الطريق الدائري.. الذي تكلف مليارات الجنيهات.. لامتصاص الحركة المرورية المكتظة داخل العاصمة.. تحول في زمن الفوضي والعشوائية الي مصائد للموت بسبب ماتعرض له من اهمال وتراخ في الصيانة.. ناهيك عن انتشار مظاهر متنوعة من ثقافة البلطجة والتعدي علي القانون سواء من سائقي الميكروباص او الباعة الذين انتشروا علي جانبيه. وعلي الدائري كانت جولتنا التي بدأناها في الثانية عشرة ظهرا من عند مطلع الوراق حيث رصدنا اول ملامح الفوضي والعشوائية بتحويل المطلع المؤدي الي طريق الاسكندرية الزراعي الي «سويقة» لبيع الخضراوات والفاكهه مما يخنق حركة المرور وتضطر السيارات الي التوقف في المطلع ويقوم بعض قائدي السيارات بالشراء دون اي اكتران لما يسببونه من توقف الحركة وتكدس مروري. ومن مطلع الوراق الي «فتحة» احمد عرابي حيث انتشرت المباني السكنية ليصبح الطريق محاصرا بالعشوائيات من كل شكل ولون.. مواقف عشوائية للميكروباص ومقالب القمامة القابلة للاشتعال والاحتراق وواصل الزحف العمراني العشوائي حصاره لهذا الطريق المهم والحيوي الامر الذي جعله يفقد سمته الرئيسية كطريق سريع وزادت نسبة الحوادث عليه والاغرب ان المخالفات لم تكن في التعدي علي الاراضي الزراعية المجاورة فقط بل امتدت الي قيام احد الاشخاص باقامة « كشك « لتقديم المشروبات الساخنة والمثلجات الي اصحاب السيارات ومن يريد ممن يمرون بسياراتهم علي الطريق احتساء الشاي « يركن « سياراته وينزل ويتناول الشاي ، مما يعطل سير الطريق ويتسبب في الحوادث. اما المشهد الثاني الذي يصدمك فهو عند «منزل» روض الفرج حيث توجد فتحة دوران عشوائية ويقوم اصحاب «الموتوسيكلات» بالدوران علي الطريق من خلالها بشكل مفاجئ مما يكاد ينذر بوقوع حوادث لولا لطف الله. وكانت المحطة التالية لنا في اتجاه طريق الوراق هي «طناش» التي تحولت اللافتات الارشادية الخاصة بالطرق والكباري وقواعد المرور بها الي لافتات تحمل عبارات مسيئة لكل اجهزة الدولة ولم يتحرك احد من اجل ازالتها ناهيك عن تكسير واجهة الرادار الموجود عند طناش. ومن اتجاه الوراق الي الوجه الآخر للدائري وتحديدا اتجاه المريوطية والمنيب حيث يسوء الوضع فتجد بالقرب من منزل المريوطية سباقا بين سيارات «الكارو « وعلي الجانب الايمن علي الطريق تجد فواصل يصل سمكها الي متر في متر لتتحول إلي مصائد للموت وفي نفس الاتجاه تجد مسافة كبيرة خالية من وجود سور حديدي بها مما قد يعرض اي سيارة للسقوط. و عند منطقة البراجيل تجد فتحتين عشوائيتين للصعود والهبوط تتكدس امامهما السيارات بكثرة ويتحول الطريق الي سمك لبن تمر هندي فتجد سيارات تسير في العكس واخري تنتظر في المقابل وفي هذا المشهد تجد توك توك يسير بسرعة جنونية بين المقطورات ويتحرك يمينا ويسارا دون تواجد شرطي حتي وصل الي مقر هيئة تأمين الطريق الدائري واستمر في السير بسرعة جنونية. وفي نهاية الجولة رصدت عدسة «الاخبار» صورة نهديها الي اللواء حمدي الحديدي مدير الادارة العامة للمرور حيث قام قائد سيارة ميكروباص تحمل لوحات معدنية ق ج رقم 9545 بالسماح لصديقه بالجلوس الي جانبه علي عجلة القيادة من الناحية اليسري ليصبح باب قائد السيارة مفتوح وجسد صديقه في الهواء الطلق مما يعكس حالة الاستهانة بقواعد المرور علي الطريق الدائري. ويبقي السؤال كيف نعيد الانضباط الي الطريق الدائري ؟! وكما يؤكد الدكتور ابراهيم مبروك استاذ النقل وهندسة المرور بجامعة الازهر فقد اصبح الدائري مثالا صارخا للفوضي والاهمال، وجاءت نتيجة ضعف تطبيق قانون المرور فاصبحت الكمائن ثابتة وبالتالي يقوم السائقون بالسير بسرعات جنونية مابين الاكمنة مؤكدا ان دور رجال المرور هو منع وقوع جرائم المرور من خلال دوريات متنقلة يكون البطل فيها موتوسيكل المرور. وزير النقل اعتمد قرارا في عام 2000 بان من الممكن ان تقوم المقطورات بزيادة وزن الحمولة مع دفع رسوم اضافية وهو ما تسبب في وصول اجمالي وزن الطريق الدائري 39 الف طن اي زيادة بمعدل ثلاثة اضعاف عن الوزن الطبيعي الذي يبلغ 13 الف طن. ويري الدكتور ابراهيم ان الحل يتمثل في اجتماع المجلس الوطني للسلامة المهنية برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية السادة وزراء الداخلية والاعلام والصحة والعدل والمالية والنقل من اجل وضع ضوابط وحلول تختص بالتوعية من خلال الاعلام والتعليم والصيانة من خلال وزارة النقل واعتماد وزارة المالية وتطبيق القانون من خلال الداخلية والعدل حتي تكتمل المنظومة بصيانة الطريق وتطبيق القانون وتوعية المواطنين. ويدعو اللواء فاروق المقرحي مساعد اول وزير الداخلية الاسبق وزارة الداخلية للبدء في اعداد خطة امنية شاملة لكي يتم انعاش الطريق الدائري من خلال حملة امنية مكبرة مستمرة وليس ليوم واحد فقط يشارك فيها المرور مع قوات المرافق لازالة المقاهي والورش كمايجب اعادة النظر في مواقع الاكمنة لانها اصبحت محفوظة مع تواجد شرطي كامل علي الطريق بالاضافة الي تطبيق القانون علي الجميع بلا استثناء. كما يلفت اللواء طارق حماد مساعد وزير الداخلية الاسبق الي ان شيوع المسئولية بين وزارة النقل والداخلية وهيئة الطرق والكباري هو سبب رئيسي في انهيار حال الطريق الدائري. و يري اللواء حماد ان الحل يتمثل في اقامة منطقة مركزية موحدة للطريق الدائري تختص بالاعلانات والمخالفات والصيانة والمتابعة المركزية ويكون لها شرطة تابعة لها من اجل تطبيق القانون ومنع وقوع المخالفات. إسلام الراجحي