عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم الحمعة 5-7-2024 في محافظة المنيا    عاجل.. هيئة المجتمعات العمرانية تهيب بالعملاء المخصص لهم وحدات وقطع أراض بسرعة سداد المستحقات المالية    وزير المالية الجديد: نستهدف خلق مساحات مالية أكبر للتخفيف عن المواطنين خلال المرحلة المقبلة    تعرف على تفاصيل المكالمة الأخيرة بين نتنياهو وبايدن حول حرب غزة    الرئاسة التركية: موعد زيارة بوتين إلى تركيا لم يتحدد بعد    موعد مباراة فرنسا والبرتغال في ربع نهائي كأس أوروبا يورو 2024    مصدر ليلا كورة: ورطة جديدة لاتحاد الكرة بسبب البطولات الأفريقية.. وحل مطروح    ثورة حقيقية في الحكومة المصرية.. إصلاح شامل في كافة القطاعات.. كيف يتحرك الوزراء الجدد لتنفيذ آمال الشعب؟    رئيس جامعة القاهرة: وزير العدل قيمة قضائية كبيرة حصل على ثقة القيادة السياسية لكفاءته    في اليوم ال273 من العدوان.. شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على غزة    الأنبا مارتيروس يترأس اجتماع خدام كنائس شرق السكة الحديد    أسعار الخضروات اليوم 5 يوليو في سوق العبور    النشرة المرورية.. انتظام حركة السيارات فى شوارع القاهرة والجيزة    جوازة توكسيك يفرض نفسه على دور العرض في 48 ساعة.. ما القصة؟    لطلاب الشهادة الإعدادية، شروط التقديم في معاهد التمريض بالأقصر    وزارة الصحة: فحص 2.2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    هيئة الأرصاد الجوية تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة    مهتز نفسيا.. عرض شخص أحرق شقته بالمنيرة الغربية على الطب الشرعي    مواصفات امتحان الجغرافيا للثانوية العامة 2024    «المحامين» تعلن انتهاء لجنة المعاشات من فحص ومراجعة 105 ملفًا للأعضاء تمهيدا لصرفها    أسعار الخضروات والفواكه بكفر الشيخ اليوم.. البطاطس ب20 جنيها    وزير البترول يتابع ضخ الغاز لشبكة الكهرباء للانتهاء من تخفيف الأحمال قريبًا    خبير صحة نفسية يكشف أهم الإرشادات المثالية للحفاظ على درجة حرارة الجسم أثناء النوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 5-7-2024    تجديد حبس 34 بلطجيا وهاربا من المراقبة بالمحافظات    مابين إصلاح بيزشكيان وتشدد جليلي، الإيرانيون يختارون اليوم رئيسهم في جولة الإعادة    الصحة الفلسطينية: 4 شهداء وإصابة خطيرة جراء عدوان الاحتلال على مدينة جنين    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة -- الإسكندرية»    دعاء الجمعة الأخيرة من العام الهجري.. «اللهم اغفر لنا ذنوبنا»    نص خطبة الجمعة اليوم.. «الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن عن المهاجرين»    ريهام عبدالحكيم تتصدر تريند «X» بحفل ليلة وردة    أسماء جلال تكشف قصة حبها لوائل جسار: «طلبت منه الزواج.. كان كراش عمري»    حظك اليوم برج القوس الجمعة 5-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سي إن إن: الساعات القادمة قد تكون حاسمة في حياة بايدن السياسية    الأرجنتين إلى قبل نهائى كوبا أمريكا بركلات الترجيح ضد الإكوادور    "ظهرت نتائج التاسع الاساسي 2024" moed.gov.sy رابط نتائج الصف التاسع سوريا 2024 حسب الاسم ورقم الإكتتاب عبر موقع التربية السورية    الذهب يتجه إلى تحقيق مكاسب أسبوعية مع ترقب بيانات أمريكية    «كاف» يوقع عقوبة مالية على صامويل إيتو بسبب اتهامات بالتلاعب    لامين يامال: لن ألعب أبدًا لريال مدريد    «جامدين جامدين».. نصيحة تامر حسني ل جمهوره بعد «هرمون السعادة»    وزارة الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا.. اليوم    بوتين: أوكرانيا رفضت محادثات السلام بتوجيهات مباشرة من لندن وواشنطن    الشيخ خالد الجندي: من رأى سارق الكهرباء ولم يبلغ عنه أصبح مشاركا في السرقة    الإفتاء تستطلع هلال شهر المحرم اليوم    اشتعال النيران في «تريلا» بصحراوي قنا    ملف رياضة مصراوي.. قائمة المنتخب الأوليمبي.. فوز الأهلي.. وتصريحات كولر    تامر عبدالحميد يوجه رسالة حادة لمجلس الزمالك بعد حل أزمة الرخصة الإفريقية    طريقة عمل بهارات البروستد، بتتبيلة مميزة لا تقاوم    ياسر صادق يكشف عن تخبط في تعيين الحكام في دورة الترقي بسبب واقعة نادر قمر الدولة    موقع التحويل الإلكتروني بين المدارس 2024 - 2025 (الموعد والأوراق المطلوبة)    مهرجان جرش للثقافة والفنون يكشف عن برنامج دورته ال38    كوبا أمريكا 2024| فالينسيا يقود هجوم منتخب الإكوادور أمام الأرجنتين    «الدواء موجود وصرفه متأخر».. الصحة: تحقيق عاجل مع مسؤولي مستشفيات الإسكندرية    السروجي: هدفي تحقيق الآمال المشروعة    26 يوليو.. تامر حسني يشارك في مهرجان العلمين الجديدة    هرب من حرارة الجو.. مصرع طالب غرقًا في نهر النيل بالغربية    حلف اليمين الاثنين المقبل.. «رشوان» رئيسًا للأعلى للإعلام و«سعدة» للوطنية للإعلام و«الشوربجي» للصحافة    السعودية تقدم مساعدات غذائية لدعم عملية الإنزال الجوي الأردني لإغاثة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الأضحي وعيد الميلاد: إحياء لرسالة المحبة في قلوب المصريين
نشر في نهضة مصر يوم 02 - 01 - 2006

يهل علينا العام الجديد بعيد للمسلمين وآخر لأقباط مصر، ويحتفل شعب مصر بهذين العيدين دون التوقف والتأمل في الرسالة التي يحملها لنا هذا التوافق الزمني بين عيدين كبيرين في هذه العام. ولا شك أن ميلاد السيد المسيح عيسي عليه السلام كان حدثا غير من تاريخ البشرية، وستظل القلوب في أنحاء العالم من المسيحيين والمسلمين ومن الرسالات التي تعظم وتقدر رسالة المحبة تستقبل هذه المناسبة بالإجلال والاحترام والفرحة. وياليت الاحتفال يكون مصحوبا بتذكر رسالة السيد المسيح الذي جاء لاصلاح ما وقع فيه اليهود من حرفية في دينهم، ويعيد اليهم روح اليهودية التي جاء بها موسي. جاء المسيح ليؤكد أهمية طهارة القلب وصفاءه ويؤكد أن ما يخرج من ضمير الإنسان هو الذي يلوثه وليس ما يدخل في الجوف. وجاءت تلك الرسالة العظيمة لتنشر المحبة "الله محبة".
ولكن للأسف الشديد فالعالم المسيحي قد نسي هذه الرسالة، وأصبح الاحتفال بها هو شراء أشجار أعياد الميلاد، وتبادل الهدايا، واضاءة الشموع والأنوار في كل مكان. واذا برئيس جمهورية أكبر دولة في العالم الذي يعلن تدينه وايمانه برسالة المسيح، يقوم بعملية ارهابية كبري في هذا الغزو الوحشي للعراق تحت اسم تحريرها. وستظل آثار هذه الجريمة ممتدة لأعوام وأعوام، ومن أجل عودة المسيح، يساند الرئيس الأمريكي السياسات المتطرفة في اسرائيل تعجيلا ببناء هيكل سليمان ومعبده، حتي يسرع بهذا الحدث. ماذا سيقول عيسي عليه السلام عند عودته عندما يجد المنتسبين اليه يحطمون رسالته، ظنا أنهم يقيمونها.
ان المسيحيين في بقاع العالم ممن آمنوا برسالة عيسي عليه السلام، لا بد أن يتذكروا هذه الرسالة وألا ينخرطوا في هذا الوهم. وأقباط مصر مؤمنون وهم يتعاملون بحكمة مع موجات الفكر المتطرف والذي يبغي أن تنشق هذه الأمة علي نفسها الي قسمين، ولا يقابلون الاساءة بمثلها. ولكن هذا لاينفي أيضا أن هناك موجات تطرف خفية، قد لا تكون ظاهرة اليوم ولكن من شأنها أن تحدث شروخا في البناء الوطني. ولا شك أن حكمة البابا شنودة تقف لهذه الموجات بالمرصاد. واذا كان أقباط مصر يعانون من بعض المشاكل، فإن هذه المشاكل لها أكثر من جانب، البعض منها سهل معالجته، مثل انهاء القرار الهاميوني الذي تواجد في عصور غابرة بشأن بناء وترميم الكنائس في مصر. وأتعجب من الحكومة التي لم تأخذ بعد قرارا في هذا الشأن. وبعض هذه الأمور طاريء وهو محصلة للموجة الحرفية والتجمد الفكري، وهو أمر في حاجة الي انخراط مختلف الاتجاهات الفكرية في رفع هذا النوع من التفكير، واستنفار قادة الرأي المستنيرين من اجل اشاعة فكر متفتح مليء بالقيم الدينية المليئة بالمحبة والرحمة. وفي حاجة الي منهجية تعليمية تساعد علي الفكر الحر الخلاق، ولا تكبل الطفل والشاب منذ نعومة أظافره بالقيود الوهمية وتحبسه في اطر فكرية مليئة بالشعور بالذنب وكراهية النفس. ولقد قرأت في أحد تلك الكتب الصفراء أن البعض يعلل انهيار المجتمع المصري بأن هناك اختلاطا في المدارس الابتدائية، وأن الدين يحرم هذه الاختلاط. وعندما أري الطالبات المنتقبات يتزايد عددهن يخفق قلبي فزعا، كيف تفكر هذه الزهرات اللائي ينبغي أن يتطلعن الي الحياة. لماذا يقبرن أنفسهن في هذا الرداء المفزع باسم الدين؟ وماذا عن سلامهن النفسي؟ هل فكر أحد في هذا؟ وأذكر مرة أخري كارن أرمسترونج التي تحدثت عنها في مقال سابق، كيف أنها دخلت الكنيسة وهي في سني المراهقة، ولكنها خرجت منها وهي في شبه انهيار نفسي كامل وهي في مقتبل الشباب. لقد حدثت اصلاحات بعد ذلك في الكنيسة الكاثوليكية، بحيث أنها أصبحت تراعي بعض الشيء من نفسية الراهبات، ولكن من يقرأ سيرة أرمسترونج يشعر أن الفكر المتطرف واحد في أي دين، فهو يعزل الانسان عن انسانيته ويتعامل معه بجفاء وقسوة، ولا يلتفت الي التعامل مع طاقاته الخلاقة، بقدر ما يريد أن يخلق صورة نمطية آلية يملأ القلب والرعب من الوقوع في الخطأ، وينسي قول المسيح "من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، وينسي قول القرآن "أولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنا" ، وقوله " يا عبادي الذي اسرفوا علي أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا". ليس هدف الدين اي دين عزل الانسان عن أخيه الانسان، أو ملأ قلبه بالكراهية أو الجفاء لمن يختلف عنه دينا او لونا او جنسا. وعلينا أن نتذكر هذا دائما ليكون لنا مصباحا نخرج منه من دائرة العداء أو الشعور بالأفضلية. هكذا تجيء هاتان المناسبتان لتذكرنا.
نحتقل بأعياد الميلاد في الوقت الذي يقترب منا عيد الأضحي المبارك، وهو المناسبة التي يحج فيها المسلمون الي بيت الله الحرام. يشدون الرحال تاركين حولهم كل شيء، حاملين معهم قلوبهم المليئة بالخشوع الي الله سبحانه وتعالي، طالبين منه العفو والرحمة، متأهبين الي التذكرة بيوم البعث والحشر، حيث لا ينفع الانسان حينئذ مال ولا بنون. تجيء هذه المناسبة المباركة احتفالا واحتراما لذكري ابراهيم عليه السلام "أبو الأنبياء" الذي عبر عنه القرآن بأنه كان أمة، وأنه مسلم لله حنيفا. وهي المناسبة التي افتدي الله ولد ابراهيم بكبش، فأصبح المسلمون يقومون بشعيرة الفدو في كل عيد، تذكرة واقتداء وتمثلا وتذكرا لرحمة الله بعباده. تذكرنا هذه المناسبة أن الدين عند الله الاسلام، فكل أنبياء الله مسلمون، ومتابعوهم اخوة لنا في الايمان. واذا اختلفنا في شيء، فليس لنا أن نحكم عليهم ولكن لنترك هذا لله سبحانه وتعالي، ونتعامل معهم بروح الاسلام الذي لم يفرضه الرسول علي اليهود أو النصاري في عصره، وتعامل مع الجميع بالرحمة والمحبة.
الاسلام هذا الدين العظيم ورسوله الكريم غير من تاريخ البشرية ونشر حضارة ممتدة من أقاصي الشرق إلي أقاصي الغرب. ويكفي أن نتأمل في هذا التدريب العظيم الذي تقدمه لنا شعيرة الحج والذي نمر به كل عام مرور الكرام كمناسبة، نقوم بها دون تفكر في دلالاتها. لقد اعتبر مالكولم اكس المسلم الأسود أن الحج نقطة جديدة في حياته استيقظ منها الي أن ما كان يتعلمه من جماعة "أمة الاسلام" من تفرقة بين المسلم والمسيحي الأمريكي هراء في هراء، ذلك أنه شعر بالأخوة الانسانية التي جمعت المسلمين من كل أنحاء الأرض علي اختلاف ألوانهم وأجناسهم ومكانتهم الاجتماعية في وقت واحد وفي مكان واحد ليكون هدفهم جميعا اللجوء الي الله، لا يمكن لهذا الدين العظيم أن يفرق بين بني البشر لأي سبب من الأسباب. عاد مالكولم اكس الي أمريكا بروح جديدة، مهاجما "أمة الاسلام" وزعيمها، ناشرا ما وقر في قلبه في تلك اللحظة من محبة للبشر أجمعين. ومات مالكولم اكس أو الحج مالك (كما أطلق علي نفسه) تحت رصاص جبناء لم يعرف أحد الي اليوم اذا ما كان جهاز الاستخبارات الأمريكية هو الذي دبر لهذا الحدث، أم أنها الجماعة التي انتمي اليها أولا، منجذبا الي قيم جميلة في الاسلام، ولكن مكتشفا بعد ذلك أنها تحمل روح البغضاء والكراهية، ومحاولا بعد ذلك أن يدعو الي المحبة بين كل طوائف الشعب الأمريكي انطلاقا من المباديء الاسلامية. ولا شك أنه كان بالنسبة لجماعة "امة الاسلام" الأمريكية زنديق كافر، وقد أباحت دمه، وليس مستبعدا ان تكون قد اشتركت في جريمة قتله.
ما أود أن أؤكده هو أن الحج الذي تنعكس فيه رهبة الوقوف أمام الله، وتذكرة بيوم الحشر، هو ميلاد جديد للإنسان يوم أن يكون هذا الانسان قادرا علي أن يزيل كل ما علق بوجدانه من غل أو حقد، عصبية أو عنصرية باسم الدين، أو باسم أي مذهب فكري.
انه يترك وراءه كل شيء ويتجه الي الله عز وجل فهو يتمثل الموت بذلك الرداء الذي يشبه الكفن، فهو بدون مخيط، ويتساوي في هذا الملك والانسان البسيط، وعودة الحاج من الحج هي بمثابة بعث جديد أو ميلاد جديد. ان هذا الميلاد خليق به أن يجعله انسانا فاعلا في مجتمعه، متجها الي كل البشر بالمحبة. إنها رسالة محمد (صلي الله عليه وسلم) ورسالة عيسي عليه السلام، ورسالة كل الأنبياء. فلماذا نضع الاسم بيننا، ونفرق بين بعضنا البعض، لماذا لا نخلع هذه التفرقة ويكون معيارنا في الايمان هو العمل الطيب أو العمل الصالح. يقول الكتاب المقدس: "ليري الناس أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذي في السماوات"، ويقول القرآن في أكثر من آية وأكثر من مناسبة "الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، فالإيمان دائما يقترن بالعمل الصالح. والعمل الحسن أو العمل الصالح، هو العمل المفعم بقيم العطاء والمحبة والخير.
ان تقارب احتفال الأقباط والمصريين بأعيادهم رسالة كي يتجه الجميع الي الله داعينه أن يكون هذا العام عاما مباركا طيبا ينزع الله فيه من القلوب كل الطاقات السلبية، ويجعل مواطني مصر روحا واحدة متجهة الي بنائها والي عمارها والي خيرها. آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.