تمر الأيام والليالي والأشهر ويهل علينا شهر الله رجب لينبه الأمة بأنها علي أبواب الأيام المباركة التي يجب استغلالها والاجتهاد فيها بالعبادات والطاعات والإكثار من أعمال الخير حتي يري الله منا ما يرفع به كثيرا من الابتلاء والمصائب وكأن الله سبحانه وتعالي يمن علي الأمة بتلك الأيام لتكون فرصة لمراجعة النفس والمحاسبة والتوبة قبل فوات الأوان لقوله تعالي ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون( وح في البداية يؤكد الدكتور ابراهيم الهدهد نائب رئيس جامعة الازهر أن الرسول صلي الله عليه وسلم ينبه الأمة إلي أيام فضائل الاعمال بقوله إلا أن في أيام دهركم لنفحات فتعرضوا له ولا سيما شهر رجب فكان صلي الله عليه وسلم يكثر الصوم فيه لينقل للأمة فقه التدريب والترويض للنفس حتي إذا أقبل رمضان كانت قد اعتادت العبادة الشاقة وأشق التهذيب والتربية تربية النفس وتهذيبها بما هو أحب إليها من الشهوات والملذات فمن أعظم تقويمها تدريبها علي حرمان ما تحبه فمن أجل هذا كان النبي صلي الله عليه وسلم يعد نفسه لشهر رمضان منذ مطلع رجب, وهو الذي رباه الله علي عينه حتي يوجه الأمة بذلك وهو انه لا نفس فوق التدريب ولا نفس فوق الترويض وكان صحابته صلي الله عليه وسلم يتأسون به في مثل هذه الأعمال وكان صلي الله عليه وسلم ينبه الأمة إلي أن الأشهر الثلاثة تعمها النفحات الربانية والعطايا الالهية وهذا ما لا تمكن معرفته إلا عن طريق الوحي وكانت هذه النفحات من رب العلي جائزات يعرضها لخلقه حتي يتنافس في الحصول عليها المتنافسون, ويسعي إليها الساعون, فلا يحرم منها إلا محروم ولا يغتنمها إلا موفق, ويقول الدكتور محمد حرز الله إمام مسجد الحسين أن شهر رجب يذكر الأمة بالاسراء والمعراج والعون الالهي والمدد الرباني تتويجا لصاحب الدعوة صلي الله عليه وسلم علي جهوده. وإرسائه لقواعد البشرية علي الرحمة والعدل والمساواة, وهو الشهر الفضيل الذي خصه الله تعالي به انطلاقا للدعوة الإسلامية إلي الآفاق بعد الاسراء والمعراج حيث شرعت فيه أفضل الفرائض الصلاة وقال الرسول عنه في حجة الوداع إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض السنة اثني عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر جاء بين جمادي وشعبان, ويوضح حرز الله أن المسلم ينبغي عليه أن يستقبل هذا الشهر بالابتعاد عن المحرمات وألا يرتكب محرما في شهر الله الحرام بألا يكون قاطع رحم وألا يصر علي المعصية إنما يستقبله بقلب صاف وعقل مستنير وجوارح طيبة يقبل بها علي الذكر والدعاء والصيام في هذا الشهر فالنبي صلي الله عليه وسلم كان يصوم من شهر رجب وكان يقول اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان فشهر رجب مفتاح لأشهر الخير والبركة قال أبو بكر البلاقي شهر رجب شهر الزرع وقال بعض الصالحين. إن لله فيه عتقاء واغتنام هذا الشهر بالعمل غنيمة وانتهاز أوقات الطاعة فضيلة. ويوضح الشيخ عبداللطيف المناحي مدير مراكز الدعوة بوزارة الأوقاف أن رجب من الشهور التي فضلها الله لقوله تعالي في سورة التوبة إن عدة الشهور عند الله إثني عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم وأجمع العلماء علي أن هذه الشهور الحرم هي ثلاثة منها متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم والرابع رجب ويأتي منفردا ويسميه العلماء بشهر رجب الفرد والرسول صلي الله عليه وسلم رغبنا في الطاعة في هذه الاشهر بألوان كثيرة من الطاعات علي رأسها عبادة الصيام لقوله صلي الله عليه وسلم صم من المحرم واترك ولعل هذا الامر يشير إلي تهيئة النفس واستعدادها لشهر رمضان فبقدوم شهر رجب لم يتبق علي رمضان سوي أقل من60 يوما وينبغي أن نلاحظ أن النبي الكريم قال صم من المحرم واترك وفي هذا رد علي من يصوم شهر رجب كاملا فلو صام المسلم يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع وصام3 أيام في وسطه أيام15,14,13 وهي الثلاثة أيام القمرية أو صام يوما وأفطر يوما وهو صيام داود عليه السلام وهو أحب الصيام إلي الله كان قد أصاب السنة ولم يشق علي نفسه فالنبي لم يصم شهرا كاملا غير رمضان. فعلي المسلم ان يهييء نفسه لهذا الشهر بالتوبة الصادقة النصوح لله رب العالمين لقوله تعالي وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وقراءة القرآن والصدقة أيضا من العبادات التي يتقرب بها إلي الله. ويشير المناحي إلي أن رجب فيه من الاحداث التاريخية المهمة التي تربي في الأمة العزة والكرامة والثبات علي الحق والتضحية في سبيل نصرة الدين مثل حادثة الاسراء والمعراج في العهد المكي وغزوة تبوك العسرة في شهر رجب سنة9 هجرية ليكون المسلم دائما مستشعرا اعتزازه بدينه وارتباطه بتاريخه وتمسكه بهويته الاسلامية ومستعدا للبذل والعمل بما يصلح وطنه وأمته. رابط دائم :