن أكثر وضوحاً، وإذا لم تتوحد صفوف المثقفين أمام الأخطار المحدقة بنا، فلا فائدة من كل الجهود التي تبذل لمقاومة تيار التخلف والتطرف، لأنه سيبقي فكريا (وهذا هو الأخطر) حتي لو قضينا عليه في ساحة القتال. مطالبنا من الثقافة كثيرة لأن الخراب الذي تم كان هائلا، ميزة حلمي النمنم أنه يمتلك رؤية منحازة ومستعدة للقتال في سبيل ما يؤمن به، كما يمتلك خبرة إدارية واسعة بدهاليز وزارة الثقافة المطلوب إخراجها من حالة التعطل عن العمل. ومع ذلك فهو لن يستطيع إتمام المهمة إلا إذا تناسي المثقفون خلافاتهم الصغيرة، ووقفوا جميعا معه.. وأظنهم سيفعلون لأن البديل سيكون أسوأ من تجربتي عبدالعزيز والنبوي بكثير!