إذا كنت لا تستطيع دخول مكتبك.. فكيف تحدثني عن الاستثمار الأجنبي في مصر؟!.. كيف يأمن أي مستثمر علي نفسه وماله؟!.. فوجئ الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بهذه الكلمات في تعقيب رئيس وفد اقتصادي أجنبي خلال اللقاء الذي تم في المقر المؤقت لرئيس الحكومة بوزارة التخطيط وبعد شهر من توليه المسئولية.. التعقيب المفاجئ للمسئول الأجنبي كان بعد إسهاب في الشرح من الدكتور الجنزوري عن الوضع الاقتصادي المصري والتيسيرات التي تستطيع أن تقدمها الحكومة في دولة واعدة بكل إمكانيات ومجالات الاستثمار.. وأن التعاون الدولي وجذب الاستثمارات ضرورة لإنقاذ مصر من كبوتها لأن الوضع سييء ويسير إلي الأسوأ إذا لم يتم استنهاض الهمة للخروج من المأزق الراهن. وفي 62 فبراير وقف د. الجنزوري أمام مجلس الشعب خلال إلقاء بيان الحكومة مستنجدا حتي البكاء.. مصر لم ولن تركع وستعبر أزمتها المالية.. وعود العرب والغرب دخان في الهواء وعلينا الاعتماد علي أنفسنا.. الإنتاج يتراجع والدخل يقل ولابد أن ننهض قبل فوات الأوان. لم تكن تحذيرات رئيس الوزراء بجديدة.. فطوال الشهور الماضية لم يكل اللواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشئون المالية عن صرخاته المهمومة في عدة ندوات عقدها للإعلاميين والسياسيين والمستثمرين والمهتمين بالشأن العام.. انتبهوا.. الوضع خطر.. خطر.. ولا يصح أن نتغافل نداء مصر المقدس وثورتها الطاهرة.. ما هكذا يجب أن يكون حالنا ولا نرضي لمصر مد يدها لنأكل طعام يومنا. هكذا الحال مستمر في تدهور.. وهكذا البلد كله في غيبوبة.. لا هم لأحد غير صراع منافسة الرئيس وخناقات البرلمان.. وبنود الدستور ولجنته.. واستعراض القوة الوهمي.. وإهانة القانون ودهسه بالأحذية.. والكل سعيد ويبتسم.. لم نع شعبا وحكومة وسلطة.. أن الانشغال ببناء المؤسسات الدستورية لا يعني عدم السير في خط متوازن مع الحفاظ علي كيان مصر الاقتصادي.. وكأن الناس لا تحتاج إلي عمل وعلاج وطعام وشراب.. وأن كل همها من يشارك في لجنة الدستور أو يفوز بمقعد رئيس الدولة!!.. وإذا سارت الأمور هكذا دون إجراءات فورية ومواجهات للفوضي أكثر حسما.. فلن يجد الرئيس دولة يديرها.. لأنها حينذاك ستكون »تل خراب«. ولأن زمار الحي لا يطرب، ولم نستمع لصرخات الخبراء والمسئولين المصريين.. فلعل الحذر القادم لنا عبر البحار من الخبراء الأجانب يثنينا عن حالة البلاهة لدرجة البلادة التي نعيشها.. فالشهادات الدولية، يجب التعامل معها بجدية.. فهي ليست تهوين حكومة حتي لا تبدو عاجزة.. ولا تهويل معارضة حتي تؤكد فشل الحكومة. ولكنها شهادات من أهل العلم والخبرة.. لن يضرهم أننا في تراجع خطير.. ولا يسعدهم أن اقتصادنا بالقوة التي ينافس بها الاقتصاد الأمريكي أو يخاف منه الاتحاد الأوروبي أو أنه سيزيح النمور الآسيوية! هذه الشهادات نذير الشؤم لم تلق الاهتمام الكافي رسميا وسط الصخب السياسي، رغم أن الحكومة ليست المعني الأول بهذا الصخب.. ولن يرحمها أحد عندما تفشل في توفير الخبز للناس.. وبنفس القدر ينغمس الإعلام، »صحافة وتليفزيون« في ملاحقة أحداث الانتخابات الرئاسية التي يلهث وراءها الناس.. الإعلام والأحزاب والبرلمان تتحمل مسئولية ضمنية.. عن الخطر القادم، ولكنه مسئولية أساسية للحكومة والمجلس العسكري والبرلمان لإنقاذ مصر من كارثة اقتصادية لن يرحم التاريخ من تراخي في مواجهة الفوضي والتهاون في تطبيق القانون.. واتخذ من القرارات العاجلة ما ينقذ مصر من الإفلاس. ثلاثة أخبار نشرتها صحيفة »الأخبار« يوم الأربعاء الماضي الأول.. في تقرير اقتصادي لصحيفة »ديلي تلجراف البريطانية« يقول: مصر تحتاج 21 مليار دولار حتي لا تعلن إفلاسها هذا الصيف، وأنها تحتاج إلي خطة تقشف تهدد بالاضطرابات، وأن خزانة الدولة شبه خاوية وغير قادرة علي استيراد السلع الأساسية مثل القمح والوقود في غضون شهور عديدة. وأن الاقتصاد المصري يعاني أضراراً بالغة نتيجة انهيار السياحة والاستثمارات الأجنبية وهبوط عائدات الضرائب والسحب من الاحتياطي الأجنبي. الخبر الثاني.. في تقرير لصندوق النقد الدولي يقول: معدل النمو في مصر يتراجع إلي 5.1٪ هذا العام.. أما الخبر الثالث فيقول.. البورصة تخسر 7.2 مليار جنيه.. وهو الخبر الذي أصبح معتادا للقارئ مثل مواقيت الصلاة وأسعار العملات. الأخبار الثلاثة.. من الممكن القول بأنه لا جديد فيها.. هذا ما يحذر منه الخبراء والمسئولون طوال الشهور الماضية.. ولكن الأهمية في شهادة الاقتصاديين العالميين لصحيفة ديلي تلجراف وصندوق النقد الدولي وغيرهما من المؤسسات المالية، الكفيل بها أن تساعدنا، وإذا لم نأخذ تحذيراتها مأخذ الجد، لن نستطيع إقناعها بحاجتنا العاجلة للعون، ولذلك كان غريبا التعقيب الفوري من وزير المالية ممتاز السعيد عن هذه التقارير نافيا ما تضمنته من تخوفات مواجهة مصر للإفلاس.. مشيرا في أرقام ومصطلحات لا يفهمها المواطن العادي عن تحسن في إجمالي الدين العام الخارجي والمحلي خلال العام الماضي.. وكأنه المسئول عن أزمات مصر الاقتصادية.. يا سيادة الوزير كلامك يتناقض مع الواقع الذي يعيشه المواطن.. والأزمة التي تعاني منها مصر.. ويحتاج إلي مزيد من الشرح الوافي والتوضيح الكافي وبالأرقام واللغة التي يفهمها المصري البسيط.. وليس لوغاريتمات تعود عليها طوال السنوات الماضية.. ولا تنس ما ذكره الدكتور الجنزوري في بيان الحكومة عن عجز الموازنة ومعدلات البطالة وغيرها من مظاهر تدهور حالنا.. وإذا كانت الحالة وردية كما تري.. فلماذا الانزعاج من مظاهرات واعتصامات المطالب الفئوية؟. أعطوا الناس حقوقهم وأصلحوا من حالهم! سيادة الوزير نأمل في بيان بالحقائق الكاملة. مصر.. الوطن الثاني وقف الرئيس اللبناني شارل الحلو في بداية أحد مؤتمراته الصحفية مرحباً بالحاضرين من الصحفيين والإعلاميين اللبنانيين قائلا: »أهلا بكم في وطنكم الثاني لبنان«.. وذلك في اتهام صريح لهم وطعن في ولائهم لبلدهم لبنان.. وأن الولاء لديهم لوطنهم الأول الذي يمول أو يرشي أو يدافعون عن مصالحه وسياساته بقناعة وطنية منهم أن ذلك هو الأصوب للبنان.. الوطن الأول كان أشخاصا أو دولا.. أو أجهزة مخابرات.. وكل من يشارك في الصراع علي أرض لبنان. كان اللقاء في أوائل عام 57 ولم يشعر أحد من المشاركين في المؤتمر الصحفي بالطعن في وطنيته.. ولم يتململ أحد أو يعترض ويستنكر ما قاله رئيسهم.. يبدو أن كلا منهم كان يشعر كما يقول المثل الشعبي المصري »علي رأسه بطحة« لا يستطيع أن يخبئها.. أو يخشي أن يفتح فمه فيفاجئه الرئيس أو أحد زملائه بالحقيقة المرة علي الملأ.. وبعد أن انفض المؤتمر الصحفي لم يفكر أحد من المشاركين أو غيرهم أن الرسالة واضحة.. لابد أن يتقي الله في بلده.. ولابد أن يصحح مساره.. حتي داهمتهم الحرب الأهلية في أوائل ابريل من نفس العام. ولم تضع هذه الحرب العبثية أوزارها إلا بعد أن أصبحت لبنان دماراً وخراباً وآلاف القتلي والجرحي. والتوصل لاتفاق الطائف عام 98.. حرب ضروس ما بين الميليشيات المسلحة للأحزاب والفصائل والطوائف.. كان الإعلام المدمر وقود اشتعالها واستمرار نيرانها.. كلما لاحت بادرة للهدوء.. انبري صاحب قلم أو ناشط سياسي أو صاحب صحيفة أو قناة بإشعالها من جديد.. باتهامات أو أكاذيب وتصريحات تذكي روح الفتنة والثأر تحت شعارات الوطنية ومصلحة لبنان.. بينما الحقيقة الخافية علي المواطن اللبناني أن الولاء أولا لمن يعبث بالفكر أو يمول بالمال.. ولكنه عرف بعد فوات الأوان أن كلا »داير علي حاله« باحثا عن دور أو مدافعا عمن يدفعون بالدولارات والدينارات والريالات. هذه الصورة المأساوية.. ننأي بالإعلام المصري عن لعب هذا الدور.. والمقارنة بالحالة اللبنانية، ليس المقصود منها الإعلام في مصر، رغم تطرف بعض القنوات التليفزيونية في الرأي السياسي والديني والتشدد في تأييد حزب أو تيار أو مرشح بعينه. ولكن الوضع في مصر اليوم يحتم علينا أن نكون جميعا علي قلب رجل واحد لمواجهة بوادر الثالوث الشيطاني.. إعلام مجهول الهوية والهدف.. وساسة وناشطون يشوبهم الولاء والتمويل. وإذكاء الفتنة بين التيارات والأطياف في ظل قانون هش لا يلقي احتراما من مواطن أو مسئول وبوادر ميليشيات بعضها ظاهر وبعضها خفي.. هذا الثالوث يدعو للقلق وضياع الدولة.. رصد بعض الظواهر علي مدي الأيام الماضية يؤكد بواعث هذا القلق وتدق جرس الإنذار بضرورة احترام القانون وما يستلزمه من إجراءات، ومحاكمات لكل من تسول له نفسه فرض أمر واقع أو فوضي أو فرض رأيه وموقفه علي الآخرين دون اعتبار لمساءلة قانونية أو خوف علي البلد تحت ادعاءات وطنية أو غيرة دينية.. آن الأوان أن تفرض الحكومة سيطرتها وتعيد للقانون هيبته.. وإلا فماذا يتبقي لنا في دولة بلا اقتصاد وقانون؟!.. لا شيء غير شريعة الغاب.. القوي يفرض سيطرته والضعيف لا حماية له أو حياة.. كفي استعراضا وفرض الرأي بالقوة والتهديد بالعنف ومليونيات حشد الجماهير.. ليست هذه لعبة سياسة.. ولا حماية ثورة. ولكنها تدمير لما تبقي من كيان دولة لمصالح شخصية وحزبية وسوء الظن بهم يدعونا للشك أنهم ينفذون مؤامرة خارجية بأيد مصرية. لماذا نصمت علي أنصار مرشح يعترضون علي القضاء ولجنة الانتخابات بعد استبعاد مرشحهم؟. لماذا نصمت علي جماعة تدعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمارس أفعالها جهارا نهارا مثل قطاع الطرق في إيذاء الناس وتحت عين الشرطة؟. لماذا التصريحات من بعض المرشحين للرئاسة والمستبعدين التي تدعو لتأليب الناس علي بعضهم وعلي سلطة القانون؟. لماذا لغة التهديد والوعيد لمن طلوا علينا مؤخرا بالجهاد إذا سارت الأمور علي عكس هواهم؟. ومن نصبهم حكاماً رغم أنف الجميع؟. لماذا دعوات تكميم الأفواه ومطاردة الفنون والإبداع وتدمير تراث الحضارة المصرية والتزام المرأة البيت؟.. لماذا النذير بفرض قانونهم.. إذا لم يصدر قانون العزل السياسي سوف نشعلها ناراً؟.. حالة من التفكك والتسيب وإهانة القانون ورجاله.. والدولة ومسئوليها.. حالة من الترغيب والترهيب. لابد من فرض القانون والحفاظ علي قوام الدولة وكيانها، دون صدام أو عنف.. وإلا أصبحت حربا أهلية.. ولا ننتظر حينذاك إلا إعلان الأحكام العرفية.. ويجب ألا ننسي دائما أن أكبر الحرائق تبدأ بمستصغر الشرر.. فأخمدوا الشرر من بدايته..!؟ عاجل ياسر رزق.. الرهان الدائم رئيس تحرير من نمط فريد.. عاشق لمهنته.. محب لزملائه مبدع في عمله وأفكاره.. متميز في مقالاته.. لم يكن غريبا ولا جديداً علي ياسر رزق أن يكون صحفي العام، بإجماع نخبة من شيوخ الصحافة أعضاء لجنة تحكيم جائزة مصطفي وعلي أمين.. وهي الجائزة التي فاز بها في مقتبل شبابه وعمره في العشرينيات عندما فاز بها في فرع متميز وفريد »جائزة الانتماء«. جائزة شيوخ المهنة سبق وأن توجه بها قراء الأخبار، عندما تولي ياسر رزق رئاسة تحريرها.. ليفاجأوا به يزف لهم جريدتهم كعروس عادت في ثوب متوهج ومتألق إبداعاً وجمالاً، فيما يقدمه من مادة صحفية وإخراج متميز. جائزة القراء حصل عليها ياسر رزق عندما عادت »الأخبار« صحيفتهم المفضلة، ملكاً للشعب.. تعكس آلامه وتعبر عن طموحاته.. دستورها.. الحقيقة فقط.. حق القارئ الأبدي في صحيفته.. لا تجامل أحداً.. ولا تخشي أحداً.. لا هدف لها إلا مصلحة الوطن والمواطن.. والفوز برضا القارئ، مهما كانت توجهاته السياسية أو قناعاته وأيديولوجياته الفكرية.. علي مدي عام واحد فقط.. انصهرت مصر كلها في صحيفة الأخبار.. بكل ثورتها وفورانها وتفاعل أحداثها المتلاحقة. ولم يكن غريبا أن يتوجه قراء الأخبار بتاج صاحبة الجلالة فيرتفع توزيعها لتصبح الأولي والرائدة واقعا وحقيقة. جائزة صحفي العام لن تكون الأخيرة مصرياً وعربياً وعالمياً لياسر رزق المتوهج علما والمتواضع خلقا وأدبا واحتراماً.. فرئيس تحرير بهذه المواصفات، لابد أن يفني كل زميل معه عمره في عمل دءوب ليل نهار.. فعندما تولي ياسر رئاسة تحرير الأخبار.. وهو في مقتبل شبابه.. أعاد إلي الأذهان عصر عمالقة الصحافة.. الذين عشقوا المهنة بعقولهم وقلوبهم.. لم يشعر زملاؤه من المحررين تحت التمرين وحتي مديرو التحرير أن جديداً طرأ علي شخصيته وأسلوب عمله.. ظل كما هو في عمل دءوب وسط زملائه بصالة التحرير كما كان طوال عمره، حتي تلقائيته وقفشاته وخفة دمه.. التف الجميع حوله في حب لشخصه وتفان في العمل.. فكان النجاح للأخبار وفوز أكبر عدد من الزملاء بالجريدة بجوائز مصطفي أمين وعلي أمين.. فاز المبدعان المخرجان الصحفيان رضا محمود وعبدالقادر محمد علي بجائزة الإخراج الصحفي.. وفاز الشاب المجتهد المهذب والكفء أحمد عبدالحميد بجائزة »الانتماء«. مبروك لمؤسسة أخبار اليوم عطاء أبنائها.. مبروك للصحافة المصرية والعربية تواصل أجيالها.. عزيزي.. ياسر.. نراهن دائما عليك في كل نجاحات دارنا الحبيبة »أخبار اليوم«. هفوة عالم! لا أستطيع أن أقول سقطة عالم رغم جسامتها، ولكنها هفوة تصرف من الدكتور علي جمعة مفتي الديار بزيارته إلي القدس.. شخص بقامته وقيمته العلمية والدينية، كفيلة بأن نتسامح ونجد له عذر الموقف المحرج الذي تعرض له عندما وجهت له الدعوة الملكية وليدة اللحظة أثناء وجوده بالأردن، ولاقت قبولا في نفسه لزيارة تهفو لها الروح.. الزيارة كانت لها ملابسات عديدة أدت في النهاية لأن يقوم بها رغم رفض عقله لها، ورغم المنطق الذي يمكن تأويله لهواة الصيد في الماء العكر.. وأصحاب الضغائن والنفوس الضعيفة.. الدكتور علي جمعة يتمتع بعلم غزير وخلق طيب وقبول من الله وتواضع جم وتسامح كبير.. ومثقف شامل ومهموم بقضايا الوطن والعرب والمسلمين.. ورجل يقدر المسئولية وتبعاتها، ولا يمكن أن يكون قد رأي زيارته للقدس في غير حدودها الشخصية.. ونسي في لحظة الموقف انه رمز للمسلمين، ويشغل موقعا مهما في المؤسسة الدينية كان يتحتم عليه أن يدرك تبعات ذلك، أرجو ألا يتعدي الأمر أكثر من ذلك، ولا يحمل شطحات البعض من أنصاف الساسة والمتدينين والذين اعتبروا الزيارة جزءاً من مخطط سري تشارك فيه مصر للتقارب مع إسرائيل.. آه من شرور أمثال هؤلاء.. دكتور جمعة حمداً لله علي السلامة وحماك الله من هذه الهفوات ووقاك من أمثال هؤلاء. لسه فيه.. صعايدة كده! صعيدي يقتل بناته الثلاث بلدغات الثعبان.. انتقاما من أمهن التي لا تنجب أولادا.. واضطر إلي طلاقها. بداية.. ارجو ألا يزعل حبايبنا الصعايدة.. فليست المشكلة تخصهم دون باقي أغلبية سكان المحروسة.. ولكن الواقعة صادفت أخونا الصعيدي.. والزعل منه لأنه إذا كان قد افتقد مفهوم الدين الصحيح، فالأمل كان أن يمنعه عقله ولو لمجرد معلومة عرفها من برامج الطب والأسرة في التليفزيون.. أن الزوجة لا ذنب لها وأن الرجل هو السبب في انجاب أولاد أم بنات.. واذا كان أخونا قد فقد عقله.. فالأمل كان معقودا علي إنسانيته.. وطالما فقد الاحساس بها.. فالأمل كان فطرة حب »ضناه«.. ولكن أخونا الصعيدي فقد كل شيء.. الموقف الوحيد الذي استخدم فيه عقله.. التدبير لجريمته بطريقة مبتكرة لم يلجأ إليها أحد من قبله.. أطلق ثعابين الكوبرا علي بناته وهن نائمات. الواقعة البشعة.. مهداة إلي الأخوة من أهل الكلام في الحريات الأساسية والشريعة الإسلامية وتطبيق حد الحرابة ودعوي الحسبة.. مهداة إلي قادة الرأي والتنوير.. ورجال السياسة ورؤساء الأحزاب وأمراء الجماعات الدينية.. مهداة إلي فلاسفة المجتمع وأعضاء الجمعيات الأهلية.. وإلي السادة مرشحي الرئاسة!.. إلي الموقرين أعضاء البرلمان.. فقط أن يعوا ويفهموا طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه وأولويات قضاياه، ونوعية البرامج الانتخابية التي تفي باحتياجاته وتصلح أحواله.. بدون »توهان« الناس في كلام كبير عن الاقتصاد والتنمية والعدالة الاجتماعية. الناس تحتاج إلي تنوير بأبسط أمور دينها.. وهدمة تسترها ولقمة عيش تغنيها عن السؤال. السادة.. أهل الكلام.. وعلشان ما تزعلوش عندما نوفر لهم ذلك.. لابد أن يعيشوا في حرية وديمقراطية كاملة.. علي الأقل.. لكي يعرفوا يعني إيه حزب..! السيد النجار