أسهل الاشياء أن نظل نردد بالحق وبالباطل سوءات الإخوان وكذبهم ودمويتهم وحقدهم لزيادة كراهية المجتمع لهم وتعبئته ضدهم. ولكن هذا لن يحل الازمة التي يعاني منها الوطن منذ نزع مرسي عن قيادة مصر ولن يأتي الاستقرار المنشود ليبدأ المجتمع كله مشوار التقدم للامام وتعويض ما فات! نعم.. لقد ظهرت الآن بوضوح كفتا الميزان وظهر ان الإخوان لم يكونوا كما يقولون عن تنظيمهم وقدرتهم ورؤيتهم للمستقبل. لقد أصبحوا في أضعف موقف بعد كل الضربات التي كيلت لهم. وجاء الوقت الآن لتجاوز الماضي وتقديم مبادرات قوية قابلة للتحقيق تظهر فيها رغبة كل الاطراف تجاوز هذه المرحلة المريرة قوية ونخطط لمستقبل مصر غدا وبعد غد بإنشاء جامعات وشق طرق وإقامة مدن صناعية ومجتمعات عمرانية. لابد ان تتوقف تلك »المكلمة« المهترئة التي يبث فيها عدد من الاعلاميين فينتبهوا إلي دورهم في المرحلة الجديدة لإعادة بناء الدولة وتسكين الجراح الدامية بدلا من ان يضعوا فوقها الملح! لقد كانت مبادرة سليم العوا هي آخر عهدنا بالمبادرات وكان فيها ما يدعو لرفضها. ولكن هل ينتهي الأمر عندها أم نعود مجددا لطرح المزيد من المبادرات للوصول إلي توافق ومسالمة حقيقية تحول شحنات العداء لطاقة بناء. لقد حدث مثل هذا في جنوب افريقيا وفي تركيا ونجحت كلتاهما في تجاوز الماضي وبناء دولة متقدمة حديثة. بل حدث مثله في البرازيل التي كانت مصنفة في عقد التسعينات كدولة مرشحة للافلاس فأصبحت الآن سادس اقتصاد علي مستوي العالم. ونحن لا نقل عنهم بل إن لدينا من عناصر القوة الحضارية والبشرية والجغرافية والطبيعية ما يجعلنا نتفوق عليهم جميعا. ولكننا مازلنا مستغرقين في الازمة وتحركنا نوازعنا الشخصية لتستمر في بث مشاعر العداء والكراهية بين عناصر المجتمع.. واعتقد أن بدء التحول الآن للحديث عن المصالحة المجتمعية وطي صفحة الماضي وقبول الاخر وتوحيد الصف من اجل مستقبل مصر سيكون مثل كرة الجليد المنحدرة تبدأ صغيرة ثم تكبر وتزداد سرعة. نعم كلنا الآن متعطشون لمستقبل أفضل لن نصل إليه ابدا ونحن مستمرون في عرض مشاهد الدماء والقتل والارهاب. لن نصل إلي هذا المستقبل وهؤلاء المتاجرون بالقضية المتعطشون للشهرة وعددهم 15 ضيفا علي اكثر تقديري مازالوا يلفظون ما في جوفهم من حقد مستعر علي شاشات الفضائيات حتي سئمنا طلتهم واصابنا الغثيان منهم!. كلنا يعرف ان الحل الأمني ليس هو الحل الاخير وإنما لابد من حل سياسي جاء وقته الآن لتجميع اراء حكماء المجتمع من خلال مبادرة مدروسة يقبل بها الجميع. يجب ان نفتح الباب لعرض مشاهد إنسانية سواء للحكومة أو المعارضة توضح مدي رعاية حقوق الاخر. مثل تعامل الحكومة أو الجيش مع أسرة فقدت عائلها أو تبحث عن ابنها المفقود. أو مثل تكريم إسم جندي فقد حياته وهو يباشر عملا إنسانيا لانقاذ اسرة من الموت. وعلينا ايضا ان نوقف حالات التشنج العصبية ونحن ندير مصالح مصر الخارجية. لقد صدقت وآمنت ان الاستمرار في نشر أخبار العنف ونكأ الجراح أصبح في ذاته عملا عدائيا في حق هذا البلد. وأخطر من ذلك إنك تستدعي به مشاعرنا الطبيعية للوقوف مع الطرف الذي نراه ضعيفا أو مظلوما. فكأننا بذلك نطفئ النار بسكب البنزين عليها. .. لقد حصل الإخوان في عهد مبارك علي دعم شعبي ليس له مثيل لاحساس الناس بأن ظلمهم اننا مقبلون علي إنتخابات نيابية قد نتفاجأ منها باعداد لم نكن نتوقعها من ممثلي التيار الاسلامي تقدم نفسها في مناخ قد لا يسمح بإستبعادها نعم.. لقد جاء الوقت لخطاب سياسي وإعلامي جديد يداوي الجراح ويعيد بناء الثقة. وجاءت الفرصة الآن لطرح مبادرات قوية فمصر التي نحبها تستحق هذا العطاء.