خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    استشهاد 10 أشخاص وإصابة العشرات في ضربات إسرائيلية على مناطق متفرقة في لبنان    ترحيل ثلاثي الزمالك شلبي ودونجا وعبدالواحد السيد اليوم .. تفاصيل    قبل أيام من الكلاسيكو.. رودريجو يوجه رسالة لجماهير ريال مدريد بعد إصابته    الكومي: فرد الأمن المعتدى عليه بالإمارات «زملكاوي».. والأبيض سيتأثر أمام الأهلي    معلق مباراة برشلونة وبايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا    رياح وأمطار بهذه المناطق.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة    بحفل كامل العدد|هاني شاكر يتربع على عرش قلوب محبيه بمهرجان الموسيقى العربية|صور    يسرا تدير الجلسة الحوارية لإسعاد يونس في مهرجان الجونة    «اللي حصل جريمة وكارثة».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على عقوبات الأهلي ضد كهربا    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    باكستان تؤكد اهتمامها بالانضمام إلى "بريكس"    مصرع شخصين في حادث تصادم سيارة فنطاس فى التجمع    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    بخريطة مزعومة للخزنة الذهبية، إسرائيل تحرض البنانيين على اقتحام المخبأ المالي لحزب الله    بدلا من الذهب.. نقابة المصوغات والمجوهرات تنصح المواطنين بالاستثمار في الفضة    نيللي كريم: لو حد عاوز يشتكي أوبر يكلم مين؟ وجمهورها يقدم لها الحل    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    بينها عادات سيئة .. هؤلاء الأشخاص أكثر عُرضة لالتهاب الجيوب الأنفية    سعر الذهب اليوم الأربعاء بيع وشراء.. أرقام قياسية ل عيار 21 والجنيه    هل اقتربت الساعة، الخطوط الجوية التركية تلغي جميع رحلاتها من وإلى إيران    الهجوم على إيران.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد اجتماعًا الليلة    إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مع نظيره الروسي    5 آلاف في الساعة.. التحقيق مع أجنبية متهمة بممارسة الدعارة في القاهرة الجديدة    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجازر غير مرخصة في بدمياط    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    أرباح لوكهيد مارتن خلال الربع الثالث تتجاوز التقديرات    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    بالصور.. هاني فرحات مفأجاة حفل تامر عاشور    الفنانة عبير منير تكشف كواليس تعارفها بالكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة: "عشنا مع بعض 4 سنين"    محافظ البحيرة تعقد ثاني لقاء موسع مع الصحفيين لتسليط الضوء على قضايا ومشاكل المواطنين    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    احذروا الوقوف طويلًا أثناء فترات العمل..يسبب الإصابة بالجلطات    حلواني بدرجة مهندس معماري| ساهر شاب بحراوى يفتتح مشروعه لبيع «الفريسكا»    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    عمر خيرت يعزف أجمل مقطوعاته الموسيقية بحفل جسور الإبداع بين مصر واليابان    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    تفاصيل ضبط طالب لقيادته سيارة وأداء حركات استعراضية بالقطامية    شتوتجارت يسقط يوفنتوس بهدف قاتل فى دوري أبطال أوروبا    هل الإيمان بالغيب فطرة إنسانية؟.. أسامة الحديدي يجيب    الكويت تنضم رسميا إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية مراكش المؤسسة لمنظمة التجارة العالمية    انفراجة وإصدار التراخيص الفترة المقبلة.. مقرر لجنة إعداد قانون البناء يكشف التفاصيل    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    ريال مدريد يقلب الطاولة على بروسيا دورتموند بخماسية في البرنابيو    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    جامعة دمنهور تعقد ندوة "انتصارات أكتوبر والهوية الوطنية"    قومي المرأة يهنئ المستشار سناء خليل لتكريمه في احتفالية "الأب القدوة"    وزير الشؤون النيابية: نحن في حاجة لقانون ينظم شؤون اللاجئين بمصر    نواب البرلمان يعددون مكاسب المصريين من التحول للدعم النقدي    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
أيها المصري قبل أن أسمعك هذا وطنك وهذه شخصيتك
نشر في أخبار اليوم يوم 04 - 06 - 2015

أول ما أستفتح به مقال هذا الأسبوع هو التحية لكل من تابع وراسلنا، وبدأ في فتح قلبه وطرح أزمته، والتحية خصوصا إلي مواطن مصري كريم هو عبدالعزيز محمد حلاوة منصور من قرية العمار الكبري، من مركز طوخ، بمحافظة القليوبية، حيث إنني أقول له: رسالتك وكل رسالة تصل إلينا موضع تقدير وعناية، وسوف أبدأ من الأسبوع القادم بإذن الله تعالي في التعليق علي رسالتك وعلي رسائل القراء الكرام، لأشرع فيما عزمت عليه، من جعل هذه اليوميات قناة مفتوحة مع أزمة الإنسان المصري وهمومه، تغوص في أعماق الهم الكامن في قلبه، وتحمل عن كاهله، وتخفف عنه، وتعيد ربطه بوطنه، وتجعل الهم الكبير الذي يقع علي شخص واحد موزعا علي كل من يحيطون به، ويشاركونه همومه، ويسمعون منه، ويأخذون بيده، فإذا بالهم العظيم المؤرق المتعب قد تصاغر وصار محتملا إلي أن يزول.
وقبل الشروع في تناول مشكلات معينة ومحددة من رسائل القراء الكرام، والتعليق عليها بالنصيحة والاقتراح والتحليل، فإني أحب أن أوضح فكرة معينة، وهي في نظري من أهم خصائص شخصية الإنسان المصري، وهي إحدي الأدوات والآليات والمسالك التي جعلت مصر وأهلها في ارتباط وتماسك وتلاحم، وجعلت هذا الشعب العظيم ركيزة صلبة متماسكة، تتراكم حوله شعوب المنطقة، وهي تنظر إلي مصر دائما علي أنها مصدر العطاء، ومنبع الخير، وينبوع الإلهام الفكري والأدبي.
ظلت مصر عبر تاريخها منطقة مركزية، ينزل في رحابها أبناء الشعوب المختلفة، من العمق الإفريقي، من الوافدين من المغرب العربي، أو القرن الإفريقي، أو السودان، أو أقاليم التكرور الواسعة، التي تغطي غرب السودان وتشاد والنيجر ومالي إلي نيجيريا والسنغال، إلي غير ذلك من المناطق الشاسعة في العمق الإفريقي، حيث ظل أبناء تلك الشعوب يعبرون علي أرض مصر من خلال طريق الحج القديم، فيما قبل عصر الطيران قبل نحو قرن من الزمان، حيث تعبر القوافل علي ذلك المسار، حتي تنزل في مدينة قوص، بمحافظة قنا، والتي كانت قاعدة الصعيد وعاصمته، ثم تعبر تلك الوفود والقبائل من خلال الصحراء الشرقية إلي البحر الأحمر ومنه إلي الحرمين الشريفين، أو أن يصعدوا مع النيل إلي القاهرة، ليرافقوا رحلة المحمل المصري الذي يحمل كسوة الكعبة المشرفة إلي مكة المكرمة، هدية من مصر إلي الحرم الشريف، فكان الإنسان المصري يشهد بعينيه الغرباء والوافدين، الذين يعيشون أياما أو شهورا في رحاب مصر، يتقلبون في خيرها، ويبذل لهم الإنسان المصري كرمه وعطاءه، وسعة خاطره، ويفتح لهم قلبه، ويقوم بواجب ضيافتهم، ويطلع من خلالهم علي الدنيا، ويحفر في قلوبهم منزلة سامية لمصر وشعبها المضياف الكريم.
وكان لهذا أثر كبير في شخصية الإنسان المصري، حيث يخرج من ضيق نفسه إلي آفاق واسعة، ويدرك أن بلده بلد خير ونماء وكرم وريادة، فإذا انفض الضيوف الغرباء بقي هو يتعامل بنفس الأريحية والسعة والكرم مع الجميع في وطنه.
وطريق الحج القديم الذي يخترق العمق الإفريقي ويعبر علي دول كثيرة، ويصب في مصر، مرورا بها، بغرض النزول فيها، أو اجتازها إلي الحرمين، كان أيضا طريقا من طرق التجارة العالمية، كطريق الحرير الذي كان يعبر من عمق آسيا إلي أوربا، مرورا بالدول والممالك الإسلامية، فتنشط به حركة التجارة وخدماتها في مائة وست وثمانين مدينة كبري يعبر عليها ذلك الطريق، ولكل ذلك أثار اجتماعية ونفسية عميقة جدا في شخصية الإنسان، وقد كتب الأستاذ أشرف أبو اليزيد كتابا عن طريق الحرير، كما قامت مكتبة الإسكندرية بمشروع كبير لإحياء طريق الحج القديم.
وقد أضيف عامل آخر، ساعد في تثبيت تلك الخاصية وتلك القيم والمعاني في شخصية الإنسان المصري، ألا وهو الأزهر الشريف، حيث كان يأوي إليه الألوف من طلاب العلم، من المبعوثين والوافدين والمجاورين، من الهنود، وبلاد الملايو، والشوام، والأكراد، والأتراك، والعراقيين، واليمنيين، والأفارقة، وغيرهم، فإذا بالإنسان المصري قد اعتاد أن يري علي أرض وطنه أجناسا وأعراقا كثيرة، جاءت لوطنه العظيم، تستمد منه العلم والكرم والعطاء، مما يترك في نفس الإنسان المصري ثقةً في وطنه، إدراكًا لقيمته، ومما يساعده علي تشغيل مرافق هذا الوطن، واستخراج خيراته، ليقتدر بها علي إكرام ضيوفه، والقيام بحقهم، مما يجعل الإنسان المصري يجد العيش الكريم لنفسه، ويجد ما يفيض به علي الوافدين إليه، وكل ذلك يخرج بالإنسان المصري من الكآبة والإحباط واليأس والهوان والضعف والحزن، الذي قد يدفعه للإدمان، أو الانتحار، أو الكفر بالوطن المصري العظيم وشعبه العريق الكريم.
والشاهد أن كل تلك العوامل تركت بصمة وآثارا عميقة في نفسية الإنسان المصري، ساعدت في تثبيت منظومة قيمه، ومعالم شخصيته، وجعلته إنسانا كريما، قويا، صانعا للعمران، رفيقا بالإنسان، قادرا علي اختراق همومه وتجاوزها، يقف هو في المواصلات العامة لتجلس المرأة، أو كبير السن، أو صاحب الحاجة، يأخذ علي عاتقه أن يرشدك إلي العنوان الذي تبحث عنه، ولا يتركك حتي يطمئن إلي أنك وجدت مقصودك، يكرم الغريب ويساعده، يتعفف عن الفحش والقبح، لا ينهمك في السلب والنهب طمعا وشرها، مثابر علي فلاحة الأرض، أو إتقان الحرفة، أو تعظيم قدر الأستاذ الذي يعلمه، لا يتملكه ضيق الخلق فيقتل أو يسب، يعظم حرمات الله ولا ينتهكها، يدرك مثلا قيمة شهر رمضان فلا يكسر حاجز الصوم، ولا يعتدي علي حرمة نهاره وليله بالآثام والفواحش، تتضافر فيه بيوت المسلمين والمسيحيين في الفرح والحزن، وصدور بعضهم تجاه بعض صافية، وكل هذه مظاهر اجتماعية ربما كانت عابرة، لكنها تدل علي عمق ما استقر في وجدانه من المعاني والقناعات والقيم، التي اختار بسببها منظومة تصرفات وسلوكيات تجعل الصعب محتملا، والمعيشة ميسورة.
أيها المصري الأصيل، هذا أنت، وهذا تاريخك القريب المشرف، الذي رفع لك بين الشعوب القريبة والبعيدة سمعة كريمة وموقرة، ولنا عودة ثم عودة إلي الحفر والتنقيب عن تلك الأعماق في باطنك الكريم، ولك تحياتي، وسلام علي الصادقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.