هنا تقرأ الفاتحة علي روحك.. هنا تنطق الشهادتين قبل تصعد سلالمه فالقاهرة الكبري تحظي بمئات الكباري المخصصة لعبور المشاه والتي انفقت عليها الدولة مبالغ كبيرة.لكن ما نراه علي ارض الواقع يكشف عن جريمة مكتملة الاركان يقوم ببطولتها الباعة الجائلون الذين احتلوا النسبة الاكبر من كباري المشاه بصفة مستمرة فتحولت إلي اسواق تجارية عشوائية تمنع المواطنين من استخدامها بامان وسهولة كما ظهرت علي معظمها اعراض الشيخوخة المبكرة واختفت منها مظاهر الجمال وملاها الصداء من كل جانب..اما مترو الانفاق والذي يعد لمسة حضارية جمالية يستخدمها المواطن المصري يوميا بعيدا عن الزحام الشديد الذي تشهده شوارع العاصمة لم ينج هو الاخر من سطوة الباعة وجريمتهم في تشويه اي منظر حضاري حيث اصبح السمة الغالبة لمعظم محطات المترو هي الانتشار المكثف للباعة الجائلين الذين احتلوا ايضا مداخله ومخارجه وسلالمه كما انه اصبح مكانا خصبا للتسول وانتشر المتسولون في محيطه وداخل عرباته..ويبقي دائما السؤال «اين شرطة المرافق؟».. الاخبار قامت بجولة ميدانية لرصد مشاهد الباعة الجائلين والفوضي فوق كباري المشاه وفي محطات مترو الانفاق . 25 سلمه هي عدد الدرجات التي تصعدها حتي تصل إلي جسم كوبري نهيا للمشاه الداخل..ممر ضيق تعبر من خلاله إلي الاتجاه الاخر علي اليمين واليسار والمارة يسيرون.. باعه جائلون وبضائع منتشرة وكأن كوبري المشاه تحول إلي قرية يحكمها الباعة فقط فالكوبري الذي تم انشاؤه للمارة احتله الباعة الجائلون وفرضوا سيطرتهم عليه وحددوا قانون «البقاء للأقوي والاصلح» للتعامل بينهم دون وضع المارة في الاعتبار..صرخات يومية يطلقها كبار السن والسيدات والمعاقون وهم يعبرون..الوقت الذي يستغرقه المارة في العبور من خلال هذا الكوبري لا يتعدي الدقيقة الواحدة أما بعد انتشار وباء الباعة الجائلين اصبح عبور كوبري نهيا يقطع حوالي 10 دقائق يعبر من خلالهم علي شتي انواع البضائع ليصبح هذا الكوبري معرضا للانهيار في اي وقت بسبب ثقل ما يحمله..تعبيرات الوجوه اصبحت غاضبة علي وضع لا يتحمله احد..قمنا بجوله علي كوبري نهيا لرصد المأساة..صعدنا سلالمه بصعوبة..وصلنا إلي قمته بعد أن مارسنا كل اشكال المستحيل فبضائع الباعة منتشرة علي جوانب جسم الكوبري من الداخل..الملابس التي يعرضوها اكلت من مساحته الداخلية كوحش ضخم يأكل فريسته. سوق مش كوبري انا حاسس اني في سوق مش كوبري.. الداخلية فين من ده كلوا.. بهذه الكلمات تحدث اسماعيل مخلص 20 سنة طالب عن معاناته اليومية التي يعيشها كل يوم للذهاب إلي كليته فعندما يبدأ بالصعود للكوبري يتساءل كل يوم هل هذا الكوبري طريق للناس ام انه سوق عشوائي للباعة الجائلين..؟ الذين فرضوا سيطرتهم الكاملة علي الكوبري موجها رسالة إلي اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية بضرورة شن الحملات اليومية علي مثل هذه المناطق وازالة تلك المخالفات وفرض عقوبة مالية لمن يخالف ذلك..و حتي لا تتحول كباري المشاه إلي مأوي للبلطجية مع الباعة وتتعرض حياة من يعبر هذا الكوبري للخطر. 150 جنيها شهريا ظهرت عليه علامات الشيخوخة المبكرة..يتكأ علي عصي وهو يسير ينظر علي جانبيه دون ان ينطق بأي كلمه..اكتفي بنظراته الغاضبة الناقمة علي الوضع المأساوي لكوبري نهيا هو الحاج سامح محمد 63 سنة موظف علي المعاش قال انه يجد صعوبة تصل إلي المستحيل في بعض الاحيان لصعود الكوبري من كثرة الباعة الجائلين الذين افترشوا جميع اماكن الكوبري مؤكدا ان الكوبري اصبح تحت سيطرة البلطجية الذين يقومون بفرض الاتاوات موكدا ان كل «بائع متجول « يدفع 150 شهريا للبلطجي حتي يتركه يبع منتجاته. كوبري الخشب باعة جائلين.. بضائع.. مئات المارة.. هذا هو المشهد علي كوبري مشاه الخشب بشارع السوادان حيث اكتظ الكوبري بالباعة الجائلين مفترشين بضائعهم في كل مكان واثناء سيرك بالطريق يجب ان تنظر للأرض لتعرف اين تضع قدمك من كثرة الباعة. سلالمه المتهالكة اكلتها الرطوبة ويعاني المواطن بشكل يومي في صعوده حتي يعتقد انه بمجرد وصوله قد استراح من عبء صعود السلالم المتهالكة وبمجرد وصوله يفاجأ بالمعاناة الكبري بأنه لن يستطيع السير بخطي ثابتة بسبب انتشار الباعة الجائلين علي الكوبري فبدلا من ان يعبر الكوبري في مدة لا تزيد علي دقيقتين في تجده يقطع المسافة معه مايزيد عن ال 10 دقائق وبمجرد وصول المواطنين للبر الثاني من الكوبري يجدوا امامهم العشرات من الباعة المنتشرة علي سلالم الكوبري التي تعيق حركتهم. عقوبات مالية التقت «الاخبار» مع عدد من المواطنين علي كوبري المشاه معبرين عن استيائهم من معاناتهم اليومية في الصعود للكوبري متساءلين «اين الحكومة..؟» ويقول رزق احمد احد قاطني منطقة شارع السودان انه يشعر وكأنه في قرية ليس بها قانون ولا تحكمها سوي الفوضي مؤكدا ان الكوبري تحول إلي سوق عشوائي ومأوي للمتسولين مناشدا المهندس ابراهيم محلب ووزارة الداخلية بضرورة القضاء علي تلك العشوائية التي اصبحت كابوسا مزعجا لكل من يعبر كباري المشاه. بضائع هنفرس لم تقل معاناة كوبري هنفرس المخصص لعبور المشاه عن غيره فقد اصابه ما اصاب باقي كباري المشاه من انتشار فيروس الباعة الجائلين وبضائعهم التي اصبحت تمثل خطرا كبيرا علي قدرة تحمل كوبري المشاه..و أصبحت طاقة المواطنين لا تتحمل سخافات الباعه الجائلين وهم يعبرون عليه بشكل يومي. أرصفة المترو رغم انه يعد متنفسا لمئات الالاف من المواطنين يوميا..يهربون من خلاله من زحام الشوارع بالسيارات.. انه مترو الانفاق بمختلف ربوع القاهرة والتي احتلها ايضا الباعة الجائلون والتي قد يتخذها البعض عملا للقيام بالاعمال التخريبية داخل محطاته المختلفة..و علي جميع مداخله ومخارجه انتشر الباعة و«الشحاتين» الذين شوهوا مشهده الحضاري..و اتخذوا من تحت الارض مصدرا للرزق لهم بعيدا عن اعين رجال الشرطه قي ظل غياب واضح لهم. تنفيذ القانون يقول اللواء محمد نور خبير أمني للاسف أصبحت محطات المترو «فاترينات عرض» للباعة الجائلين وكأنها حق مكتسب لهم,فوسط الزحام وتكدس الركاب تجد الباعة يشغلون رصيف المحطات من اجل عرض بضائعهم الرخيصة,و احيانا لا يقتصر الامر علي ذلك بل يمتد لداخل عربات المترو مشيرا إلي انه اذا تركنا هذه الجموع تحت مسمي «لقمة العيش» لن نجد مكانا نتحرك فيه.. ويضيف ان الازمة ليست في تشريع القوانين,بل وانها ظاهرة مرفوضه امنياً واجتماعياً. تغليظ العقوبة اللواء مجدي بسيوني خبير امني يري ضرورة منع اي بائع متجول من البيع داخل المترو لعدة اسباب منها انه مصدر ازعاج للركاب وقد يكون سببا في حدوث حالات تحرش حتي لو بدون قصد بسبب حركتهم السريعة داخل العربات وعلي ارصفة المحطة,ففي مختلف الدول لا يوجد مثل هذا المشهد ويعتبر البائع عنصرا غير مقبول بها.مضيفا انه وسط ما يحدث الان من حوادث ارهابية داخل محطات المترو قد يتم استغلال احد هؤلاء الباعة في هذه العمليات. حملات مستمرة ويشير اللواء محمد أيمن نائب المحافظ للمنطقة الغربية إلي انه بالفعل لايزال هناك باعة جائلون داخل محطات المترو والبعض الاخر اصبح يتخذ من كوبري المشاه اماكن للبيع ايضا,الا ان العدد نسبيا لم يعد كما كان من قبل فالاعداد ضئيلة ومن يتم القبض عليه نقوم بتحرير محضر اشغال له ويقوم بدفع غرامة مؤكدا انه لن يتم القضاء علي هذه الظاهرة بشكل نهائي لاننا كدولة نتعامل مع بشر ولا نستطيع ان نستعمل العنف معهم لذلك عندما نقوم بعملية ازالة لهم من مكان يظهرون في اماكن اخري. بضاعة رديئة ويضيف المستشار احمد عبد الهادي المستشار الاعلامي لهيئة مترو الانفاق لا احد يستطيع ان ينكر ان مشكلة الباعة الجائلين لم يتم الانتهاء منها بشكل قاطع,فعلي الرغم من اننا نقوم بتكثيف الحملات طوال الوقت الا اننا كجهة مسئولة لازلنا نعاني هذه الازمة واخر هذه الحملات الامنية كانت في محطتي الشهداء وعبد الناصر والتي اسفرت عن ضبط 40 بائعا في يوم واحد وتم تحرير محاضر لهم.