أثار الدكتور محمد عهدي فضلي في العدد الماضي من هذه الصحيفة الغراء موضوعاً علي جانب كبير من الأهمية إذ تحدث عن مسئولية المواقع الاخبارية الاليكترونية ومسئولية الصحف الورقية في توفير الحقيقة للناس والدفاع عن حريتهم وحقوقهم وعن المبادئ التي تواضعت عليها الأديان وتعارفت عليها البشرية حتي صارت عُرفاً يأخذ به الناس وإننا نتضامن معه في هذه الدعوة فإن الناس في أرجاء الأرض في حاجة شديدة إلي من يعيد الرشد إلي البشرية التي فقدت صوابها وأخذت طريقاً شططاً سيوردها موارد الهلاك فإن الحروب تنهش الشعوب والنزاع القبلي يذيق الأفراد والجماعات الويل والذل والهوان من أجل ذلك فإن مسئولية الموقع الاليكتروني والصحيفة معاً مسئولية أخلاقية بالدرجة الأولي تجاه المتلقي حتي تواجه البشرية عوامل الجهل والخرافة والآفات الأخلاقية التي تنخر في قواعد الشعوب وتحكم عليها بالانهيار وضياع المروءة والهمة بين الناس وصرفهم عن صفات الكرم والشجاعة فإن مجموع انتصارات أي شعب هو أيضاً مجموع تمسكه بالحق والعدل وما ينفع الناس في الأرض ويجب أن يصدر تنظيم دولي لحماية الحرية والحقيقة فيما ينشر اليكترونياً أو ورقيا وأن تحذر هذه الإصدارات الناس جميعاً من خطر السير وراء الحب الجارف للسلطة والمال والنفوذ فإنها دائماً تكون علي حساب السواد الأعظم ذلك لأن ما تموج به الساحة السياسية العالمية في يومنا هذا يشبه ويتطابق مع ما كان حاضراً قبل اندلاع الحرب العظمي الثانية في النصف الأول من القرن الماضي حين أسلمت البشرية زمامها للطغاة دعاة العنصرية وحين ذاق بنو الإنسان علي أيديهم الموت والخراب والذل والتشرد وحين سويت آلاف المدن والقري بالأرض وحين دفع الإنسان ثمناً غالياً لبعده عن الحقيقة واحتقار الطغاة لحرية الفرد والجماعة فانقلبت أوروبا ومن ورائها العالم بأسره رأساً علي عقب حين غابت عنهم قيم الحق والعدل والخير والجمال وما ينفع الناس من أجل ذلك فإننا ندعو إلي صياغة الكلمة والدفاع عنها لأنها بالغة التأثير، اليكترونية كانت أو ورقية - وهي تدعو إلي التنوير وتدعو أيضاً إلي الضلال وإيقاظ غرائز الإنسان المنحطة في حب الشهوات والمال والسلطة والنفوذ ومحق حقوق الآخرين من أجل ذلك فإن رسالة الكلمة إعلاء ما دافع عنه الحكماء والفلاسفة منذ عهد اليونان الأقدمين إلي يومنا هذا، دون أن نروج إلي دعاة الطغيان والعنصرية من الفلاسفة الذين جلبوا علي الإنسانية شراً مستطيراً وأن تدعو الصحافة بأنواعها إلي الحد من التدافع نحو استغلال الآخرين وعدم أكل حقوق الناس فهذا ما يؤدي إلي طغيان القوة ولعلنا نذكر أن قتلي الحرب العظمي الثانية زاد علي خمسين مليوناً من الناس راحوا ضحية الظلم وإخفاء الحقائق والاعتداء علي حرية الإنسان في قارات العالم حين تخلي من أشعلوا الحرب عما دعت اليه اليهودية والمسيحية والإسلام ولعلنا نذكر قول شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.