جمال زهران // طارق عباس // د. رشاد عبده التطرف والتشدد السلفي وراء رفض أمريگا لأبو إسماعيل السياسة كالحياة.. ديناميكية متغيرة لا تعرف الثبات أو الجمود أبداً، وقد أثبت موقف أمريكا الأخير بترحيبها بترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين أن أعداء الأمس الذين رفضت أمريكا التعامل معهم، قد يتحولون بقدرة السياسة لأصدقاء اليوم، في نفس الوقت لم تدعم أمريكا مرشح السلفين حازم أبواسماعيل؟ رغم أن كلا المرشحين ينتميان لتيارات إسلامية دينية حاربت أمريكا وتواجدها علي الساحة السياسية عصورا طويلة، فلماذا تبدلت سياسة أمريكا، وكاذا تحولت الكراهية لقصة حب بدأت سطور أول فصولها؟ يفسر الوزير المفوض طارق عباس موقف أمريكا قائلا: إن ثورة 52 يناير تسببت في اهتزاز السياسة الامريكية الخارجية، بعد أن مضي ما يقرب من 03 عاماً من الاستبداد والديكتاتورية في عهد الرئيس السابق، سادت فيها فترة من الهدواء والاستقرار والأمن، حافظت علي معاهدة السلام بين مصر واسرائيل، لذا اتجهت الحكومة الامريكية المنادية بمبادئ الحرية والديمقراطية عكس مبادئها المعلنة، ودعمت الحكام العرب الديكتاتوريين، ومع ثورة 52 يناير استطاعت الثورة المصرية ان تشكك في حكمة السياسة الخارجية الامريكية خلال الثلاثين عاما الماضية، وكشفت عن قصر نظر السياسة الخارجية الامريكية تجاه العالم العربي. المفاجآت المفزعة ويكمل طارق عباس قائلا، ومع ما أفرزته نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشوري في مصر من ظهور كاسح للتيار الإسلامي، خاصة الإخوان المسلمين وهيمنتهم علي الساحة السياسية في كل من تونس وليبيا واليمن والمغرب، فقد بات جليا للإدارة الامريكية ان هناك خيارين كلاهما »مر« إما أن تترك الشعوب العربية الإسلامية تغلي وتفور حتي تنفجر وتثور ضد كل ما هو غربي! أو أن تتقدارك الأمر وتقطف الثمرة، و ذلك باستغلال اتجاه الشعوب الإسلامية نحو الإسلام لصالحها، رأت في الخيار الثاني الملاذ الاكثر دعما لمصالحها بالمنطقة فأعادت حسابتها السياسية وتوجهاتها بمصر، وأجرت اتصالات عديدة مع قيادات الإخوان والسلفيين سواء في السر أو في العلن، وبناء عليه وجدت أن جماعة الاخوان المسلمين هم الأنسب والأصلح للسياسة الامريكية، وذلك لأنها أقرب الجماعات السنية نحو الاسلام العصري أو المدني، كما أن التصريحات المتتالية لقادة الجماعة في كل مكان بأنهم لا يريدون تطبيق الشريعية الإسلامية، ولا ينوون إقامة الاحكام الشرعية، ساهمت في طمأنة الامريكان، بخلاف تقرب زعماء الجماعة من القادة الغربين وسفراء الدول الغربية في كثير من البلدان الإسلامية التي يوجد للجماعة ثقل فيها كمصر واليمن والاردن، إضافة إلي أن نجاح التجربة التركية والعراقية المتمثلة في الحزب الهاشمي أعطت برهانا علي إمكانية نجاح حكم الجماعة في مصر، وكذلك إعلان الإخوان في اكثر من مناسبة عن احترام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والحفاظ علي مكتسباتها، إضافة للاتفاق بين الامريكان والإخوان المسلمين علي الخروج الأمن لرموز النظام السابق بأقل الاضرار، والاتفاق علي ان يكون الاخوان واجهته للحكم في مصر، بينما الجيش هو الحاكم الفعلي للبلاد، ولهذا دعمت أمريكا ورحبت بترشيح خيرت الشاطر مرشح الاخوان، وليس مرشح السلفيين المتشددين. مصالح .. تتكلم ويري د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية، أن سياسة أمريكا تحكمها المصالح، ورئيس الدولة هناك يتم تقييمه بمعيار ما يمكن أن يحقق من مصالح لشعبه، وليس بمعيار الاخلاق، ونظرا لأن هدف الامريكان في مصر دائما وأبدا وجود نظام تحت السيطرة الامريكية، ونظام مستمر علي ولائه لأمريكا وبقائها كحليف استراتيجي، يتعهد بالحفاظ علي اتفاقية كامب ديفيد، ويضمن لأمريكا الحفاظ علي التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة، فقد وجدوا ضالتهم في الاخوان المسلمين في مصر. ويشير د. جمال زهران إلي تصريحات قيادات الاخوان ورموزهم والتي أعلنوا فيها عن قبول ورعاية المصالح الامريكية، وقاموا بمحادثات مع الامريكان لم يكشف عنها، لولا قيام الصحف الامريكية بفضح ما حدث، وقد أعلنوا في أمريكا ان الاخوان قبلوا بالإبقاء علي المعاهدات المبرمة، وقبلوا قواعد مبارك المتبعة مع أمريكا، ووافقوا علي الحفاظ علي النظام الرأسمالي في مصر، وتمت الصفقة بين الاخوان والامريكان، وحقق المجلس العسكري هدفه في ذات الوقت بوجود وضع متميز للجيش في الدستور، ولذلك فلا غرابة في أن ما رفضته امريكا بالامس قبلته اليوم. أمريكا والسلفيون أما السلفيون فيري د. جمال زهران أنهم تحت سيطرة أمن الدولة واتجاهاتهم متحالفه مع الاخوان، ولكنهم متشددون وغير معتدلين، ولو كانوا معتدلين لقبل الامريكان مرشحهم ولكن هناك انطباعا مراسخا لدي الامريكان بأن وجود مرشح سلفي للرئاسة سيكون سبباً في القلق في الشارع بالاضافة إلي أنه وجه غير مريح للأمريكان، أما الاخوان فلديهم استعداد للتعامل مع الامريكان، ومرشحهم خيرت الشاطر رمز لرجل الأعمال وللرأسمالية الامريكية، أما حازم أبو اسماعيل والسلفيون عموما، فلن يسهل التعامل معهم من قبل أمريكا، وليسوا تحت السيطرة. من الظلام إلي الأضواء ويؤكد د. رشاد عبده خبير الاقتصاد السياسي، ان الاخوان كانوا يلعبون سابقا تحت الارض،ر واليوم اصبحوا لاعبين اساسيين تحت الاضواء، وقبل ثورة 52 يناير كانت كل الاحزاب المصرية حبر علي ورق، وظل الاخوان هم الفصيل الأكثر تنظيما، ويقيام الثورة وجدوا أن كل الظروف ميسرة لان يلعبوا ويمارسوا كل أنواع المنفعة، ونظرا لأن امريكا تلعب دائما مع من يملك القرار ومع الاقوي، فقد قبلت بترشيح خيرت الشاطر مرشح الاخوان، بعد ان حصلوا علي تأكيدات بضمان أمن إسرائيل، أما حازم أبو اسماعيل فهو مرشح السلفيين، وهم مصنفون في امريكا علي انهم يمثلون فصيلا متطرفا، ولذلك لم ترحب به امريكا، واضافة لكون مرشح الاخوان رجل أموال وبزنس، ولذلك فتغير موقف أمريكا اليوم من الاسلاميين الذين رفضتهم بالأمس، ماهو الإ ترجمة لالتقاء لغة المصالح المشتركة، أمريكا وجدت في الاخوان حليفا وافق علي شروطها، وملزم بما يريدونه، والاخوان وجدوا في امريكا سندا جيدا يستطيعون من خلالها النفاذ إلي أوروبا ودول الخليج، وتحقيق أهدافهم السياسية والاقتصادية مستقبلا، عندما يستولون علي حكم مصر.