لا يحتاج أي مراقب محايد إلي وقائع كثيرة كي يبرهن أن أحزاب وجماعات الإسلام السياسي لا تصلح لحكم ولبناء دول, بل تصلح كمعاول هدم لتحطيم الأنسجة الاجتماعية والبني الثقافية للمجتمعات العربية والإسلامية, فبالله عليكم كيف ستحكم جماعة الإخوان المسلمين بلدا كسوريا أو العراق أو لبنان أو حتي مصر؟! نعم كيف ستحكم هذه الدول وهي تكفر وتدعو لقتل أفراد الطوائف من غير أهل السنة, بل وكل من يعارض أنظمة حكمهم. كيف لهؤلاء أن يحكموا وهم يقسمون الشعب من أهل السنة وبعد كل الفرز الطائفي والتكفير للجماعات الدينية غير السنية بين أخيار وأشرار ومؤلفة قلوبهم, فهم يتعاملون وفقا لمعادلة تقول من كان من جماعتنا ومتحزب في حزبنا فهو خير, وله كل الحقوق, وأما من كان غير ذلك حتي لو كان مسلما يصلي ويتعبد فهو ليس خيرا طالما ظل خارج الحزب, فهم يقولون أبناؤنا في الجنة, وأولئك في النار, والفريق الثالث فيه وجهة نظر! والواقع أن هذه القوي الساعية لتطبيق مشروعها الظلامي المناهض للتنوير والحداثة والحضارة والتقدم والتحولات السياسية والاجتماعية والثقافية العميقة والجذرية في مجتمعاتنا العربية, فضلا عن تزايد الاستقطاب والاصطفاف الطائفي وهستيريا التحريض المجنون الشرس ضد الشيعة وحزب الله, الذي تقوم به هذه القوي والعصابات بهدف إذكاء نار وفتيل بؤر الاحتقان والصراع الطائفي والمذهبي, وزرع الفتن الخبيثة في الجسد العربي, واشعال المعارك الداخلية علي طول وعرض الوطن العربي. انهم باختصار, يريدونها فتنة طائفية بين الشيعة والسنة. وما من شك ان ما تقوم به هذه القوي والعصابات المسلحة, المدعومة من مشيخة الخيانة قطر هو جزء من مشروع تفتيت وتجزئة وتفكيك دول المنطقة وتقسيمها الي دويلات وكانتونات طائفية ومذهبية متنازعة ومتخاصمة, وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعي لترسيخ السيطرة الامبريالية الأمريكية والاستعمارية الأجنبية علي المنطقة والثروات الطبيعية العربية, وما يماثله من مشاريع كونية تآمرية مرسومة. فبعد احتلال وتقسيم العراق وتدميره وتجزئته يريدون اشعال مصر واحراق لبنان من جديد وتفكيك سورية وتجزئتها وتغيير نظامها. وما أحداث العنف, التي شهدتها صيدا اللبنانية علي ايدي عصابات الفتنة التي يقودها المأفون الشيخ أحمد الأسير, وما جري في مصر من حادث طائفي بغيض وجريمة نكراء من قبل مجموعة من الشباب المنتمي والمؤمن بالفكر الإرهابي, الذين أعمت أبصارهم وقلوبهم فتاوي القرضاوي والعريفي وبقية الزمرة المأجورة, التي تنمي وترسخ الفتن, وخطاب البغضاء والكراهية والطائفية, وذلك بقتل زعيم الطائفة الشيعية حسن شحاتة والتنكيل بجثث شيعة آخرين تحت صيحات التكبير والتهليل, إضافة الي ما يجري في سوريا من قتل وإرهاب منظم واستباحة دماء وانتهاك أعراض, كل هذا هو تجسيد لمشروع الفتنة والتقسيم الطائفي المذهبي الاجرامي المتواصل المعادي لشعوبنا العربية ومصالحها وتطلعاتها ومستقبلها, الذي رسمته رأس الحية امريكا وتموله وتدعمه مشيخات النقط القطرية والخليجية. لقد ابتليت مجتمعاتنا وامتنا العربية الاسلامية بوعاظ السلاطين ومشايخ الفتن ومرتزقة الطائفية, الذين يمارسون الارهاب الفكري ويدعون للجهاد والزنا المباح تحت اسم نكاح الجهاد, ويدنسون شرف وقدسية الأمة بفتاواهم, ويقترفون الجرائم الدموية الوحشية والبربرية, التي يندي لها جبين الانسانية, من اجل تنفيذ مخططات أسيادهم في تدمير الشعوب العربية وتجزئة الاوطان العربية. وهؤلاء لايمتون بصلة للاسلام وتعاليمه, الذي حذر من الفتنة وقال عنها انها أشد من القتل. والآن فإن الدور المنوط بالقوي المدنية الديمقراطية التحررية في هذه المرحلة العصيبة, التي تمر بها منطقتنا وشعوب أمتنا, هو التصدي بكل حزم وصلابة لمشاريع التجزئة الخطيرة والوقوف بوجه طوفان المد الطائفي الزاحف الذي سيحرق الأخضر واليابس.