وكأن الحياة كانت وردية قبل52 يناير حتي نلعن الآن الثورة ومن قام بها ويوم انطلاقها, وكأننا كنا نعيش أروع أيام حياتنا قبل أن يهب الشعب المصري ثائرا حتي نذرف اليوم دمع التماسيح علي ما مضي من عمرنا, وكأننا افتقدنا حياة ديمقراطية, وودعنا حرياتنا التي كنا عليها, وكأن ثورة الشعب المصري الذي هب بدءا من هذا التاريخ هو الذي أمر أعضاء جهاز البلطجية التابع لأمن الدولة والحزب الوطني ليروع الناس في بيوتهم, وكأن الاقتصاد المصري كان ثابتا ومستقرا, حتي نالت يد الثوار الغادرة بمجموعة من الفاسدين المفسدين الذين تلاعبوا بأموال الشعب وقوته وأرضه, وكأن الحياة كانت أجمل في ظل جهاز أمني كان شغله الشاغل مطاردة المواطنين وخصوصياتهم. نحن أمام حملة إعلامية منظمة ومدروسة هدفها فقدان الشعب بقيمة ثورته, وليتمني العودة إلي ما قبل هذه الثورة, ولم يسأل أحد نفسه لماذا يتسرب في الوقت نفسه أعضاء بارزون في الحزب الوطني إلي أجهزة الإعلام لتولي مسئوليات مهمة, ومحاولة تكبيل الاعتصامات, والترويج للمصالحة المالية مع مسئولين أثبتت الشواهد فسادهم, وانشغال الأجهزة الرقابية بمثل هذه القضايا التي لن تسفر عن شئ محدد, والتأخر في فتح ملفات من أفسدوا الحياة السياسية, والتباطؤ في محاسبة من قاموا بترويع المواطنين بسلاح البلطجية, أو قتل المتظاهرين بالرصاص الحي, ولا حتي للمتسببين في أحداث فتنة أطفيح, ولا نفهم' يعني إيه' مصالحة في جريمة قطع أذن مواطن, وأن يبارك هذا التصالح فضيلة شيخ الأزهر. ولا زلنا حتي الآن لا نفهم المقصد من إشغال الشعب كله باستفتاء أثبتت الأيام ألا طائل من ورائه بصدور إعلان دستوري, إلا إذا كان المقصد هو تحجيم الثورة معنويا في تقليص مؤيديها إلي نسبة22% من الشعب, ولا نفهم أيضا سر الحملة الشعواء علي المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات, والمستشار الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام ومطالب تغييرهما, وتستمر متابعتنا بكل حسرة لعمليات التجميل الإعلامية لأركان النظام السابق, ومحاولات وصم شباب الثورة بالبلطجة بالإشارة خبثا وتلميحا إلي أنهم وراء استشهاد ألف فرد من جهاز الشرطة( أي والله جعلوهم ألف شهيد), في الوقت الذي يصر فيه البلطجية علي مطاردة الدكتور البرادعي المؤمن بالثورة, بالتوازي مع محاولات النفخ في صورة الفريق شفيق الذي كان عقبة في طريقها. وزارة البلطجية بقياداتها السياسية من بعض قادة الحزب الحاكم السابق, وقياداتها الأمنية التي تنتمي لجهاز امن الدولة المنحل, لا تزال ترتع كما يحلو لها في مقدرات هذا الوطن, ومن خلفها وسائل إعلام لا مهمة لها ليل نهار إلا بث العسل في السم, بتخويفنا مرة, والانتقام منا مرات, والتأكيد علي أن الثورة هي سبب كل البلاوي. وإن كنت لم أتشكك لحظة في أن الجيش هو حامي هذه الثورة, بداية من رفضه ضرب المتظاهرين, ومرورا بمساعدة الرئيس السابق علي اتخاذ قراره بالتنحي سلميا, وانتهاء بتشكيل حكومة تكون أمينة علي تحقيق مطالب الثورة, إلا انني أجده في أحيان كثيرة حائرا مثلنا, و يتفاجأ مثلنا بكل هذه التصرفات والقرارات, ولكنه كمؤسسة منضبطة يحاول مواجهتها دون علانية, ربما لأسباب أمنية, ويرفض تماما محاولات الوقيعة بينه وبين الشعب الذي قام بثورة تاريخية. ولذلك سأخرج اليوم في جماية الجيش إلي ميدان التحرير مع أولادي وأخوتي في محاولة جادة لإنقاذ ثورة الشعب, التي تنادي اليوم كل من نزل إلي الميدان, وكل من اكتفي بالدعاء لها بالنجاح, لنشد من عضد جيشنا لأن يمضي في طريق الإصلاح, سأنضم اليوم مع أبنائي وأخوتي إلي ميدان التحرير لأقول بملء الفيه أن ثورة شعب مصر بريئة من التسبب في تعطيل البلاد والعباد, وسأهتف بعلو صوتي مطالبا بتطهير الثورة من محاولات الانتهازيين الركوب عليها, وسأوجه مع شباب الثورة إنذارا أخيرا إلي وزارة البلطجية والمسئولين عليها من وراء ستار أراه اليوم قد صار شفافا يكشف تفاصيل وجوه كل من يقف خلفه. [email protected] المزيد من أعمدة أسامة إسماعيل