وإذا بجيراني في الغرف المجاورة ينطلقون من غرفهم إلي سلم الطوارئ وهم في ملابس النوم.. ستات يرتدين أرواب الحمام وحفاة الاقدام ورجال يرتدون البيجامات.. الكل يسابق الصوت الذي ينادي علينا ويدعونا لمغادرة المبني فورا كانت الساعة تقترب من منتصف الليل وكنت قد هيأت نفسي للنوم داخل غرفتي في فندق تشرشل في لندن وهو من الفنادق العريقه الكبري في قلب العاصمة البريطانية.. وقبل ان تغمض جفوني وادخل في نوم عميق.. انقطع التيار الكهربائي فجأة عن الغرفة واذا بصوت نسائي يشق سكون الغرفة وهي تنادي «من فضلكم اتركوا المبني فورا.. اتركوا المبني فورا» ولم يتوقف هذا الصوت، اضطررت لسحب البالطو فوق البيجامة واتجهت إلي الكريدور وإذا بجيراني في الغرف المجاورة ينطلقون من غرفهم إلي سلم الطوارئ وهم في ملابس النوم.. ستات يرتدين أرواب الحمام وحفاة الاقدام ورجال يرتدون البيجامات.. الكل يسابق الصوت الذي ينادي علينا ويدعونا لمغادرة المبني فورا.. عواجيز ونساء وأطفال يتدحرجون ويهرولون في تعدية درجات السلم وكأنهم يقفزون خوفا من خطر غير معروف، كلنا تصورنا أن حريقا شب في الفندق وأن النار سوف تزحف إلي الغرف.. سلم الطوارئ خال من اي اضاءة سوي العلامات الفوسفورية التي تفصل الطوابق عن بعضها.. بعض النزلاء كانوا يستخدمون كشافات الموبايل.. - المهم وصلنا إلي الطابق الأرضي ولا اعرف كيف وصلنا وكيف وجدنا أنفسنا في الشارع.. سيارات البوليس حول الفندق وسيارات الإطفاء تتوالي ورجال أمن الفندق يصطحبوننا إلي الفندق المواجه لفندق تشرشل.. كتل بشرية تتجمع داخل الفندق لم أتصور الأعداد الهائلة التي كانت تقيم معي في تشرشل.. جنسيات مختلفة.. سكان الأدوار الأولي رووا لنا أنهم سمعوا صوت انفجار ضخم هز المبني.. صحيح أنني لم اشعر به لأني كنت مسترخ علي سريري وربما لأن الفندق مقام علي قواعد ضد الزلازل فلم تتأثر الأدوار العليا، لكن ما سبب هذا الانفجار.. سرعان ما ظهرت التكهنات ، بعض النزلاء أفتي انه قرأ تصريحا عن جماعة « داعش» بأنهم سيقومون بعمليات تفجير داخل لندن اعتراضا علي موقف الحكومة البريطانية المناهض لهم.. لكن لماذا اختاروا فندقنا هل لانه من الفنادق التي تخصصها الحكومة لاقامة الملوك والرؤساء علي اعتبار أنه من الفنادق التاريخية ويحمل اسم ونستون تشرشل رئيس الحكومة السابق في زمن الحرب فظنوا أن شخصيات امريكية تقيم فيه.. وتكهنات من هنا وهناك إلي ان كشفت شرطة اسكوتلانديارد عن أن الانفجار كان في خط الغاز الرئيسي الموصل لمطبخ الفندق في البدروم وانه احدث فجوة بطول مترين وبعمق مترين ونصف وهذه الفجوة قد تهدد سلامة المبني والاخلاء كان لابد منه خوفا من تسرب الغاز إلي الادوار.. المهم اقام البوليس كردونا علي الشوارع المحيطة بالفندق ومنعوا حركة السيارات والمرور وجاءت لوادر الحفر للوصول إلي المواسير الخارجية لفصل الغاز عن الفندق.. - هذه الرواية احكيها لأسجل الدور العظيم للعاملين في تشرشل من موظفين وموظفات فقد تحولوا جميعا إلي جهاز أمن وسلامة ونجحوا في إخلاء الفندق من النزلاء الذين يزيد عددهم عن الخمسمائة وقاموا بتأمينهم في الفندق المقابل وراحوا يوزعون عليهم « الشباشب « والبطاطين علي السيدات اللائي يرتدين الارواب.. وعند الفجر كانوا قد نجحوا في تأمين غرف في الفنادق المجاورة، انا شخصيا أقمت في فندق كامبرلاند دون ان يسألونني عن جواز السفر او أي شئ ، سلموني الغرفة وتناولت طعام الإفطار وتكفلت ادارة تشرشل بكل التكاليف عن الجميع والأجمل أنها تركت الإقامة مفتوحة علي حسابها بالنسبة للحجوزات المقدمة.. - في صباح اليوم التالي كان أمن الفندق يجمع أمتعة النزلاء غرفة غرفة ويطلب منهم مراجعة أمتعتهم قبل مغادرة المكان.. لم يتركوا أدوات الحلاقة أو شنط الماكياج التي كانت في الحمامات حتي أكياس الشوبنج او محتويات الخزائن الشخصية داخل الغرف من نقود وجوازات سفر، ما شاء الله علي الثقة والأمانة، لم اسمع نزيلا من الخمسمائة نزيل اشتكي او اكتشف انه فقد نقوده او شيئا من مشترياته، كل شئ كان مرتبا، وكان مستر « جراي « المدير العام يعاونه مستر خالد شاكر نائب المدير العام وهو مصري الجنسية يديران غرفة عمليات لتأمين النزلاء وتسليمهم حقائبهم.. لقد خرجت من هذه التجربة التي ليس لأحد يد فيها سوي القدر.. ان الفندق كان عشرة علي عشرة في اجتياز هذه الأزمة، وان العاملين فيه تفوقوا علي أنفسهم في مواجهة هذا الحدث فنجحوا في أن يكونوا جميعا في خدمة النزلاء.. قلت في داخلي أتمني ان تكون فنادقنا قد دربت العاملين فيها علي السلامة والأمن بالمستوي الذي رأيته في فندق تشرشل.