من الوارد نشوب معارك سياسية بين فصائل وأحزاب تختلف في الرؤي ، ولا خوف من هذه المعارك حال بقائها في حدودها السياسية ، أما أن تتعداها لإقحام الدين فيها لجعلها مقدسة ، فهنا مكمن الخطورة. فالمعارك الدينية بين الفرقاء أكثر تدميرا وقدرة علي اسقاط الدولة ، فهي تعمل علي اسقاط عقيدة طرف باعتباره عدوا للدين ، وهنا يتحول الأمر من معركة حول رؤية سياسية إلي صراع من أجل بقاء. إرهاصات الحروب المقدسة في المنطقة ، ظهرت جليا في التفجيرات والاغتيالات بين السنة والشيعة في العراق . أيضا ، الثورة السورية تم تحويلها من ثورة شعب يناضل من أجل الحرية والديمقراطية إلي حرب مقدسة بين السنة والشيعة ، انضم إليها المتطرفون من الجانبين. ويبدو أن هناك من يريد تحويل الخلافات السياسية في بلاد الربيع العربي ، إلي معارك مقدسة ، أشارت إلي ذلك بعض وسائل الاعلام الغربية منها صحيفة "الديلي ميل " التي نشرت تحقيقا بعنوان متشددون إسلاميون يقتلون الكهنة ويحرقون الكنائس ، ويشير التحقيق إلي تحول الثورة في مصر إلي كابوس من الكره الديني. وأيضا نشرت "الاندبندنت" خبراً بعنوان المسيحيون في مصر مستهدفون بالعنف الطائفي. الأسوأ من ذلك ما يقوم به الإخوان المسلمون بعد سقوط نظامهم من تكفير للمختلفين معهم سياسيا حتي من ينتنمون إلي التيار الديني ، بل والترويج لخطاب يظهر أن المعركة بين قوي الإسلام والكفار ، والتدليل علي ذلك بمزاعم منها قتل الجيش للمتظاهرين أمام الحرس الجمهوري وهم ساجدون . ختاما ، المعارك السياسية لا تقصي أحدا ، فهي قد تنتهي بخسارة طرف لجولة ، وربما يكسب الأخري في وقت لاحق ، أما المعارك المقدسة فهي بداية السقوط للدولة فهي تعتمد علي ابعاد الآخر نهائيا عن اللعبة السياسية وربما عن الحياة.