فيسبوك هوأكبر تجمع علي الكرة الأرضية لا تحتويه مساحة مكانية محددة، فهو يمتد ليشمل كل القارات واللغات والمعتقدات والأجناس والأعمار، دون لقاء حقيقي أو تيقن من حقيقة المتصل فهناك أكثر من 500 مليون مستخدم نشط لفيسبوك من اجمالي 835 مليون مشترك. وللفيسبوك مزايا عديدة ومهمة يستفيد منها مشتركوه، مثل البحث عن الرفاق القدامي وإعادة التواصل معهم، الاتصال بالأصدقاء في أي وقت مهما كان التباعد الجسدي ابقاء الأسرة والمعارف علي علم بما يحدث ويجد الدعاية الشخصية والتجارية والسياسية والاجتماعية والفكرية والعقائدية، وتكوين صداقات جديدة ومتنوعة من خلال الانضمام إلي مختلف المجموعات والتجمعات التشارك مع الآخرين في الموسيقي المفضلة ومقاطع الفيديو والصور. إلا أن هناك من سلبياته الشيء الكثير مثل إتاحة البيانات والصور الخاصة علي الملأ وتعرضها لإساءة الاستخدام، اقامة علاقات عن طريق الخطأ مع أشخاص سيئي النوايا، تلقي النشرات الاخبارية غير المرغوبة عن أنشطة الاصدقاء علي فيسبوك ونشر مستندات وظيفية تحظر قوانين العمل نشرها والتفريط فيها، اتاحة المعلومات الشخصية التي تطلبها بعض التطبيقات من مشتركيها، ايضا، ادمان فيسبوك وقضاء ساعات طويلة بداخله باعتباره المتنفس الوحيد للتعبير عن الذات خاصة للاشخاص الانطوائيين وهو مايزداد في البلدان العربية التي يصعب فيها التواصل الحقيقي والحر مع الآخرين ومن الضار عدم شفافية التعامل مع فيسبوك ذلك إنه يستحيل التيقن من هوية الاصدقاء ومكانهم مما يجعل الانجراف في تجمعات وتحركات امرا فيه من المغامرة الشيء الكثير فقد تكون النداءات والدعوات من جهات معادية وأجهزة استخبارات. لكن لماذا الكلام الآن عن فيسبوك؟ احصائيا وجد أن 47٪ من مستخدمي فيسبوك يقل عمرهم عن خمسة وعشرين عاما، وان نسبة مستخدميه حتي ما دون الخمسة والثلاثين عاما تبلغ 74٪ وهي أرقام شديدة الدلالة علي أن مستخدمي فيسبوك في معظمهم من الشباب صغير السن الذي تغلبه الانطوائية والذي يعجز عن التفاعل الحقيقي مع المجتمع المحيط أما عندنا فالحال شديد الغرابة فمستخدمو فيسبوك فيهم من تخطوا هذه السن بكثير وأصبح إدمانه متنفسهم الوحيد وماخرج من هذا الفخ اعضاء هيئات تدريس بالجامعات ممن اعتبروه وسيط نقل ما يتصورونه خلاصة افكارهم وإبداعاتهم وفلسفاتهم وتفرداتهم ومواقفهم التي يرونها ثورية فيسبوك وسيلتهم المجانية للنشر وايضا لتأليب الطلاب المتابعين لهم لو بحسن نية من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات من نحي البحث العلمي جانبا وتفرغ لقعدة فيسبوك بالساعات. لقد أحدث فيسبوك تغييرات جوهرية في الدول العربية ذات الانظمة القمعية بعد ان ضاقت سبل التعبير الحقيقي أمام ملايين المثقفين والشباب. لكن هل كانت هذه التغييرات وليدة مجموعات وتجمعات متجانسة متحدة حقا في الأفكار والمرامي؟. لم يغير فيسبوك الحياة في الولاياتالمتحدة حيث نشأ ولا في أوروبا واليابان لكنه استأسد في مصر هل هي مصادفة؟ لابد ان نتساءل ونتفهم ونحترس فالمستخبي اكثر مما بان وما هو آت أخطر مما حدث. فيسبوك في نسخته المصرية غناء في الحمام وحوارات من وراء حجب مرتادوه يجدون في أنفسهم فلسفة وفكرا وشجاعة وفنا ورقة ومشاعر مرهفة يديرون حوارات ويفتحون مواضيع يعجزون عنها اذا تواصلوا في الحقيقة والواقع، فيلم يحاكي الواقع وما هو بواقع كلام ودوشة وسخونة عن بعد تقابلها برودة اذا تلاقي فرقاء فيسبوك وضع عجيب نجح فيسبوك في تحقيق تواصل اخباري لكنه اجتماعيا موهوم غاب عن مرتاديه ان قدرة الانسان علي التلاقي تولد معه وتنمو بالممارسة الحقيقية بالتفاعل مع بشر عن قرب يستحيل ان يقرب فيسبوك من يفتقدون القدرة علي الود وحسن المعاشرة. المواقع الاجتماعية ومنها فيسبوك فيها الخداع والكذب ضحاياها بغير حصر، كثيرون يظهرون فيها بغير حقيقتهم عن بعد ومن وراء ستر يكتبون برقة، بظرف، بفبركة، بفزلكة، يعطون من طرف اللسان حلاوة ويروغون عند الجد كما يروغ الثعلب المنافق والكاذب والمرتزق والوصولي من ضمن كائنات المواقع الاجتماعية هي غايتهم وملعبهم وسيلة دعايتهم الشخصية مجانية وسهلة كلمتين وحكايتين واستظرافتين. لا أجلس علي مقهي فيسبوك، لكن أتابع مرتاديه، خاصة من اعرفهم، لما أقرأ تنهداتهم وتأوهاتهم وتأملاتهم اتيقن من وهمه لست ضد فيسبوك. يستحيل لكن الحذر واجب جدا جدا لا لفيسبوك السباب والشائعات والنميمة والارتزاق لا لمقهي فيسبوك واهلا بفيسبوك المعلومات المفيدة والتعاملات السوية، لا مواعيد، لا بيع ولا شراء ولا زواج ولاطلاق.. خفيف.. خفيف. كلام فيس بوك مدهون بزبدة، غالبا،،