ليس مقبولا أن يرجع المسئولون كل ما يحدث في مصر الآن إلي ما يسمي بهموم المرحلة الانتقالية وكأننا نرفع راية العجز في كل مرة باسم الثورة. وإذا كان من الطبيعي أن تعاني مصر هموم تلك المرحلة فلا يمكن أن تظل دون رؤية اقتصادية تخفف علي الأقل أعراضها, وبدلا من أن يسارع النظام الحاكم إلي خطة إنقاذ جاذبة للمستثمرين بقليل من التشجيع والحوافز اقتصر تخطيطه وإنقاذه علي سياسات مد الأيدي; مما وضع مصر في مأزق يبين للجميع أن ثورتنا كانت سياسية ولم تكن صرخة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وهو ما يمكن اعتباره تشويها متعمدا للسياسة وتدميرا للاقتصاد وخلخلة للنظام الاجتماعي وبتر أسس الأمن في الشارع وإصابته بالفوضي العارمة. وبمجرد أن خفضت مؤسسة' ستاندرد أند بورز' التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر من(B-) إلي(CCC+) والتصنيف الائتماني قصير المدي من(B) إلي(C) في ظل المخاوف المصرية والعالمية لم يقدم رئيس الوزراء ما يمثل رسالة لتقليلها وإنما وقف أمام المؤتمر السنوي لمحافظي البنك الأوربي باسطنبول ليقول إن مصر تعاني الفقر والبطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة لمواجع المرحلة الانتقالية دون أن يقدم أي تصور يمكن أن يقنع المؤسسات الدولية بأن الاقتصاد المصري ما يزال علي الخريطة, وأن حكومته يمكن أن تقدم للمصريين أو المانحين الدوليين استراتيجية مستدامة متوسطة الأجل لإدارة الاحتياجات المالية الداخلية والخارجية د, وهذا بالطبع سيدمر آمال الحصول علي قرض صندوق النقد بقيمة4.8 مليار دولار ويزيد الضغوط المالية,ويكاد يعكس رغبة النظام الحاكم لنسف الثورة التي تمت سرقتها للتنكيل بها وتشويه صورتها والتمثيل بجثة أهدافها. ويبدو أن الرئاسة والحكومة وما يرتبط بهما من مؤسسات وقوي سياسية يصران علي إظهار العجز المصري دون محاولة لتحسين الصورة بتنفيذ سياسات تلبي الأهداف المالية والاقتصادية والاستثمارية لتحقيق الإصلاح والحفاظ علي السلام الاجتماعي وتأكيد أن ما شهدته مصر رفضا للنظام السابق بكوارثه وفساده بداية للتغيير الحقيقي من الحياة اليومية للمواطنين واستقلالهم في اتخاذ قراراتهموحياتهم الخاصة, إنطلاقا نجو الأهداف الكبري التي يمكن أن تستوعب ما كان يتردد صدقا أو كذبا حول النهضة وخلق مجتمع جديد, إلا أن ذلك تلاشي أمام قصر الإصلاح علي التمكين السياسي الذي يشبه توريث النظام السابق والانتقام من صناع الثورة الحقيقيين والتنكيل بدعاة الإصلاح وإقصاء كل صاحب فكرة لا تخرج من رحم العشيرة وشعائر السمع والطاعة. هذا كله جعل مصر في مرمي النيران التي تلاحقها بخفض تصنيفها الائتماني وتعجيزها بالشروط التي تضرب سلامها الاجتماعي لأن أولو الأمر لا يفكرون إلا في القرض والديون والتسول علي جميع أبواب المال المحلية والعربية والدولية وكأنهم يقولون للعالم كله:' نحن دولة فاشلة ونحن حكام عاجزون'. [email protected] رابط دائم :