الابتعاد عن السياسة وإثارة المواطنين والدعوة إلي قيم الإسلام الصحيحة الداعية للسلام ونبذ العنف وحرمة الدماء.. كانت هذه بعض التعليمات التي بعثت بها وزارة الأوقاف في بيان للدعاة وأئمة المساجد بخصوص الخطب والدروس الدينية. وشددت علي طلبها من أجل تغليب مصلحة الوطن والبعد بالمنابر عن الشحن وحالة الاحتقان الشديدة التي تهدد أمن المجتمع والحفاظ علي حرمة المساجد وعدم التعرض لأي موضوعات تثير الاختلاف في المساجد. وانطلاقا من دعوة وزارة الأوقاف ومن قبلها دعوات ومبادرات الأزهر الشريف لنبذ العنف والمصالحة والتهدئة فإنه يتضح الدور المهم الذي يقع علي عاتق المؤسسات الدينية نظرا لمكانتها ودور رجالها في ترسيخ مفاهيم المصالحة والتهدئة وحقن دماء المواطنين. في البداية يقول الدكتور شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوة أن الخطاب الديني لابد أن يعود للوسطية التي كان يتسم بها من قبل أما في الفترة الأخيرة أصبح خطابا منحازا وموجها لفصيل بعينه. وتحدث عبد اللطيف عما وصفه ب أخونة الأوقاف, مشيرا إلي أن الإخوان حاولوا السيطرة علي الوزارة من أجل السيطرة علي المساجد والأئمة سيطرة تامة وفرض وجهة نظر ورأي معين, وطالب الوزير الجديد بضرورة تطهير الوزارة من الأخونة التي سكنتها خاصة وأن تأثير ذلك ظهر بالفعل علي الخطب الدينية في المساجد. ويضيف قائلا إنه علي الإمام والداعية أن يقف علي مسافة متساوية من جميع الأطراف علاوة علي اعتدال الخطاب وعدم انحيازه لأي طرف أيا كان, مشيرا إلي وجود العديد من القضايا التي يمكن من خلالها خدمة الأمة دون الدخول في معترك السياسة وضرب مثلا بقضايا الانتاج والدعوة للعمل وقضية الأمن والتركيز علي المصالحة وتضييق هوة الخلافات بين الأطراف وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة التي تخالف صحيح الدين لابراز الصورة الحقيقية للإسلام حتي يكون للدعوة دورها وإسهاماتها المنوطة بها. ويري عبد اللطيف أن البعض اخترق حرمة المساجد سواء بالأحاديث السياسية الخالصة التي طغت علي الخطاب الديني أو المظاهرات والاعتصامات التي تسيطر عليها, ولكنه أكد أن ذلك لا يعني فصل السياسة تماما عن الدين لأن هذا لن يحدث ولكن يتوقف الأمر علي توظيفها لهدف معين أو لمصلحة فصيل معين. وتحدث عن دور الأزهر الشريف كمؤسسة دينية عريقة, مؤكدا أن النظام السابق كان يحارب الأزهر حربا شعواء وكأنهم يريدون هدم الأزهر لإعادة صياغته من جديد علي نمط تشددي يختلف عن الوسطية والاعتدال التي ينتهجها الأزهر, مشيرا إلي أهمية المبادرات التي أعادته لممارسة دوره الوطني في تهدئة الأوضاع. ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء أن الأزهر الشريف يعيش كل مشاكل مصر السياسية ويتفاعل معها ويتخذ خطوات كبيرة للقضاء علي العنف واختلاف الآراء من أجل اتفاق كل الفصائل والأطياف السياسية, مشيرا إلي إصدار الأزهر لعدة وثائق ومبادرات لتتوافق القوي السياسية وقياداتها فيما بينهم. ويؤكد عثمان أن الأزهر كمؤسسة دينية عريقة سيظل يؤدي دوره الوطني تجاه القضايا المجتمعية المختلفة مستخدما نفس المنهج الوسطي المعتدل الذي ينتهجه منذ بدايته ولم يتغير, وقال: الأزهر ليس له أي اتجاه سياسي ولا يميل لأي فصيل من الفصائل السياسية أيا كان توجهها. رابط دائم :