إيهاب بدوى سفير مصر فى فرنسا فى حواره مع محرر «الأخبار» الحوار مع السفير ايهاب بدوي متعة في حد ذاتها ليس فقط لأنه ابن أحد أبطال القوات المسلحة وهو المشير الراحل احمد بدوي ولا لأنه تولي مهمة المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية في فترة من أدق الفترات التي مرت بها مصر في السنوات الأخيرة ولكن لثقافته الغزيرة واسلوبه في سرد الوقائع وتحليل الأحداث وادراكه التام لأهمية دوره كسفير لمصر في فرنسا في هذا التوقيت وقد نجح الرجل رغم عدم مرور أكثر من 6 أشهرعلي تسلمه مهام عمله في دفع العلاقات بين البلدين علي جميع الأصعدة. وكان آخر منصب شغله السفير إيهاب بدوي قبل تعيينه سفيرا لمصر في باريس هو منصب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية كما عمل مديرا لمركز القاهرة الإقليمي للتدريب علي تسوية النزاعات وحفظ السلام في إفريقيا. وقد تخرج بدوي في جامعة «ميريلاند» بالولايات المتحدةالأمريكية، وعمل دبلوماسيا بوزارة الخارجية عام 1991، وقد كان أحد أعضاء وفد مصر الدائم في جنيف، كما سبق والتحق بالعمل في السفارة المصرية بفرنسا وكان أيضا المستشار الإعلامي المصري السابق بباريس وفي بيته بالعاصمة الفرنسية باريس كان ل الأخبار معه هذا الحوار وهو أول حوار يجريه مع صحيفة مصرية منذ توليه منصبه. وفد برئاسة وزير المالية الفرنسي يشارك في المؤتمر الاقتصادي رؤيتنا مشتركة لمواجهة الإرهاب بكل الوسائل رغبة فرنسية كبيرة للمشاركة في مشروعات قناة السويس الجديدة كيف يمكن تقييم العلاقات بين مصر وفرنسا بعد مرور هذه الفترة القليلة علي عملك كسفير لمصر بفرنسا؟ العلاقات بين مصر وفرنسا متميزة جدا وقديمة جدا لعل أهم مايميزها هو الولع الفرنسي بحضارة مصر القديمة وهو مايطلقون عليه هنا في باريس "الايجبتولونيا" وهو تعبير معناه أن الفرنسيين يعتبرون أنفسهم مدمنين لكل ماهو مصري خاصة أن العالم الفرنسي شامبليون هو الذي فك طلاسم ورموز حجر رشيد الذي عرفنا من خلاله أسرار الحضارة الفرعونية القديمة، بالاضافة إلي أن من أهم المشاريع القومية المصرية قناة السويس التي تعتبر أهم ثمار التعاون المصري الفرنسي وتم تنفيذها في البداية بعقول فرنسية وسواعد مصرية وهي لاتزال من أهم مصادر الدخل القومي المصري، وفي المرحلة الحالية تربطنا علاقات متميزة جدا في شتي المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية والسياسية. مؤتمر شرم الشيخ هل ستكون هناك مشاركة كبيرة للجانب الفرنسي في مؤتمر شرم الشيخ الذي تعقد عليه مصر آمالا كبيرة في تنشيط ودعم الاقتصاد الوطني؟ من المقرر أن تشارك فرنسا بوفد كبير في المؤتمر برئاسة ميشيل سابان وزير المالية وعضوية مجموعة من ممثلي اكبر الشركات الفرنسية العالمية في مجالات ذات اولوية بالنسبة لمصر مثل الطاقة المتجددة والشمسية والطاقة المولدة من الرياح وكذلك شركات تعمل في مجال تحلية المياه. وهل هناك رغبة فرنسية في المساهمة في مشروعات تطوير محور قناة السويس؟ هناك رغبة كبيرة في ذلك وكان الفريق ايهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس في زيارة لفرنسا خلال الفترة الماضية التقي خلالها بعدد كبير من رؤساء الشركات الفرنسية المهتمة بمشروعات قناة السويس خاصة في مجال الانفاق المقرر انشاؤها اسفل القناة وهناك كونسيرتيوم فرنسي كبير يضم شركات بوني ريو وليرنا وبويك لتقديم خبرة هذه الشركات في مجال حفر الانفاق كما يوجد اهتمام فرنسي كبير بتوفير الطاقة للمناطق المختلفة في مشروع تنمية محور قناة السويس. قبل الدخول في تفاصيل العلاقات بين البلدين وبمناسبة الحديث عن شامبليون ماهي حكاية التمثال الموجود في جامعة السربون لشامبليون وهو يضع قدمه علي رأس ملك فرعوني قديم والتي تثير استياء بعض المصريين والعرب في باريس؟ هذا التمثال عبارة عن شامبليون يضع قدمه علي حجر وليس علي رأس ملك فرعوني قديم كما يعتقد البعض والمقصود به هنا أن شامبليون باعتباره هو الذي فك رموز حجر رشيد قد أصبح يمتلك مفاتيح اللغة الهيروغليفية وليس المقصود أبدا إهانة مصر ولا حضارتها بدليل كما قلت لك هذا الولع الفرنسي بكل ماهو مصري..فهل من المعقول لو كانت فرنسا تنظر للحضارة المصرية بهذا الشكل ان يتم تخصيص جناح كامل في متحف اللوفر للآثار الفرعونية؟ هل من المعقول أن تضع فرنسا أكثر من 96 تمثالا لابو الهول في جميع أنحائها لو كانت لا تحترم حضارتنا؟ العلاقات السياسية وماذا عن علاقات مصر وفرنسا علي المستوي السياسي؟ علي الجانب السياسي أثبتت الزيارة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي فرنسا في نوفمبر الماضي عمق العلاقات وتطابق الرؤي فيما يخص العديد من القضايا بين البلدين خاصة في مجال مكافحة الارهاب حيث تحارب مصر وفرنسا الارهاب في نفس التوقيت، فنحن نواجه الارهاب الخسيس في سيناء والفرنسيون يواجهون الارهاب الذي يضربهم في قلب المدن الكبري مثل باريس ومارسيليا، كما تعد فرنسا من الدول القلائل التي تضطلع بمسئوليتها في هذا الشأن علي المستوي العالمي حيث تشارك في الحرب ضد مايسمي بتنظيم داعش كما تقوم بالمشاركة العسكرية في دول الساحل تشاد ومالي والنيجر للحيلولة دون تواصل الارهاب في ليبيا وتشاركنا فرنسا الرؤي في أهمية التعاون في محاربة الارهاب بمفهومه الشامل وألا يتم التعامل معه في بؤرة واهماله في بؤرة اخري مثلما يحدث في ليبيا التي يفر إليها الارهابيون من سوريا والعراق. بمناسبة ليبيا ما الرؤية الفرنسية للأحداث في ليبيا؟ في موضوع ليبيا هناك تطابق في الرؤي مع مصر حيث تبذل الدولتان مصر وفرنسا جهودا كبيرة للحيلولة دون تدهور الأوضاع أكثر من ذلك مع التأكيد علي أهمية أن تستعيد ليبيا استقرارها وأمنها بعد أن أصبحت ملاذا للعديد من العناصر الارهابية التي فرت إليها خاصة من تنظيم القاعدة في سوريا.وتتفق الدولتان علي أنه رغم أهمية التعامل الأمني في مكافحة الارهاب إلا أنه لا يجب اغفال الشق الاقتصادي وكذلك الشق الثقافي فالارهاب يترعرع عندما ينتشر الفقر والجهل والظلام، أما عندما ينتشر الأدب والثقافة والفنون وفرص العمل والعلم والمعرفة فتكون فرصة انتشار الارهاب محدودة. رغم ارتباط مصر وفرنسا بالبحر الأبيض المتوسط إلا أننا لا نلمس أي استفادة من هذا الارتباط..فما هو تفسيركم لذلك؟ البحر الأبيض المتوسط هو مهد الحضارة الانسانية ولدينا العديد من الرؤي والمشروعات المستقبلية وآفاق جديدة للتعاون للاستفادة من ارتباط البلدين جغرافيا بالبحر الأبيض المتوسط وإذا كانت هذه الاستفادة محدودة في الفترات الماضية إلا أنني أتوقع أن تزداد آفاق التعاون والاستفادة في المراحل المقبلة. التعاون العسكري فرنسا من الدول المتقدمة في مجال الصناعات العسكرية فكيف تستفيد مصر بتطوير علاقات التعاون مع فرنسا في المجال العسكري؟ هناك علاقات تعاون عسكري قديمة بين مصر وفرنسا وهي موضع تقدير متبادل والفترة القادمة ستشهد مزيدا من التعاون في هذا المجال وصفقة الطائرات الرافال التي اتفقت فرنسا علي توريدها لمصر لن تكون الأخيرة في هذا المجال لأن هذا التعاون يأتي من خلال رغبة حقيقية من الطرفين في تدعيم العلاقات بين البلدين في شتي المجالات بما فيها المجال العسكري. رغم عدم تورط مصريين في حوادث الارهاب التي حدثت مؤخرا في فرنسا مثل حادثة شارلي ابدو وغيرها لكن إلي أي مدي تؤثر مثل هذه الحوادث في علاقة فرنسا ببلد اسلامي كبير مثل مصر؟ بداية أود الاشارة إلي أنه مابعد موضوع حادثة شارلي ابدو التي راح ضحيتها عدد كبير من الصحفيين ورسامي الكاريكاتير الفرنسيين أظهرت استطلاعات للرأي تمت مؤخرا أن أكثر من 40% من الفرنسيين يرفضون تلك الرسوم لما تمثله من استفزاز واستهزاء بمعتقدات المسلمين في العالم كله بشكل عام ولمسلمي فرنسا بشكل خاص، كما أن هناك ادراكا فرنسيا بشكل عام بأن الاعتراض العربي الاسلامي علي تصرفات المجلة لم يكن له علاقة بحرية التعبير التي نحترمها جميعا بشرط أن تكون حرية مسئولة لا تمس معتقدات الآخرين ولا تسخر منها وقد بدأت شريحة كبيرة من المجتمع الفرنسي تدرك هذه الحقيقة وتتقبلها.