تواجه ان باترسون السفيرة الأمريكية بالقاهرة موجة من الغضب العارم حيث وجدت نفسها فجأة هدفا للثوار الغاضبين من تدخل واشنطن في شئون بلادهم، ودخلت باترسون دائرة الحرج في أعقاب رحيل الرئيس السابق محمد مرسي بسبب تصورها أنه وجماعته الفصيل القادر علي حكم البلاد مما دفع المصريين للمطالبة برحيلها في مظاهرات 30 يونيو بالتوازي مع المطالبة برحيل حليفها مرسي عن حكم البلاد. ولم تلتفت باترسون لازدياد غضب المصريين من حكم مرسي قبيل ثورة يونيو رغم الأزمات المتلاحقة التي عصفت بالشعب المصري بدءا من انقطاع الكهرباء الي أزمة البنزين، كما ان العدد الهائل للتوقيعات التي جمعتها حملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس السابق لم تعطها اي مؤشرات بقرب رحيله واستمرت في تأييدها له ولنظامه بوصفه رئيساً شرعيا منتخبا مما إدي الي غضب شعبي ومطالبات برحيلها نتيجة لما اعتبره المصريون انحيازا للاخوان وتدخلا في الشان المصري، اضافة الي انها واجهت كذلك سخط الإدارة الامريكية عليها بسبب قيامها باحراج واشنطن وشرخ العلاقات المصرية الامريكية وأخيرا حظيت باستياء جماعة الإخوان المسلمين منها لتخليها عنهم في اللحظات الأخيرة ودعمها لما يعتبرونه انقلابا عسكريا. ويري السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية انه من الواضح ان شعبية ان باترسون انخفضت وان حكومة بلادها ستسحبها نتيجة غضب مختلف التيارات بمصر من أدائها،لافتا الي ان الحكومة الامريكية ستقوم إما بنقلها لتمثلها في بلد آخر أو ستبقيها في واشنطن. وأوضح ان الأمر لن يصل الي حد المطالبة بإعادة السفيرة الامريكية لبلادها لان حكومة الولاياتالمتحدة ستشعر ان وجودها غير مفيد وستسحبها طالما ان الجميع ضدها، فالولاياتالمتحدة تعي جيدا ان باترسون فقدت شعبيتها في مصر بسبب إرضائها لاحدي فئات المجتمع المصري علي حساب باقي الفئات وعدم التزامها بالحياد. واوضح شاكر انه لم يلتق بالسفيرة الامريكية بالقاهرة سوي مرة واحدة إلا انه استشعر من الرأي العام والصحف المصرية انها تتمتع بشخصية "غير مريحة". وأضاف انه في حال سحب الولاياتالمتحدة لسفيرتها وتقديمها لأوراق اعتماد سفير آخر فانه ينبغي بعد موافقة مصر علي السفير الجديد ان يكون علي اتصال بمختلف الجهات السياسية والفئات بالمجتمع ليعي الموقف جيدا ويتعرف علي كل الاتجاهات ويدرك ما يحدث وأهم من كل ذلك ان لا يتدخل في الشئون الداخلية للبلاد ليحظي بالتقدير والاحترام. من جانبه أوضح السفيرالسيد امين شلبي المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية أن السفير ينفذ السياسة الخارجية التي يضعها صانع القرار في بلاده، الا ان هذا لا يعني أنه لا يساهم بتقاريره وتقديراته في تشكيل هذه السياسة باعتبار أنه الأقرب إلي الأحداث والشخصيات، لذلك فإن معايير السفير الناجح أن تكون لديه القدرة علي التقدير الصحيح للأوضاع السياسية في البلد المعتمدبها خصوصا إذا كان يمر بفترة من التحولات وعدم الاستقرار السياسي لان تقدير السفير لهذه الأوضاع وللأوزان الحقيقية للقوي المتصارعة يمكن أن يكون حاسما في تقرير مواقف دولته. وأشار الي ان السفيرة الامريكية بالقاهرة عقدت العديد من اللقاءات قبل ثورة يونيو مع عدد من رموز جماعة الإخوان المسلمين ومنهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه خيرت الشاطر وأعربت عقب تلك اللقاءات عن تأييدها لنظام الرئيس السابق محمد مرسي وجماعته وشككت في حجم ونتائج المظاهرات المزمع القيام بها في يونيو. وأضاف انه في ضوء ما حدث ونزول الملايين الي الشوارع للاحتجاج والمطالبة برحيل النظام اتضح لباترسون انها أساءت تقدير الأوضاع والتفاعلات بالبلاد، كما أساءت تقدير وزن حركة تمرد والاستجابة الشعبية لها،ووجدت السفيرة الامريكية بالقاهرة نفسها تواجه استياء عاما من تصرفاتها وسلوكها من جميع الاتجاهات والتي لم تفلح محاولات الإدارة الامريكية بتغيير تصريحاتها وتوقع شلبي ان تقوم الإدارة الامريكية بسحب وتغيير باترسون في مدة قد لا تتجاوز الأسابيع القادمة مثلما حدث من قبل مع السفيرة الامريكية بالقاهرة مارجريت سكوبي التي عاصرت السنوات الأخيرة من حكم مبارك، وتابعت نشوء الحركات الاحتجاجية وتراكم الغضب الشعبي ورغم ذلك كانت حريصة علي نظام مبارك وقالت في الأيام الأولي لثورة 25 يناير أن نظام مبارك مستقر مما دفع الولاياتالمتحدة عقب سقوطه الي سحبها والدفع بباترسون،لافتا الي ان الثغرة في أداء باترسون كانت بسبب قدومها من باكستان حيث كانت سفيرة لبلادها هناك وتصورها ان مصر مثل باكستان وانه يجب ترويض الجماعات الإسلامية ودعمها لتحقق أهداف الولاياتالمتحدةالامريكية. وحول الخطوات التي يجب ان يتخذها السفير الأمريكي الجديد بالقاهرة في حال سحب باترسون قال المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية انه لابد ان يعي ويقرأ الواقع السياسي المصري قراءة جيدة لان ذلك سينعكس علي تقييمه وتقديره للموقف،لافتا الي انه لابد ان يستوعب جيدا ان الشعب المصري لفظ نظام الرئيسين مبارك و مرسي وعلي الولاياتالمتحدةالامريكية ان تتعامل علي هذا الأساس لان عقارب الزمن لن تعود للوراء.