يعتبر مؤتمر هرتسيليا أحد المنابر الصهيونية المهمة في قراءة التوجهات السياسية الاسرائيلية المستقبلية, كما يشكل احدي ركائز صناعة القرار في دولة الاحتلال, لاسيما أن المشاركين في المؤتمر سنويا, أغلبهم ينتمون الي مؤسسات صنع القرار السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي, اضافة الي نخبة من الأكاديميين,فضلا عن خبراء من الولاياتالمتحدة وأوروبا( أصدقاء إسرائيل). أول مايستوقف المرء في قراءة نتائج مؤتمر( هرتسيليا),هو وقوع المشاركين في المطب, الذي وقع فيه الصحفي الأمريكي المخضرم توماس فريدمان, عندما نشر قبل فترة مقالة في صحيفة نيوريوك تايمزأشار فيها الي أن الولاياتالمتحدة, لم تعد تولي المنطقة الأهمية المطلوبة, بسبب اكتشافات النفط في الاسكا وغيرها من أراضي الولاياتالمتحدة. خلاصة مؤتمر هرتسيليا,جاءت كالتالي: الولاياتالمتحدة مازالت منشغلة بمشاكلها وتنطوي علي ذاتها في الشرق الأوسط واحتمالات نجاحها في المنطقة ضعيفة, وهي من ناحية استراتيجية تتجه من الشرق الأوسط إلي أوروبا وآسيا. وباختصار نقول: نعم مازالت الأزمة المالية الكارثية وانعكاساتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية, وتؤثر بهذا القدر أو ذلك علي الفعالية الأمريكية في القضايا العالمية وخاصة قضايا الشرق الأوسط كما أن أزمة منطقة اليورو تتداخل بهذا القدر أو ذاك مع الأزمة المالية الأمريكية لأسباب ذاتية وموضوعية, بحكم الترابط العميق بين أقطاب العولمة وشركاتها فوق القومية, وأيضا بحكم التحالف العميق بين أقطاب الغرب, ورغم مابينها من تناقضات وحرص أمريكا علي إخضاع حلفائها لاجندتها السياسية والاقتصادية والأمنية. أما إيلاء الاهتمام بآسيا, فهو أمر راسخ في السياسة الأمريكية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. ولعل التدخل الامريكي المباشر وغير المباشر في الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي, وفي دول جنوب شرق آسيا والنمور الخمس, دليل بغير حاجة الي بيان, وكذلك الحال فان التدخل غير المباشر في الصراع الصيني الياباني لم يتوقف يوما. والواقع ان كل ماتقدم من حجج وأسباب, لايلغي بالنسبة للولايات المتحدةالامريكية الاهمية الحيوية للعالم العربي ولمنطقة الشرق الأوسط الكبير لأن النفط مكتشف في الاسكا وغيرها منذ زمن بعيد, كما ان المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط, وبخاصة في دوله العربية لاتقتصر علي النفط بل هناك النفط وعائداته وسوق المنطقة وإسرائيل والموقع الاستراتيجي في الصراع مع الأقطاب الدولية الأخري. كما أن زيارة أوباما في مطلع ولايته الثانية لاسرائيل ودولة فلسطين والأردن تكشف الأهمية, التي توليها الادارة الامريكية للمنطقة. حقيقة الأمر أنه لايمكن الجزم بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتجه الي انطواء علي الذات, والابتعاد عن التدخل في شئون المنطقة, والمتابع للعلاقات الامريكية العربية وخاصة مع الدول, التي شهدت ثورات وتغييرات وتسلم مقاليد الأمور فيها جماعة الاخوان المسلمين, يري بأم عينيه, أن الولاياتالمتحدة لاعب مركزي في أحداث المنطقة,وأن إسرائيل شريك معها بحجم ماتسمح به الادارة الامريكية. لكن القيادة السياسية والأمنية الاسرائيلية, كانت علي تماس مباشر مع نبض القرار الامريكي في المنطقة, ومازالت القيادة الاسرائيلية, رغم ماشاب علاقتها مع إدارة اوباما من ارباكات وتعثر,أمكن تجاوزه في الزيارة الأخيرة,أو هكذا يفترض, لأن الهدف الامريكي الاسرائيلي الغربي الأوروبي يقوم علي إعادة فك وتركيب وصياغة المنطقة علي أسس جديدة أسس طائفية ومذهبية وعرقية,تصب في مصلحة إسرائيل مباشرة. رابط دائم :