تأتي ذكرى عيد تحرير سيناء هذا العام والتي تحل غدا الخميس ، بنكهة من الحزن والأسى، بعد وفاة عنصرين بالجيش المصري فجر الاثنين الموافق 22 أبريل إثر سقوطهما من طائرة "هليكوبتر" أثناء تصوير أوبريت للمطرب عمرو مصطفى بمنطقة الأهرامات السياحية ، استعداداً لاحتفالات أعياد تحرير سيناء المقبلة. وكان عدد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قد تداولوا فيديو للحظة استشهاد النقيب وائل المر ومساعده فوق منطقة الأهرامات السياحية. إلا أنه رغم هذا الحادث المأساوي نجد أن مختلف محافظات مصر تشهد العديد من الحفلات الفنية والأنشطة الثقافية التي تعبر عن فرحة الشعب بهذا النصر العظيم , حيث يقيم صندوق التنمية الثقافية حفلا فنيا لفرقة السويس الشعبية بمركز طلعت حرب، وآخر لفرقة الإسماعيلية بوكالة الغوري ، كما يقام أسبوع ثقافي لأهالي البحيرة, وفي بورسعيد تقام احتفالية فنية مساء غد يشارك فيها100 فنان من دار الأوبرا تتزامن مع احتفالات بورسعيد بمرور154 عاما علي نشأتها. وسيناء أو "أرض الفيروز" كما يحلو لكثيرين تسميتها، هي الموقع الإستراتيجي لمصر، ومفتاحها في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي أيضا محور الاتصال بين أفريقيا وآسيا وبين المشرق والمغرب ، وهي جزء عزيز وغالي على قلب كل مصري . موجة إضرابات وجاء الاحتفال بذكرى تحرير سيناء وعودتها إلى أحضان الوطن الأم ، مواكباً لموجة من الإضرابات في سيناء، حيث دخل جميع أفراد شرطة قسمي شرطة بئر العبد ورمانة بشمال سيناء في إضراب عن العمل صباح اليوم تزامنا احتجاجا على إطلاق سراح متهم بدوي تسبب في إصابة زميل لهم بالرصاص. وأصيب الشرطي عبد اللطيف محمد عبد اللطيف بالرصاص بعد اشتباكات مسلحة عنيفة وقعت فجر الأربعاء، وتم ضب أحد المتهمين إلا أنه تم إطلاق سراحه بسبب ضغوط، حسب ما يقول افراد الشرطة. وأغلق الأفراد مقرين للشرطة وقرروا الإضراب عن العمل بسبب قرارات قيادات الشرطة بإطلاق سراح متهم خطير كان بحوزته سلاح ويقود سيارة مخالفة يستقلها مسلحين آخرين ومكتوب عليها بدلا من لوحاتها المعدنية الولاياتالمتحدة البدوية وكلمة أخرى على اللوحة المعدنية الثانية هيئة بدوية رقم واحد وهو ما يعتبر استقوا على الدولة وعلى الأجهزة الأمنية، حسب قولهم. وتعقيبا على المظاهرات التي أقيمت مؤخرا في سيناء للمطالبة بتطهير القضاء،قال الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، إنه لا يؤيد المظاهرات المطالبة بتطهير القضاء، باعتبار أنه لا فائدة منها. وتساءل برهامي، خلال لقائه المصلين في مدينة الطور على هامش أول زيارة له لجنوب سيناء في 19 أبريل الجاري، عن الوسيلة لتطهير القضاء؟، مضيفًا: "هناك دستور تم الاستفتاء عليه من أجل الإصلاح، على حد قوله. ومن جانبه وجه عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، التحية للشعب المصري بمناسبة عيد تحرير سيناء، فكتب موسي عبر حسابه الخاص على تويتر، قائلاً: "تحية إلى مصر كلها وأهل سيناء العزيزة على وجه الخصوص، بمناسبة عيد تحرير سيناء حيث تأتي ذكرى تحرير سيناء في ظروف دقيقة تمر بها البلاد تهدد وحدتها وسيادتها ورخاءها، إلا أن الذكرى تحفزنا جميعاً على العمل لإنقاذ البلاد وإعادة بنائها". وتابع: "إن أرض مصر كلها غالية على كل مصري، ولا يملك أحد أن يفرط في سيادتنا على ذرة رمل واحدة من أرضنا، فتحية إلى القوات المسلحة ذات اليد البطولي في تحريرها". "درع سيناء" وخلال فبراير الماضي ، نظمت مجموعات تطلق على نفسها اسم "منظمة درع سيناء" عدة وقفات احتجاجية، فى عدد من مدن وقرى شمال وجنوب سيناء، لإعلان رفضها "أخونة الدولة" وأحكام الحبس الصادرة ضد أبناء سيناء، التى وصفوها ب"السياسية". وقال مسلم عريف رئيس المنظمة إن الوقفات تم تنظيمها في توقيت واحد بالعريش والتل الكبير وسيرابيوم، والإسماعيلية، وأضاف: "نرفض سياسة التهميش، التي يمارسها النظام الحالي ضد أبناء سيناء، والتي تتم بدرجة أكبر مما كان يمارسه نظام الرئيس السابق حسنى مبارك". وحذر عريف قيادات الدولة من تنظيم المناطق الحدودية لحركة عصيان مدنى، وقال: "لن يستطيع أحد تحمل عواقبه". وفى سياق متصل، أعلن سعيد عتيق الناشط السيناوى، عن تكوين حركة "سيناؤنا"، وقال إنها ستكون بداية لكيان منظم يستطيع ناشطو سيناء التحرك من خلاله للمطالبة بحقوقهم المشروعة بشكل رسمى. وطالبت لجنة الدفاع عن سجناء سيناء المتهمين فى تفجيرات طابا، التى حدثت فى 2004، والذين لايزالون فى السجون بالإفراج عنهم، وحذرت فى بيان لها، أمس الأول، الرئيس محمد مرسى بقولها "الظلم يولد الانفجار" وأعلنت تنظيمها احتجاجات يبدأ أولها باعتصام مفتوح، بمنطقة بئر لحفن، فى طريق العريش بوسط سيناء، السبت المقبل. وفى شمال سيناء، نظم حزب الحرية والعدالة مظاهرة أمام مقر الحزب بمدينة العريش خلال ابريل الجاري، طالبوا خلالها بتطهير القضاء ووضع قانون جديد للسلطة القضائية يخفض سن التقاعد إلى 60 عامًا بدلاً من 70 كما هو معمول به حاليًا بجانب تطهير وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة من الفساد. ونجد أن الوضع الأمني بسيناء يشهد توترا منذ حوالي عامين حيث تعرض العديد من الأجانب للخطف من أجل المطالبة بالإفراج عن سجناء من البدو، كما تم تفجير أنابيب الغاز أكثر من مرة عدها البعض ب14 تفجيرا. كما تعرض البدو للمضايقة والقمع إثر موجة هجمات دامية في سيناء استهدفت منتجعات البحر الأحمر بين عامي 2004 و2006. وأرجع البعض حالة الفوضى وعدم الاستقرار في سيناء إلى انتشار السلاح في أيدي الكثيرين، إضافة إلى وجود جماعات وأشخاص يمارسون التهريب بمختلف أنواعه، وتقول إسرائيل إن هذه المنطقة تحولت إلى خطر يهدد أمنها. سيناء من الاحتلال للتحرير وعند الرجوع للتاريخ نجد أنه في الخامس والعشرين من أبريل عام 1982 هو اليوم الذي استردت فيه مصر سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها ، واكتمل التحرير عندما رفع الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية في عام 1989قام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي، وكان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية. كانت الخطوات الأولى على طريق التحرير بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 قبل أن تندلع الشرارة بدء حرب أكتوبر بأكثر من ست سنوات حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، حيث بدأت المواجهة على جبهة القتال ابتداءً من سبتمبر 1968 وحتى السادس من أكتوبر 1973م حيث انطلقت القوات المصرية معلنة بدء حرب العبور والتي خاضتها مصر في مواجهة إسرائيل واقتحمت قناة السويس وخط بارليف كان من أهم نتائجها استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975. كما أسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمي والمحلي من بينها، انقلاب المعايير العسكرية في العالم شرقاً وغرباً، و تغيير الاستراتيجيات العسكرية في العالم ، و عودة الثقة للمقاتل المصري والعربي بنفسه وقيادته وعدالة قضيته. علاوة على ذلك مهدت حرب أكتوبر الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل الذي عُقد في سبتمبر 1978 م على اثر مبادرة "السادات "التاريخية في نوفمبر 1977 م وزيارته للقدس. خلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو انه لا تنازل ولا تفريط عن ارض طابا، وأي خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية والتي تنص على:" تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.. وقد كان الموقف المصري شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق. وفي 13 يناير م1986 م ، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى"مشارطة تحكيم" وقعت في 11 سبتمبر 1986م ،والتي تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف. وأعلنت هيئة التحكيم الدولية في 30 سبتمبر 1988م، في الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا، والتي حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية. وسيبقى تحرير سيناء ذكرى عالقة في وجدان كل مصري لا يمكن أن نغفلها جمعياً حتى في ظل الأوضاع التي نعيشها حالياً ، ومهما طال الزمن ، فهي مناسبة غالية علي نفوس كل أبناء هذا الوطن باعتبار هذه الذكري أحد الأيام الجليلة التي تمكن فيها المصريون من تأكيد سيادتهم علي أراضيهم ، وأن ما تم علي أرض سيناء يمثل ملحمة صاغها أبناء مصر بفكرهم وجهدهم ، فقد كانت سيناء وستظل أرض لجميع المصريين .