قرأت رسالة الملعون, المنشور منذ فترة طويلة, واود ان أوضح ان مواقع التواصل الاجتماعي والدردشة اصبحت نمطا لتعاملات من افتقدوا التواصل الحقيقي والسوي مع مجتمعهم فهربوا الي التعامل الافتراضي دونما تواصل حقيقي واضح وصريح, ولنر في فيس بوك مثالا. فيس بوك هو اكبر تجمع علي الكرة الارضية لا تحتويه مساحة مكانية محددة, فهو يمتد ليشمل كل القارات واللغات والمعتقدات والاجناس والاعمار, دون لقاء حقيقي أو تيقن من حقيقة المتصل. هناك اكثر من005 مليون مستخدم نشيط للفيس بوك. أما عن ايجابيات وسلبيات فيسبوك. فهناك من المستخدمين من يغرمون بفيس بوك وينفقون ساعات في استعراض بيانات وإضافات الآخرين, في حين ان هناك من لايتقبلونه علي الرغم من أنهم يجيدون استخدامه. ومن ايجابيات الفيس بوك يمكن ان نورد ما يلي: البحث عن الاصدقاء القدامي واعادة التواصل معهم. الاتصال بالاصدقاء في اي وقت مهما كان التباعد الجسدي. ابقاء الاسرة والاصدقاء علي علم دائم بما يحدث ويجد. الدعاية الشخصية والتجارية والسياسية والاجتماعية والفكرية والعقائدية. تكوين صداقات جديدة ومتنوعة من خلال الانضمام الي مختلف المجموعات والتجمعات. التشارك مع الاصدقاء في الموسيقي المفضلة, ومقاطع الفيديو والصور. إلا أن هناك من السلبيات ما يبعد الكثيرين عن الانضمام للفيس بوك: انهمار سيل من طلبات الصداقة غير المرغوبة من أناس غير معروفين. إتاحة البيانات الخاصة والصور علي الملأ وتعريضها لاساءة الاستخدام. إقامة علاقات صداقة عن طريق الخطأ مع اشخاص سيئي النوايا. تلقي النشرات الاخبارية غير المرغوب فيها عن انشطة الاصدقاء علي فيس بوك. تلقي رسائل إعلانية مزعجة علي البريد الالكتروني. نشر مستندات وظيفية تحظر قوانين العمل نشرها والتفريط فيها. تطلب تطبيقات عدة لعديد من التفاصيل الشخصية التي يتحرج المستخدم عادة من اتاحتها. ادمان فيس بوك وقضاء ساعات طويلة معه, وجعله المتنفس الوحيد للتعبير عن الذات خاصة للاشخاص الانطوائيين, وهو ما يزداد في البلدان العربية التي يصعب بها التواصل الحقيقي والحر مع الاخرين. عدم شفافية التعامل مع فيس بوك, ذلك أنه يستحيل التيقن من هوية الاصدقاء ومكانهم, مما يجعل الانجراف في تجمعات وتحركات أمرا فيه من المغامرة الشئ الكثير, فقد تكون النداءات والدعوات من جهات معادية واجهزة استخبارات. إحصائيا وجد أن74% من مستخدمي فيس بوك يقل عمرهم عن خمسة وعشرين عاما, وأن نسبة مستخدميه حتي ما دون الخامسة والثلاثين عاما تبلغ47%. وهي ارقام شديدة الدلالة علي ان مستخدمي فيسبوك في معظمهم من الشباب صغير السن الذي تغلبه الانطوائية والذي يعجز عن التفاعل الحقيقي مع المجتمع المحيط. أما عندنا فالحال شديد الغرابة, فمستخدمو فيس بوك فيهم من تخطوا هذه السن بكثير وأصبح إدمانه متنفسهم الوحيد, وما خرج من هذا الفخ اعضاء هيئات تدريس بالجامعات ممن اعتبروه وسيط نقل ما يتصورونه خلاصة أفكارهم وإبداعاتهم وتأوهاتهم وتنهداتهم وفلسفاتهم وتفرداتهم ومواقفهم التي يرونها ثورية. فيس بوك وسيلتهم المجانية للنشر وايضا لتأليب الطلاب المتابعين لهم لو بحسن نيه. من الطبيعي في إطار فوضي اليوم أن تكون دعاوي انتخاب القيادات الجامعية منتشرة عبر فيس بوك علي ما فيها من نشاز وشذوذ وإهدار للقيم والاخلاقيات الجامعية المعتبرة في العالم اجمع. إن ظاهرة اساتذة فيس بوك تستحق ايضا دراسة نفسية واجتماعية, فاعضاء هيئات التدريس بالجامعات فيهم من ترك البحث العلمي أو ركنه جانبا, وتفرغ لقعدة فيس بوك بالساعات. بعد ان شاب شعرهم وسقط. لقد احدث فيس بوك تغييرات جوهرية في الدول العربية ذات النظم القمعية بعد ان ضاقت سبل التعبير الحقيقي امام ملايين المثقفين والشباب. لكن هل كانت هذه التغييرات وليدة مجموعات وتجمعات متجانسة متحدة حقا في الافكار والمرامي؟ هل يظل ما ينشر علي فيسبوك من وثائق بمنأي عن المساءلة القانونية التي يجب ان تلاحق كل مخالف كما في الولاياتالمتحدةالامريكية واوروبا؟ لم يغير فيس بوك الحياة في الولاياتالمتحدة حيث نشأ أولا في اوروبا واليابان, لكنه استأسد في مصر. هل هي مصادفة؟ لابد أن نتساءل ونتفهم ونحترس, فالمخفي أكثر مما ظهر, وما هو أت أخطر مما حدث. أ. د حسام محمود أحمد فهمي أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس مدونتي: ع البحري www.atbahary.blogspot.com