أدلي الناخبون التونسيون بأصواتهم أمس في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التي تستكمل بها تونس آخر خطوات الانتقال إلي الديمقراطية الكاملة بعد قرابة أربع سنوات من الثورة التي أطاحت بحكم الديكتاتور زين العابدين بن علي. وجرت عملية التصويت، التي دعي إليها 5،3 مليون تونسي، وسط إجراءات أمنية مشددة بمشاركة 100 ألف عنصر من قوات الجيش والشرطة. ورغم تلك الإجراءات المشددة، قالت وزارة الدفاع إن قوات الجيش قتلت مسلحا واعتقلت ثلاثة آخرين هاجموا مركز اقتراع بمدينة حفوز في محافظة القيروان وسط البلاد قبل ساعات من فتح مراكز الاقتراع، كما أصيب ضابط يحرس مركز اقتراع بمدينة القيروان بطلق ناري من سيارة مجهولة. ونفي المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي ان يكون هذا الهجوم «إرهابيا». ورفعت تونس حالة التأهب الأمني بشكل كبير للحيلولة دون وقوع هجمات تستهدف الناخبين ومراكز الاقتراع في البلاد بعد تهديدات جماعات إسلامية بعرقلة الانتخابات واغلقت المعابر مع ليبيا. وهدد جهاديون تونسيون في شريط فيديو نشر علي الانترنت السلطات بشن هجمات أثناء الانتخابات ودعوا التونسيين لمقاطعتها. ويختار التونسيون بين ممثل الحرس القديم الباجي قائد السبسي - الذي عين وزيرا في عهد بورقيبه ورئيسا للبرلمان في عهد بن علي، وهو يطرح نفسه علي الناخبين في صورة رجل المهام الصعبة - والرئيس الحالي المنتهية ولايته المنصف المرزوقي الذي عرف بنشاطه الحقوقي ويقول إنه يدافع عن ثورة 2011 والذي نفي إلي خارج تونس في عهد بن علي. وكان قائد السبسي (88 عاما) والمرزوقي (69 عاما) تأهلا إلي الدور الثاني بعدما حصلا علي التوالي علي نسبة 39،46 % و33،43% من إجمالي أصوات الناخبين خلال الجولة الأولي التي أجريت في23 نوفمبر الماضي. وأجريت عمليات التصويت، التي بدأت في الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، في نحو 11 ألف مركز اقتراع موزعة علي 27 دائرة انتخابية. وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه سيكون لديها وقت حتي الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري لإعلان اسم الفائز في الانتخابات. وقلص الدستور الذي أقر في يناير 2014 صلاحيات رئيس الدولة إلي حد كبير، فأصبحت سلطاته محدودة في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية. وسيكون دور حزب «نداء تونس» الذي يقوده السبسي أساسيا في اختيار رئيس الوزراء الذي يقود العمل التنفيذي بعد أن فاز بمعظم مقاعد البرلمان بينما سيشكل حزب «النهضة» وحركة «الجبهة الشعبية» اليسارية حركة المعارضة للحكومة المقبلة بعدما حصلا علي الترتيب الثاني والثالث في الانتخابات البرلمانية. ودعا رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي خلال إدلائه بصوته بأحد مراكز الاقتراع في القيروان كافة التونسيين إلي الإقبال بكثافة علي صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم. وقال إن التهديدات الإرهابية لا يجب أن تثني التونسيين عن ممارسة حقهم في الانتخاب، مشيرا إلي أن الإرهاب يريد إفساد «عرس تونس الديمقراطي«. وعبرت منظمات المجتمع المدني في تونس عن غضبها تجاه قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمنع مراقبي المجتمع المدني من التواجد بساحات مراكز الاقتراع. ووصفت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد» القرار بأنه خطير وقالت انه يطعن في نزاهة ومصداقية الانتخابات.