مساء الجمعة الماضي شارك أساتذة جامعة شيكاجو، مركز دراسات الشرق الاوسط، وطلاب الدراسات العليا والصفوف المختلفة واساتذة من جامعات امريكية أخري، شاركوا في احتفالية وداعية مؤثرة جدا للدكتور فاروق عبدالوهاب مصطفي الاستاذ بالمركز، وأحد أقدر المترجمين للأدب العربي الي الانجليزية، حضر شقيقه مع زوجته من مصر، وكانت رفيقة دربه الدكتورة كاي حككيان مدبرة الحفل ومنظمته، حرصت علي حضور الحفل التذكاري وسوف اكتب تفاصيله المؤثرة الاسبوع القادم، ولكنني اليوم أتوقف امام رمزية الحدث وبعض من ملامح الراحل الكريم. ترجع معرفتي بالراحل الي مرحلة الستينات، كان وجها معروفا في الندوات الثقافية، نشطا في الكتابة عن المسرح خاصة اعمال ميخائيل رومان الذي كان يكن له تقديرا خاصا، كما ترجم اعمالا لشكسبير ولويجي بيراند بللو. درس الادب في جامعة القاهرة وأسهم في الحياة الثقافية منذ الستينيات، الا أن صلتي به تعمقت بعد أن اختاره الدكتور ادوارد سعيد ليترجم روايتي »الزيني بركات«. واذكر أنه وصفه بالأقدر الذي يستطيع تقديم هذا النص المكتوب بلغة تقارب لغة القرن السادس عشر، صدرت الترجمة الانجليزية عام 8891 في مطبوعات بنجوين الشهيرة ومنذ ذلك الحين ترجم لي اعمالا أخري منها وقائع حارة الزعفراني التي أنجز ترجمتها اعجابا بالنص وقبل أن يتم الاتفاق مع أي دار للنشر، وكان آخر ما أنجزه قبل رحيله الجزء الأول من كتاب التجليات وقبله، نجيب محفوظ يتذكر والمجالس المحفوظية. عندما زرت بيته توقفت امام رف يحمل الاعمال الهامة التي ترجمها وصدر معظمها عن قسم النشر للجامعة الامريكية، وكالة عطية لخيري شلبي وطيور العنبر لابراهيم عبدالمجيد واعمالا أخري لأدباء بارزين وكان آخر نص يعمل فيه »مطر علي بغداد« للاديبة هالة البدري.. جاء الي الولاياتالمتحدة في عام 8691، وربما كان ذلك تأثرا بهزيمة يونيو، بدأ رحلته العلمية في جامعة شيكاجو وارتقي فيها حتي أصبح استاذا للادب المصري، وقد انعكست مكانته في الحفل الضخم الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات، والتغطية الواسعة التي ظهرت صباح السبت في الصحف، جريدة شيكاجو تربيون وتعتبر الاكبر والاوسع انتشارا وصفته بأنه كان جسراً قويا بين الثقافة العربية والانجليزية، الصلة القومية بين الاستاذ المصري وتلاميذه من الولاياتالمتحدة تجسدت في الحضور القوي، القاعة الضخمة غصت بهم، والكلمات التلقائية التي ألقاها الطلاب في هيئة رسائل شفوية كانت مؤثرة جدا، أحدهم قال إن الدكتور فاروق اعتاد الجلوس في غرفة معينة، وفي مقعد لم يبدله منذ وصوله الي الجامعة وحوله الطلاب. صباح اليوم الاول لرحيله وضع أحدهم -لم يعرفه احد- زهرة مكان الاستاذ المصري الذي ترك أثراً قويا وذكري عطرة. شيكاجو- الولايات المتحدة