سلمنا امرنا لله في حالة الارتباك التي سادت الاداء السياسي بعد الثورة، والتي كانت حصيلتها الاخطاء العديدة في ادارة الفترة الانتقالية.. ولكن ماذا عن هذا الجمود الذي يسود الحياة الثقافية والفنية حيث غاب التحرك الجاد للجماعة الثقافية، ولم نر عملا فنيا واحدا يليق بالثورة ولا اغنية جديدة ترتفع الي مستوي الاحداث التاريخية التي نمر بها ولولا تراث جميل لموسيقانا منذ خالد الذكر سيد درويش وحتي الشيخ امام، لما وجدنا مانحتفي به بالثورة أو يشد أزر الثوار أو يقول إننا طوينا صفحة »اخترناك« و»حاركب الحنطور.. واتحنطر«!! وكنت أتصور أن تحشد مؤسسات الدولة الثقافية والفنية كل جهودها لدعم الثورة، وأن ينهمر علينا الابداع المعبر عن الثورة، وأن ينزل الفن الي القري والاحياء الشعبية في احتفالات يشارك فيها كبار الفنانين تنشر البهجة وتجمع الناس في حب الوطن.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث لتخلو الساحة لثقافة الفلول من ناحية او لاعداء الثقافة واصحاب الثأر مع كل جميل في الحياة من ناحية اخري!! وكنت أنتظر ان تتحول قصور الثقافة الي منارات حقيقية تجمع المبدعين وتنشر الفن الجميل والثقافة الراقية في كل انحاء مصر. لكنها بقيت مغلقة بسبب غياب الدولة وانعدام الرؤية التي تدرك ان المعركة الثقافية هي الاهم في تحديد مصير الثورة وان المصير مظلم اذا استسلمنا لثقافة التخلف التي تحارب بضراوة لكي تأخذ عقل مصر الي كهوف افغانستان!! وكنت اتصور ان تتوحد كل جهود مؤسساتنا الثقافية الرسمية والاهلية في تجمع كبير لحماية الثورة التي دفع المثقفون اغلي الاثمان وهم يبشرون بها ويعملون من اجلها، ولحشد المجتمع كله لوضع الضمانات المطلوبة لحرية الفكر والابداع التي تواجه الافكار بعد ان انطلقت خفافيش الظلام من جحورها.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث لنبقي مع جهود فردية لمثقفين شجعان، ومع صمت غير جميل وغير مقبول من مؤسسات الثقافة!! بعد 002 يوم من الثورة .. فيلم سعد الصغير يحصد اكبر الايرادات! والفلول تعربد في الاعلام وفي الثقافة! والذين حاولوا قتل نجيب محفوظ اصبح لهم بدل الحزب احزابا بعضها يحكم بتكفير من يشاهد التليفزيون! ومسرحية اختطاف الثورة تعرض بنجاح منقطع النظير!!