أكدت تقارير عالمية أن الأحداث الأخيرة في مصر قامت بتغيير المشهد السياسي بعد الربيع العربي ووصفتها بالأحداث التاريخية, خاصة بعد عزل رئيس منتخب ديمقراطيا, ورأت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية في افتتاحيتها بعنوان الحرية أن ثقة الشعب المصري بجماعة الإخوان المسلمين قد انهارت خلال الأشهر القليلة بعد وصولهم لسدة الحكم بالبلاد, في حين ظلت القوات المسلحة المؤسسة الوحيدة ذات المصداقية والموثوق بها لدي المصريين حيث أكد استطلاع رأي في مايو الماضي أن الجيش يحظي بنسبة تأييد94% مقابل28% للإخوان. ووفقا للتقرير فإن العلاقة بين الجيش والشعب المصري لديها تاريخ طويل وخاصة بعد ثورة يوليو التي أتت بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي السلطة في عام1952 فقد كان الجيش المصري الكيان الأكثر نفوذا في البلاد وهو واحد من أكبر الجيوش في القارة الأفريقية, وهذا الدعم الشعبي للمؤسسة العسكرية في مصر هو ما أدي إلي إحجام الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزعماء آخرين أن يعتبروا ما حدث في مصر انقلابا عسكريا واكتفي بالحث علي تشكيل حكومة مدنية منتخبة في أقرب وقت حيث أنه لا يمكن تحديد مستقبل مصر إلا من خلال طوائف الشعب وقد أجبرت قرارات الفريق أول والقائد الأعلي للقوات المسلحة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي أوباما لعقد محادثات طارئة في وقت متأخر أول أمس الأربعاء مع كبار المسئولين في إدارته وخاصة مع رئيس وكالة المخابرات المركزيةCIA جون برينان ووزير الدفاع تشاك هيجل, ما دفع البيت الأبيض أن يصدر بيانا يقول فيه إن الديمقراطية أكبر من مجرد انتخابات. واتفقت كلا من صحيفة نيويورك تايمز ووكالة الأسوشيتدبرس الأمريكيتين وصحيفة التايمز البريطانية علي الجيش قام بعزل الرئيس محمد مرسي استجابة لإرادة الشعب المصري الذي كان يعارض الأجندة والإيديولوجية للإخوان, وأوضحت التقارير أن تحرك الجيش ليس انقلابا عسكريا وإنما نزولا علي رغبة الشعب, وأن سلطة مرسي كانت تنهار قبل أن يعلن الجيش عزله بسبب عدم أهليته لمنصبه والوضع الكارثي للاقتصاد والجنيه المصري ونقص احتياطيات النقد الأجنبي ونقص السلع الغذائية الرئيسية وارتفاع التضخم والبطالة بين من هم دون24 عاما إلي أكثر من40% وغضب طوائف واسعة من المجتمع أدت الي مواجهات بين المؤيدين والمعارضين. ومن جانبها أوضحت شبكة فرانس24 في نسختها الإنجليزية, أن ردود الفعل العالمية تباينت بعد عزل محمد مرسي ما بين التفاؤل والقلق حيث أيد معظم دول الخليج قرارات السيسي ومنها السعودية وقطر والكويت والإمارات والبحرين ولبنان والسلطة الفلسطينية وسوريا في حين اكتفت إيران بأنها تؤيد إرادة الشعب المصري ودعمت كلا من روسيا والصين خيار المصريين بقوة, في حين جاء رد فعل واشنطن حذرا, وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالعودة إلي الحكم المدني بأسرع ما يمكن, ودعت العديد من القوي الغربية ومنها فرنسا وإيطاليا لعودة الحكم المدني أيضا, ووصفت كلا من تركيا وتونس ما حدث بالانقلاب العسكري غير المقبول دوليا, وأوضحت بريطانيا عدم تأييدها للتدخل العسكري ولكنها أبدت استعدادها للتعاون مع الحكومة المؤقتة بحسب ما قاله وزير الخارجية وليام هيج, في حين جاء رد فعل ألمانيا أكثر تشددا وخاصة بعد وصف وزير خارجيتها جيدو فيسترفيله ما حدث في مصر بأنه نكسة كبيرة للديمقراطية, وحث الاتحاد الأوروبي علي العودة إلي الديمقراطية ولكن من دون الإشارة إلي الجيش حيث كانت مسئولة الاتحاد كاثرين أشتون أكثر حذرا في تعليقها علي الأحداث, وأعربت كلا من قبرص واليونان وسويسرا وجورجيا دعمها الكامل للشعب المصري. وجاءت ردود أفعال المحللين السياسيين إيجابية حيث رأي كل من روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط وأريك تراجر الخبير في المعهد إن ما حدث في مصر يعطي فرصة ثانية لأوباما لتغيير سياسته الفاشلة تجاه دول الشرق الأوسط ويتعين عليه ألا يعتبر الإطاحة بمرسي انقلابا وألا يقطع المساعدات الأمريكية مضيفا أن ما حدث كان نتيجة لحقيقة أساسية أن الرئيس مرسي كان قد فقد السيطرة علي الدولة المصرية تماما وفي المقابل رأي المحلل البريطاني روبرت فيسك إن الإخوان المسلمون لن يختفوا أيا كان مصير مرسي وأن الجيش ليس البديل. وأعرب مشرعون أمريكيون عن ترحيبهم بعزل مرسي بما فيهم السناتور الديمقراطي باتريك ليهي رئيس اللجنة الفرعية بمجلس الشيوخ والتي تشرف علي المساعدات الخارجية والذي أبدي عدم اعتراضه علي استكمال إرسال المساعدات الأمريكية لمصر, ورأي النائب الجمهوري إد رويس رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب أن مرسي كان هو العقبة أمام الديمقراطية الدستورية التي يريدها معظم المصريين, وأعرب معظم النواب الجمهوريين عن دعمهم القوي للجيش المصري الذي يعد القوة الفعلية لاستقرار المنطقة والمؤسسة الوطنية الموثوق بها في مصر اليوم بحسب ما قاله السناتور الجمهوري أريك كانتور.