قبل 4 سنوات تقريبا حضرت مباراة أم درمان المشؤمة التي راح ضحيتها العلاقات بين جماهير مصر والجزائر، ولا أريد القول بين الشعبين والدولتين، وبعد 4 سنوات أشاهد السيناريو نفسه بغبائه وبلادة كاتبيه، والتغيير الوحيد هو وضع سوريا وأحيانا فلسطين محل الجزائر. ولأنني كنت من الذين وقعوا في "شرك" الأزمة الأولي، فقد نفخت في "زبادي" الأزمة الثانية، لاعتقادي الراسخ أن كل الحكومات وأي نظام سياسي وجميع أجهزة الشائعات في الوطن العربي، حتما إلى زوال، وتبقى في كل مرّة علاقات الشعوب متجاوزة أي أزمة، لأنها في الأول والأخير أزمة مصنوعة، بل وصار مصدرها معروفا، وأصبحت أساليب افتعالها محفوظة. نعم الشعوب العربية فيما بينها تستطيع أن تتجاوز مثل هذه الأزمات لأن الأواصر التي تربط بين الناس على اختلاف جنسياتهم العربية لا تتوافر للجهات الرسمية من تزاوج وتصادق وزمالة عمل وتجارة مباشرة. ولأننا شعب معروف ب "طيبته"، فإنّ عمليات "ابتزاز مشاعره" تتم بحرفية عالية، مما يؤتي الأثر المطلوب بسرعة، ولكن الحمد لله فقد كان التجاوب الشعبي هذه المرّة حذرا وواعيا.. لأن الكثيرين أصبحوا لا يثقون في الإعلاميين من فصيلة "الردّاحين" الذين يعلمون بحرائق "المباني" قبل اندلاعها. من يتصور أن طيبة هذا الشعب سذاجة ستجعله يبتلع الطعم في كل مرّة، هو الساذج الحقيقي .. سيبقي هذا الشعب بحضارته وقيمه وتاريخه مضيافا وكريما مع كل زائريه سواء كانوا سائحين أو لاجئين، أما المخطئون فلهم قانون يسري عليهم كما يسري على جميع المصريين. لقد جاءت أزمة الجزائر ولم يكن يشغل قطاعات كثيرة سوى كرة القدم وحلم الوصول لكأس العالم، أما أزمات اليوم فتأتي وكل واحد منّا يحمل جرحا أليما داخل قلبه، يمزّق أوصاله لدرجة أن افتعال القضايا من حوله لن تشغله عن حقيقة ما يدور، ولسان حاله يقول: العبوا غيرها ! [email protected]